Advertise here

الاتحاد العمالي العام / بقلم غازي العريضي

23 أيلول 2019 08:55:29

الإتحاد العمالي العام أهم أداة نقابية لبنانية. دورها معطّل لأن الحياة السياسية معطّلة واللعبة الديموقراطية شبه ميتة. نحن أمام تحالفات سياسية غريبة عجيبة. تحالف أكثريات حيث تكون المصالح والمحاصصة هنا، وتحالف أقليات في السياسة يحاول التمدّد ليصبح تحالف أكثرية هنا!! وعلى مستوى الانتخابات الطلابية والاتحادات الشبابية والنقابية في قطاعات مختلفة، تحالفات على "القطعة" لا يفسرها عقل "موزون" ولا يفهمها عقلاء!! تحالفات آنية موضعية متناقضة في الموقع ذاته وأبرز مثال ما يجري في الجامعات !! قوى متناقضة سياسياً تلتقي هنا. وهي نفسها تنقلب سياسياً لتلتقي هناك. ولا نتيجة فعلية ولا حركة نقابية ولا تأثيراً وإنتاجاً على مستوى المطالب التي ترفع خلال الانتخابات. تتقاتل وتتحالف لتحصل على موقع في مجلس فرع في كلية في الجامعة اللبنانية والجامعة بعض فروعها يموت أو يتراجع وأزماتها كبيرة، سبق أن كتبنا عنها. 

الاتحاد العمالي العام أساس الحركة المطلبية. السياسة معطلة. وهو معطّل لأن معظم الأحزاب فيه.  ويفترض أنها القوى الحية المحركة للقضايا الشعبية المطلبية الاجتماعية. هكذا ربينا فيها. هكذا عشنا العمل السياسي والشبابي والطلابي والنقابي في إطار تنافس جميل حرّ ديموقراطي قائم على أساس الأفكار والبرامج وانتخابات ولا أروع للوصول الى أداة نقابية تستخدم للدفاع عن حقوق الناس ومطالبها وتشكل توازناً مع السلطة. 

اليوم أحزاب السلطة موجودة في الحكومة. هي نفسها في المجلس النيابي. وهي نفسها في الاتحاد العمالي العام. المجلس لا يستطيع محاسبة الحكومة عندما يتفق أركانها وقواها الأساسية وتسود لعبة المصالح. والاتحاد لا يستطيع محاسبة السلطة فعلياً، ورغم ذلك فإن بعض أركانها لا يعترفون بوجوده ولذلك تمّ استبعاده عن اجتماع بعبدا لإقرار "الخطة الاقتصادية الإنقاذية" وانتهى الاجتماع الى لا خطة فعلياً ولا أمل بالانقاذ بسبب إصرارهم على حساباتهم ومصالحهم وسلوكهم الذي يشكو منه اللبنانيون والمسؤولون في الدول المانحة معاً. 

الاتحاد العمالي العام يجب أن يكون شريكاً في رسم هذه الخطط والسياسات الاقتصادية والمالية التي تؤثر في حياة اللبنانيين والفئات الشعبية منهم التي باتت تمثل الغالبية العظمى. لماذا استبعاده؟؟ لماذا عدم تفعيله؟؟ لماذا عناد البعض والإصرار على النظرة إليه من خلال محاولة السيطرة على رئاسته في إطار ممارسة طائفية فئوية ضيقة، والمهم هو الدور والنتيجة والفاعلية؟؟

نحن في الأحزاب مسؤولون عن إعادة تفعيل الحياة السياسية الديموقراطية، كل من موقعه وبحجم دوره. معنيون بفتح نقاشات وحوارات سياسية، اقتصادية، اجتماعية واسعة داخل مؤسساتنا وفيما بيننا، تؤدي الى طرح أفكار وبرامج تكون أساس النقاش والخلاف أو الاتفاق بيننا لما فيه مصلحة بلدنا، وبناء دولته القادرة، وتثبيت مبدأ الرقابة والمحاسبة فيها . والاتحاد العمالي العام ضرورة في حياتنا. وإذا تحدثنا عن الماضي البعيد أو القريب وتوقفنا عند تجربة الاتحاد والعمل النقابي عموماً في لبنان، فذلك لا يجوز أن يقرأه البعض حنيناً الى مرحلة فحسب، وليس في ذلك عيب أمام ما نراه، إنما يجب أن نستفيد منه كتجربة مشرقة في تاريخنا السياسي الوطني. هكذا كنا نلتقي من طوائف ومناطق مختلفة في مظاهرات وتحركات دفاعاً عن المزارعين، مزارعي التفاح والتبغ والحمضيات والفاكهة وغيرها... ولم يكن لتلك الزراعات هوية طائفية، ودفاعاً عن ديموقراطية التعليم ، ومطالبة بضبط ومراقبة الأسعار ومنع الفلتان في الأسواق ، وعن حقوق العمال في مواقع الانتاج المختلفة ، يكفي أن نتطلع اليوم الى ما حققه الاتحاد العمالي في تونس في تثبيت الاستقرار في البلاد وفي الحفاظ على الحريات. 

نحن أصحاب تجربة رائدة ينبغي تعزيزها وتطويرها. والاتحاد العمالي العام يجب أن يلعب دوراً طليعياً متجدداً فيها. 

تحية الى كل العمال والمناضلين النقابيين، ودعوة محبة صادقة الى الحريصين على الاتحاد أن يكون أركانه فاعلين متحررين من قيود الانتماءات الطائفية والمذهبية الضيقة، والى أركان السلطة الذين لبعضهم دور في تاريخ الدفاع عن الحريات أن يكونوا حريصين على تفعيل الأدوات المؤثرة في هذا المجال رافضين استبعادها وإلغاء دورها!!