Advertise here

مجموعة الدعم ومجموعة الزعم / بقلم غازي العريضي

19 أيلول 2019 06:05:00

منذ إقرار "سيدر" والدول تطارد المسؤولين في لبنان للوفاء بالتزاماتهم وتعهداتهم ووعودهم باتخاذ إجراءات إصلاحية جدية وقرارات جريئة في بنية الدولة وهيكليتها الإدارية والمالية. ولا حياة لمن تنادي. تفاقمت الأزمة حتى بلغت حداً من الخطورة لا يمكن التعامل معها بتبسيط أو بخفة أو بالتعبير عن النوايا، وما أدراك ما في الخفايا، أو باستمرار "الزعم" بأننا قررنا كذا وكذا، ويكون في ذلك شيئ من المبالغة وأشياء من عدم الصحة والدقة كي لا نستخدم تعبيراً آخر!!

شكلت "مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان". ماذا نريد أكثر من ذلك؟؟ وهل يعيش "الزاعمون" في لبنان على وهم أن العالم مجنّد لخدمتهم ومساعدتهم وإنقاذهم من خطاياهم وشرورهم "وشرودهم" ومساوئهم وإخفاقهم؟؟ وهل يعيش "الزاعمون" "الواهمون" على هذا الدعم وهم لا يقدمون شيئاً؟؟ لقد استمر تصرفهم على هذا المنوال لمدة تتجاوز السنة والنصف. فاحت خلالها روائح الفساد والفضائح أكثر فأكثر في البلد. ووصل كل شيئ الى الخارج. وتفاقمت فيها الأزمات المالية والاقتصادية، وساد مناخ من القلق حتى على الوضع الأمني بسبب تهوّر الزاعمين واندفاعاتهم غير المحسوبة وحسابات النكايات والتحدي وتصفية الحساب ومحاولات الإقصاء والإلغاء التي استهدفت قوى سياسية أساسية في البلاد ولها تاريخها ودورها وفعلها وكلمتها وحضورها. فبرز "الزاعمون" مجدداً في سوء التقدير والتدبير، والنكث بالوعود وعزّزوا إقاماتهم في أسر شهوات السلطة واتفاقات المصالح بين بعضهم حتى جاءنا السيد بيار دوكان الدبلوماسي الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات "سيدر". فأهانهم ووبخهم، ووجعهم وكشف عورات ممارساتهم ونبّه الى مخاطر سياساتهم ودعا الى الخروج من "الزعم" ليتلقوا الدعم!!

بعده، أصدرت مجموعة الدعم الدولية بياناً دعت فيه "القيادة الدستورية" الى معالجة المشاكل الاقتصادية ووضع البلد على سكة النمو المستدام خلال ستة أشهر والى "إصدار خطة شفافة للإصلاح والعمل بسرعة على تبني الاصلاحات المالية والهيكلية والقطاعية لتحسين الوضع المالي للحكومة، وتعزيز بيئة الأعمال العامة ودعم تطوير القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية والخدمات الأساسية بما فيها الخصخصة وتنفيذ إصلاحات في الحوكمة ومكافحة الفساد وتعزيز إجراءات الشفافية، وإصلاح قطاع الكهرباء ومواصلة التقدم في تنفيذ خطة هذا الإصلاح وإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة وتعيين مجلس إدارة فعال ومؤهل تقنياً لمؤسسة كهرباء لبنان وغيرها من التدابير لتحقيق الكفاية والشفافية والمساءلة..."

من كل هذا الكلام لم ير بعض "الزاعمين" إلا كلمة الخصخصة. هذا هو الثابت، وعدّتها جاهزة. وثمة اتفاقات جاهزة، لكنهم سيواجهون متاعب كثيرة لأن الزمن قد تغير. المسألة لن تكون بهذه البساطة. أما عن الكهرباء والهيئة الناظمة فقد جاء جواب بعض "الزاعمين" على بعض آخر منهم: "كنا أمام خيارين. هيئة ناظمة بلا كهرباء أو كهرباء بلا هيئة ناظمة. فأخذنا كهرباء بلا هيئة ناظمة"!!

عبقرية ما بعدها عبقرية ومزحة تتجاوز كل حدود الزعم هنا. هكذا قلنا لمجموعة الدعم. ثمة من يرفض الهيئة الناظمة وبالتالي من يرفض تطبيق القانون، نحن قبلنا وذهبنا الى ترتيب أمور الكهرباء بدون هيئة ناظمة، والنتيجة لا كهرباء ولا هيئة ناظمة بل حديث عن زيادة الفاتورة والتسعيرة بـ "زعم" جديد أن الأمور ستعالج خلال سنة!!

عيب وإهانة للبنان وصورته وسمعته كل هذه التصرفات التي أذهلت رئيس المجلس الاقتصادي الفرنسي الذي زار لبنان منذ أيام وقال في مجالسه ما يتجاوز أقوال ومواقف دوكان بعد الذي سمعه وإطلع عليه. فماذا تنتظر "مجموعة الزعم" في لبنان، بعد مواقف "مجموعة الدعم" والوافدين الينا من كل حدب وصوب؟؟