Advertise here

"جمول" جمال المقاومة / بقلم غازي العريضي

17 أيلول 2019 08:10:00 - آخر تحديث: 17 أيلول 2019 21:54:05

16 أيلول 1982، بيان إعلان "جبهة المقاومة الوطنية"، "جمول" ضد الاحتلال الإسرائيلي من منزل المعلم الشهيد كمال جنبلاط في بيروت بحضور القائد الكبير الشهيد جورج حاوي والرمز الوطني الكبير محسن إبراهيم. 

كانت إسرائيل قد احتلت  العاصمة. وتوهمت أنها حققت انتصاراً سياسياً كبيراً وفرضت شروطها على لبنان، بعد صمود أسطوري للقوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية ولأهل بيروت الذين تحملوا أسابيع من القصف الهمجي المجنون والحصار وقطع المواد الغذائية والمياه عنهم. من شوارع هذه العاصمة في وطى المصيطبة والحمرا والصنائع ومواقع أخرى أطلقت الرصاصات  الأولى ضد الاحتلال. بيان "جمول" كان الإشارة. وبدأت العمليات ضد الاسرائيليين الجبناء. من بيروت سيدة العواصم العربية، سيدة العروبة والمقاومة، بدأت هزيمة المشروع الاسرائيلي. لم تتمكن إسرائيل من حماية احتلالها وفرض إرادتها رغم كل ما فعلته وخصوصاً المجازر المروعة ضد الأخوة الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا. 

من بيروت بدأ العد العكسي، وانطلقت المقاومة التي فرضت في نهاية المطاف شروط لبنان على الاسرائيلي. أسقط اتفاق السابع عشر من أيار. طرد الاحتلال من أكثر من مكان. أعيد التوازن السياسي إلى المعادلة السياسية الداخلية،  وتراكم عمل المقاومة الوطنية ثم المقاومة الإسلامية حتى التحرير للأرض اللبنانية  وإسقاط صورة "الجيش الذي لا يقهر"، أي جيش الارهاب الاسرائيلي. ولم يدفع لبنان ثمناً سياسياً. كان انتصاراً كاملاً استثنائياً في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي. ولا تزال اسرائيل تعيش آثاره في كل نقاش حول لبنان أو استهداف له. وحاولت الانتقام عام 2006 وأصيبت بنكسة إضافية. وهي لا تزال تريد تكرار المحاولة لأنها "لم تبلع" ولن "تبلع" الهزيمة الشنيعة لجيشها على أيدي رجال المقاومة. ورغم كل المراحل التي مررنا بها لاحقاً والانقسامات التي عشناها ونعيشها والمتغيرات التي حصلت على المستويين الإقليمي والداخلي فإن الأمانة تقضي أن نكون أوفياء لرسالة كل من واجه اسرائيل بالزيت المغلي والحجارة والسلاح والعمليات الاستشهادية والحجارة والصبر والصمود والكلمة والموقف والأغنية والإرادة. 

هي مناسبة اليوم لتوجيه التحية إلى بيروت وعروبتها وعزّتها وتاريخها وأهلها وإلى كل رجال المقاومة الشهداء والجرحى والمعوقين والأسرى المحررين والمناضلين والداعمين لأنهم هم الذين فرضوا معادلة الكرامة والعزّة والتحرير وثبتـــوا شروط لبنان. 

وفي هذه المناسبة، ينبغي التذكير والتأكيد أن أفضل وفاء لهؤلاء، هو التمسك بفكرة المقاومة بأشكالها المختلفة لعدو لا يزال يستهدف أرضنا ومياهنا وسيادتنا ويحاول اختراق عقولنا وضرب ذاكرتنا وتاريخنا وبالمحافظة على الانتصار والإبتعاد عن كل ما يمكن أن يسيئ إليه في الحسابات الداخلية الضيقة، "العدو الوحيد لنا" إسرائيل. والسلاح يوجّه ضد اسرائيل فقط وأمورنا وخلافاتنا تعالج بالحوار بين بعضنا على هذه القاعدة. لقد أثبتت التجارب أنه مهما حصل سنعود إلى الطاولة. سنلتقي. سنناقش أمورنا ونخرج باتفاقات حولها حتى لو لم تكن اتفاقات كاملة. ولذلك، من الضروري استيعاب كل الأفكار والنقاشات التي يطرحها شركاء لبنانيون، فنكون على طاولة حوار حول الاستراتيجية الدفاعية وغيرها من المسائل التي تحمي لبنان وتكرس معادلة كسره للمشروع الإسرائيلي. أما محاولات تصفية الحسابات بين بعضنا البعض، والاتفاقات الآنية السطحية، فهي تؤدي إلى خلل كبير، وإضعاف فــي التركيبة الداخلية، وتساهم في تمرير العملاء إلى الداخل بعد التحرير الذي كلفنا أغلى الشهداء وأبلغ العذابات، كما حصل في الأيام الأخيرة!

تحية إلى روح الشهيد كمال جنبلاط الذي احتضن الجنوب وأهله وكان قائداً لفكرة المقاومة والصمود في وجه الاحتلال يوم كان الانحراف عن هذا النهج يميّز النظام السياسي اللبناني، وإلى أرواح كل الشهداء والمناضلين والقادة الذين ساهموا في التحرير وكسروا شوكة الإرهاب الاسرائيلي في كل مراحل المقاومة. 

"جمول" جمال المقاومة في بداياتها.