Advertise here

تهريب معابر!

16 أيلول 2019 12:30:00 - آخر تحديث: 17 آذار 2021 15:41:26

قصة التهريب من المعابر الشرعية وغير الشرعية هي قصة إبريق الزيت في لبنان. قديمة، جديدة، مستمرة، متطــــورة. الفضيحة الكبرى هي في "الشرعية" الدستورية!! في مراكز القرار والهيئات المسؤولة احتدم الخلاف مؤخراً حول القصة. وشهد البلد سجالات وتبادل اتهامات أخذت طابعاً شخصياً أحياناً بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع إثر ردّ الثاني على قول الأول من المرفأ: "إن ثمة 150 معبراً غير شرعي يتمّ التهريب منها وهذا يؤثر على الخزينة وواردات الدولة". فاعتبر الكلام تضليلاً وصاحبه مضللاً!! 

 

احتاجت المسألة الى "قمة" أمنية، برئاسة رئيس الحكومة شارك فيها الوزراء والمسؤولون الأمنيون في القطاعات والأجهزة المختلفة وراهن اللبنانيون الأوادم على أن ثمة قرارات استراتيجية حاسمة ستصدر لأن الكل يتحدث عن ضرورة وقف التهريب والسرقة والرشوة والفساد واتخاذ الإجراءات والإشارات اللازمة لتعزيز الثقة بهذا النهج وكسب دعم الدول المانحة ومؤسسات التصنيف المالي العالمية للمساعدة على الخروج من الأزمة المالية الاقتصادية الاجتماعية الخانقة. اجتمعوا وأبرز بند خلافي كان: تحديد عدد المعابر غير الشرعية!! ما هذه الدولة؟؟ ما هـــــذه المؤسسات؟؟ هل يعقل أن كل هذا الاستنفار السياسي وهذا الحشد وهذه القمة هي أولاً لتحديد عدد المعابر؟؟ وكيف انتهت الأمور؟؟ خرج وزير الدفاع ليعلن إن عدد المعابر غير الشرعية هو بين 10 و 12 فقط؟؟ أين الـ 138 معبراً الباقين من أصل 150 الرقم الذي أشار إليه رئيس الحكومة؟؟ من أعطى الأخير هذه المعلومات؟؟ أين طارت المعابر الباقية؟؟ هل تم "تهريبها" على الطاولة أيضاً؟؟ عيب هذا التعاطي مع الأمور بهذه الطريقة. وعيب تصرف المسؤولين على قاعدة غالب ومغلوب في الأرقام. أرقام المعابر غير الشرعية، والتهريب مستمر!! وهنا جوهر القصة. عيب تقاذف المسؤوليات وفتح معارك ليبرّر كل مسؤول "فريقه" أو المؤسسة "المحسوبة عليه" أو الرموز التابعين له، ويبرئ ساحتهم، ويشيد بإنجازاتهم، ويدين الآخرين بالتهريب وتبديد المال العام. وعيب في ظل هذا السجال والتصرف أن يخرج مسؤولون ليؤكدوا: "إن التهريب من المعابر الشرعية يفوق بكثير ما يتم تهريبه من المعابر غير الشرعية!! المهربون وشبكاتهم واتصالاتهم وعلاقاتهم معروفة"!! 

 

إنها مهزلة. فإذا كان كل ذلك معروفاً بالاسماء والتفاصيل لماذا لا يتم التحرك؟؟ لماذا لا تتخذ الإجراءات اللازمة؟؟ لماذا لا يتم تنفيذ القوانين؟؟ أليس ما قيل هو بمثابة إخبار؟؟ لماذا لا تتحرك الأجهزة الأمنية والقضائية؟؟ لماذا البطولات الإعلامية الوهمية والعنتريات والمزايدات والإدعاءات من قبل المسؤولين المعنيين ولا خطوة عملية واحدة لمحاسبة أركان تلك الشبكات وفكفكتها وضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية وتعزيز مالية الدولة؟؟ ماذا ينتظر المتشدّقون يومياً بمكافحة الفساد وأنها عملية بدأت ولن تتوقف وثمة إجراءات جدية سيراها اللبنانيون؟؟ لماذا انزعج هؤلاء من توبيخات وإهانات الموفد الفرنسي بيار دوكان؟؟ ماذا يطلبون إليه؟؟ هل هو الجهة المعنية بمحاسبة أولئك الذين تمت الإشارة إليهم قبل وبعد "القمة" الأمنية الخاصة بالمعابر؟؟

 

هل الجهات المانحة على اختلاف أنواعها هــــي المعنية باتخاذ الإجراءات بحق المهربين؟؟ 

 

إنها أكبر عملية "غش" و"تضليل" واحتقار للناس واستخفاف بعقولهم!

 

دولة غريبة عجيبة!!

 

أركانها مختلفون على عدد الموظفين الذين أدخلوا من قبلهم "تهريباً" الى مؤسساتها!! وعدد الذين يجب أن يدخلوا متجاوزين امتحانات مجلس الخدمة المدنية. مختلفون على رقم الدين العام!! ورقم النمو!! ورقم العجز!! ورقم الواردات!! ورقم الإنفاق!! وعدد المعابر!! ورقم عائدات الأملاك البحرية!! ووووو.... 

 

في دولة "معابر التهريب" و"تهريب المعابر" يمكن تهريب كل شيء. يمكن تهريب الدولة. وهذا ما يجري اليوم. فهل هذه هي خطوات الإصلاح الموعودة؟؟