الخطة الأميركية: البديل الأفضل رغم الغبن
02 تشرين الأول 2025
17:39
Article Content
تُشكّل الخطة الأميركية لوقف الحرب في قطاع غزة، نقطة صدامية حاسمة، حيث تتواصل مشاورات حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية التي أبدت اعتراضات جوهرية. ففي الوقت الذي تستجيب فيه الخطة لاحتياجات عاجلة — كوقف العدوان، وتيسير المساعدات، ومنع تهجير السكان .. — فإن الفصائل ترفض مضمونها الاستراتيجي. حيث تعتبر المقاومة أن الوثيقة، بصيغتها الراهنة، تمثل "تهديداً مباشراً" لمستقبل القطاع والقضية الفلسطينية، وتجسّد "احتلالاً إسرائيلياً مقنّعاً" و"وصاية دولية" تهدف إلى تجريم المقاومة ونزع الشرعية عن الهوية الفلسطينية، لتتجه بذلك نحو تصفية القضية برمتها، بسبب تجاهلها المتعمد لحق الشعب الفلسطيني في السيادة والتحرر وصناعة قراره.
إلى ذلك وفي قراءة للأحداث، يقول الدكتور وليد صافي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية لجريدة الأنباء الالكترونيّة أن خطة ترامب تنال موافقة عربية وإسلامية واسعة لان البديل سيكون اسوأ علما أن المعلومات المتوفرة حالياً تظهر أن الدول العربية قد طلبت السبت الفائت اربع تعديلات على الخطة وهي : "أولا الأمر الذي يتعلق بالدولة الفلسطينية بحيث تضم قطاع غزة والضفة الغربية، ثانيا، أن يكون الانسحاب الإسرائيلي، محدّداً بجدول زمني، ثالثا عملية إحياء وإصلاح السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، والنقطة الرابعة هي عملية الانتقال السياسي"، هذه النقاط الأربع لم يتم الأخذ بها علما أنه تم تعديل الخطة وفقاً لطلبات نتنياهو وحكومته، وبالرغم من ذلك، اعتبرت الدول العربية والإسلامية وحتى الأوروبية أنه لا خيار أفضل حاليا من الخيار المطروح أي خطة ترامب، بالرغم من الإشكاليات التي تحوم حولها.
أما بشأن الحوار الحاصل مع حماس، بين كل من حماس مع قطر ومصر وتركيا بشكل مباشر وهي شريكة في الحوار عبر رئيس جهاز الإستخبارات التركي، يضيف صافي أنه "ليس واضحا حتى الآن إلى أي حد ممكن أن يكون هناك ضغط من الفرقاء الثلاثة على حماس للقبول بهذه الخطة، علماً أن حماس تنظر إلى الخطة على أنها استسلام لاعتبارات عدة كانت قد طرحت بعضها الدول العربية ومنها موضوع الانسحاب الإسرائيلي ويبدو أن هذا الموضوع يطرح مشكلة كبيرة لدى حماس، خاصة وأن إسرائيل عازمة على البقاء في نقاط رئيسية في قطاع غزة وهي لن تنسحب بالكامل من قطاع غزة، وهذا تبلور بوضوح في تصريح نتنياهو مع الرئيس ترامب الإثنين الفائت في البيت الأبيض بحيث أكد أن قطاع غزة حتى عندما تأتي قوة دولية إلى قطاع غزة لحفظ الأمن ولتدريب الفلسطينيين على ضمان الأمن، فإن الإشراف الأمني سيبقى لإسرائيل".
بالتالي هذا يعني أن الخطة تضمن بقاء إسرائيل في نقاط محددة منها محور فيلاديلفيا ومحاور أخرى حتى تتمكن إسرائيل من التدخل، باعتبارها، في حال حماس خرقت الاتفاق وأعادت تنظيم نفسها، وهذا الأمر تجلّى أيضا في الخريطة التي وزعها البيت الأبيض أثناء المؤتمر الصحفي، والتي تلحظ منطقة عازلة لن تنسحب منها إسرائيل أبداً. وكما يشير د. صافي إلى أن لبنان بات "مضرب مثل يُحتذى به لدى الإسرائيليين في موضوع الاتفاقات الأمنية خاصة فيا يخص غزة اليوم"، إذ أنه كما نرى بالصحافة الإسرائيلية والصحافة الأوروبية أيضاً أنه بدأ اليوم بإسرائيل الكلام عن اتفاق يشبه الاتفاق الذي حصل مع لبنان بمعنى أن تُعطى إسرائيل اليد الطولة في التدخل عبر الجو والبحر والبر لضرب أي محاولة من حماس لإعادة بناء قوتها كما يحصل على الجبهة الشمالية.
ويضيف صافي، أن خطة ترامب لا يمكن فصلها عن ما سبقها من خطة عربية كانت قد قدمتها مصر، وبين الحراك السياسي الذي حصل بقيادة المملكة العربية السعودية وفرنسا للحصول على موافقة أكتر من 150 دولة في إعلان نيويورك والذي تضمّن إقامة دولة فلسطينية وجدول زمني للانتخابات الفلسطينية، " وبعد الإعلان عن الخطة يجب النظر ايضاً إلى السياق الإقليمي الذي يحصل في البحر الأحمر وعلى مداخل قناة السويس، إذ إن رد الحوثيين ونسف الإتفاق مع الأمريكيين هو بالتأكيد رسالة إيرانية ردا على العقوبات اللي أقرت ضمن آلية « Snap back »بدفع من الترويكا الاوروبية فرنسا وانكلترا والمانيا وموافقة الأمريكيين، وهو ما سيفرض تحديات كبيرة على إيران في مجال الصناعة النووية وصناعة الصواريخ البالستية وكذلك على الإقتصاد الإيراني، حيث تتعرض إيران لعقوبات بفصلها عن النظام المالي الدولي وتجميد أرصدة، ومنع سفر مسؤولين إيرانيين كبار إلى الخارج، ستطال معظم النشاطات الاقتصادية الإيرانية ومن المتوقع أن تشل هذه العقوبات الاقتصاد الإيراني، لذا أتى الرد الإيراني أولا من خلال تنصّل الحوثيين من الإتفاق مع الأمريكيين، واستهداف بعض السفن في منطقة البحر الأحمر على مداخل قناة السويس، هذا أول تطور في السياق الاقليمي في الرد الايراني على العقوبات والخطة معاً وعلى اي حال يجب انتظار ردود حماس لمعرفة الاتجاه الذي ستذهب إليه الأمور.
وفي سياق التطور في العلاقات الأميركية - الإيرانية يبدو أن المحاولة الايرانية الأخيرة للقاء الاميركيين قد فشلت وبالتالي الأمور ذاهبة إلى التصعيد إذ يعتقد بأن إيران تتحضر للمواجهة العسكرية، وزيارة الاريجاني الأخيرة الى بيروت ولقائه حزب الله ، وطبعاً التواصل مع الفصائل العراقية المحسوبة على طهران ومع الحوثيين، يوحي بامكان وقوع مواجهة عسكرية أمريكية أوروبية إسرائيلية من جهة وإيرانية مع الأذرع في العراق ولبنان واليمن من جهة ثانية ، حتّى هناك معلومات منقولة عن لسان ديبلوماسيين غربيين في لبنان والمنطقة يتخوفون من تطور دراماتيكي يؤدي إلى إندلاع مواجهة أمريكية إسرائيلية إيرانية سريعة في المنطقة ما قد يعيد خلط الأوراق بالكامل وقد يشكل هذا التطور إحدى العقبات الأساسية باتجاه الخطة المطروحة.
ويختم صافي بالقول: " يراهن ترامب اليوم على الضغط القطري - التركي - المصري، بالرغم من أن العرب والأتراك وحتى اندونيسيا طالبت بالتعديلات ومعظم الدول التي تسعى اليوم لإقناع حماس بالخطة، هي بذاتها تتحفظ على نقاط مهمة لكن في المقابل ترى بأن البديل قد يضع الأمن القومي العربي برمته بمخاطر كبيرة وطبعا وبالتالي الموقف العربي والإسلامي لا يؤيد اندلاع حرب إقليمية أو عودة المواجهة بين الأمريكيين والإسرائيليين والإيرانيين لأن من المخاوف أيضا أن تلجأ إيران إلى إغراق الخليج في المواجهة كاحدى أوراق الضغط لديها ولهذا تحاول هذه الدول تعزيز حظوظ العملية السياسية شرط أن تؤدي إلى وقف حرب غزة ووضع الدولة الفلسطينية على المسار المطلوب وذلك تفادياً لذهاب المنطقة إلى خيارات مدمرة ".وينهي الدكتور صافي تعليقه بالسؤال الجوهري: إذا قبلت حماس بالاتفاق وسلمت الرهائن، من يضمن نتنياهو من الانقلاب على الخطة واختراع الحجج لإكمال الحرب كما فعل في الاتفاقات الماضية؟ المخاوف كبيرة لأن الثقة بنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة منعدمة تماماً وحليفيه سموتريتش وبن غفير لن يسلما بالخروج من غزة او التوقف عن تغيير الوقائع في الضفة الغربية لتدمير ما تبقى من إمكانيات لقيام الدولة الفلسطينية.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.






