غريشيوشكين.. الصندوق الأسود لانفجار مرفأ بيروت بين يدي بلغاريا ولبنان يطالب باسترداده
23 أيلول 2025
12:46
آخر تحديث:23 أيلول 202512:46
Article Content
شهد ملف انفجار مرفأ بيروت تطوّرًا لافتًا قد يميط اللثام عن الكثير من خفايا تخزين مادة "نيترات الأمونيوم" في عنابر المرفأ، ويفتح أمام التحقيق خيوطًا بالغة الوضوح. ففي السادس عشر من أيلول/سبتمبر، أوقفت السلطات البلغارية سائحًا قادمًا من قبرص، تبيّن لاحقًا أنه الروسي إيغور غريشيوشكين، وذلك بموجب مذكرة حمراء عمّمها الإنتربول الدولي بحقه.
مَن هو غريشيوشكين؟
يُعدّ الروسي إيغور غريشيوشكين، مالك باخرة "روسوس" التي نقلت شحنة "نيترات الأمونيوم" إلى بيروت، أبرز المطلوبين في قضية انفجار المرفأ. وكان قد صدرت بحقه مذكرة توقيف غيابية من المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان. وبمعنى آخر، فإن غريشيوشكين يُمثّل "الصندوق الأسود" لانفجار الرابع من آب/أغسطس 2020، الذي دمّر نصف العاصمة بيروت وخلف مئات الضحايا والمصابين، إذ يُفترض أن يقدّم إجابات حاسمة حول التساؤلات الجوهرية: مَن جلب النيترات، وهل كانت بيروت هي وجهتها النهائية؟
السؤال المطروح اليوم هو: كيف سيستفيد لبنان من توقيفه في بلغاريا، وهل سيتمكن من استرداده لاستجوابه؟
وفي هذا السياق، يكشف المتخصّص في الشؤون الأمنية والقضائية يوسف دياب لـ"الترا صوت" أن ملف الاسترداد أُنجز من قِبل لبنان، على أن تقوم وزارة الخارجية بتحويله إلى السلطات البلغارية بعد تسلّمه من وزارة العدل. كما التقى وزير العدل اللبناني عادل نصار السفير البلغاري في بيروت ياسين توموف، الذي أبدى استعداده لتسريع الإجراءات وإحالة الملف إلى سلطات بلاده للبت في موضوع التسليم.
ويلفت دياب إلى نقطة إيجابية، وهي أن المهلة المعتادة لإرسال طلب الاسترداد بعد توقيف أي شخص بموجب مذكرة "إنتربول" تبلغ 15 يومًا، بينما منحت بلغاريا لبنان 40 يومًا، ما يتيح وقتًا إضافيًا لاستكمال الإجراءات. لكنه حذّر في المقابل من احتمال أن تطلب روسيا تسلّمه باعتباره مواطنًا روسيًا، رغم أن موقف بلغاريا كعضو في الاتحاد الأوروبي ومناهض لروسيا قد يجعل مصلحتها تميل نحو تسليمه إلى لبنان.
التحقيق في بلغاريا
في هذه الأثناء، تُطرح إشكالية أساسية تتمثل في غياب اتفاقية تعاون بين لبنان وبلغاريا، وهو ما قد يدفع الأخيرة إلى خيار عدم التسليم. فما هي الخيارات المتاحة في هذه الحالة؟
يوضح دياب أنه في حال رفضت بلغاريا التسليم، يمكن للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار التوجّه شخصيًا إلى صوفيا لاستجوابه هناك، أو قد يُصار إلى إرسال وفد أمني من شعبة المعلومات للقيام بالمهمة.
منع سفر القاضي
وتبرز في هذا السياق إشكالية أساسية تتعلّق بمنع القاضي العدلي من السفر، نتيجة عدم بتّ الهيئة الاتهامية بالدعوى المقدَّمة ضده من المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات.
غير أن قرار منع السفر قد يُرفع من جهتين قضائيتين: إمّا الهيئة الاتهامية في بيروت، أو مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار.
تساؤلات معلّقة
ومع هذا التطوّر المستجد، تُطرح تساؤلات حول أهمية توقيف "المطلوب الملك".
يُوضح دياب أن "توقيف مالك الباخرة يُعدّ محطة أساسية في مسار التحقيق بانفجار المرفأ، إذ يُعوَّل على إفادته لتبديد الغموض الذي ما زال يلفّ قضية نقل نيترات الأمونيوم. فبصفته مالك الباخرة، يُفترض أن يعرف طبيعة الشحنة وأن يمتلك "المانيفست"، كما يُفترض أن يجيب: لصالح مَن جاءت النيترات؟ وهل كانت الوجهة الفعلية موزمبيق، أم أنّ الأمر كان مجرّد خداع لتوجيهها نحو بيروت؟".
ويضيف دياب أن على غريشيوشكين أن يوضح هوية مالكي النيترات ومن دفع ثمنها. "المعروف أن المواد اشتُريت باسم شركة "سافارو" البريطانية، لكن معلومات تشير إلى أنّ رجلي الأعمال السوريين الحاملين للجنسية الروسية، مدلل وعماد الخوري، والمقرّبين من بشار الأسد، هما من موّلا الصفقة. وإذا صحّ ذلك، فهذا يطرح سؤالًا جوهريًا: هل كانت الشحنة متجهة إلى النظام السوري؟ وهل نُقل جزء منها بالفعل إلى سوريا لاستعمالها ضد الشعب السوري؟".
كما يستغرب دياب أن "الباخرة حُجزت لأربع سنوات قبل أن تغرق، من دون أن يُبادر مالكها إلى المطالبة بها أو محاولة فك الحجز عنها، وهذه مفارقة كبيرة".
ويتابع: "كل هذه علامات استفهام لا بد أن يجيب عنها المالك، إضافة إلى السؤال الجوهري: هل وصلت الباخرة إلى بيروت بالصدفة، بعدما توقفت بحجة تحميل معدات للتنقيب عن النفط قبل أن تغرق، أم أنها جاءت إلى المرفأ عمدًا؟"
تأجيل الحكم
كان من المتوقع صدور القرار الظني في قضية انفجار المرفأ مطلع هذا العام، إلا أنّ بعض الملفات غير المنجزة، خصوصًا ما يتعلّق بالشِق الخارجي من التحقيقات، أخّرت الحكم. ومن الطبيعي أن يشكّل التوقيف الجديد عنصرًا مهمًا في مسار التحقيق.
ويشير دياب إلى أنّ "إفادة مالك الباخرة قد تسدّ بعض الثغرات التي كان التحقيق بحاجة إليها، خصوصًا في الشق الدولي وتتبع مسار الباخرة من جورجيا وصولًا إلى لبنان. وإذا تمكن لبنان من استجوابه، سواء داخليًا أو خارجيًا، فإنّ ذلك قد يؤثر في مسار القضية".
ويختم بالقول: "هذا التطوّر قد يفضي إلى تأجيل ختم التحقيق لأسابيع إضافية".
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.






