نضال أرض لا "خلف الشاشات"
17 أيلول 2025
09:33
Article Content
هي وحدها دون غيرها... من وحّدت قماشة العروبة بالنقشِ بالنفسِ، غزت الساحات حجبت الغيمات بصورتها المرسومة على صفحات التاريخ، متجذّرةٌ متحدّرةٌ من قدمِ الزمانِ، من عراقةِ الأعراقِ، تتغاوى: أنا من إنتقتني الأصالة لرمزيتها، أنا فرضتُ وجودي كلما وجد حق وراءه مطالب، كلما ندهتني النخوة، كلما تتناولتني قبضة كل إنسان، لتعتلي أكتافه، "علّي الكوفية علّي ولولح فيها".
هي المتأصلةُ الشامخة كشلح أزرٍ صامدٍ، شعار كل إرادةٍ مقاومة، في كل وطنٍ، مع كلِّ قضيةٍ، مع كلِّ واجبٍ وجودي، مع كلِّ نبذٍ لأشكالِ الإحتلال والإستعمار، مع كلِّ "خنقٍ" لقضمِ الحقوقِ، فكانت مع كلِّ الصرخات: نحن من أردنا النضال، فأرتدينا ثوب الإباء، أرضينا أرضنا حقاً، وأردينا الباطل زهاقاً.
هي القائدة التي إستحوذت على إجماع الآراء وإنسجام الأداء، صبغت الصف طبعت اللون، تماوجت بين الأبيض والأسود، وكأنّ السلام نقاءٌ وإن كان قدره التضحيات لا الإستسلام، "فإنّ الصراع في سبيلِ الحق إنتصارٌ في كلتا الحالتين، سواء أكانت نتيجته الإستشهاد المضيء أو النصر الساحق" كما قال المعلم.
هي الحاضرة منذ مهد الحضارات، في ذكراها، في واقعها وحاضرها، وقد تختلف تسميتها بين (الحطة أو الشماغ)، "المتفجّرة" المنبثقة مع كل الشعوب التي تشبّعت ويلاتاً وتشعّبت حروباً، تشرذمت بأزماتها وتحدياتها، يستقوى يتمسّكُ بها دفاعاً ضد كلّ هجوم، وكأنّ مصير العروبة أن "تتألق" قواها بقوامها، لتقاوم كل مستبدٍّ ظنّ نفسه قويّاً كفاية ولم يكفَّ عن كفره.
ومن مقلع العروبة من فلسطين، العرين الرافض التخلي عن أرضه وترابها، يسلم الروح ولا يسلمها، لعدو مستعجلٍ ضمّها لخريطته المتوهمة، فإنّ هذا المستجدَّ تعدّى تحدّى شعباً كان سلاحه الحجارة والكوفية بقيادة رئيسهم "أبو عمّار"، حيث إشتهرت معه، كانت إرثه "ووشاح" الرحيل، لم يتخلّى عنها، بل كانت التراث الفلسطيني، ودعوةٌ تم تلبيتها كالطوفان الثائر الهادر.
وفي جوهر المسار النضالي تجوهرت الكوفية مطمئنة تعتمرُ الكمال المناضل الثائر، فإن كفاحَه عامرٌ بالنصرِ، "يلوّحُ" بها رافضاً السجن الكبير، متباهيةٌ بتحقيقِ الهدف المرجو، لتسود المواطنية المستقلة، وكما رافق "أبو عمّار" في مسار القضية الفلسطينية لوحدة المصير، لحل الدولتين، فحملَ شعلتها، "لبسوا الكفافي ومشوا".
وفي ذكرى الأربعين لرحيل المعلم، فإنّ الوليد خبيرٌ في "حياكةِ" الكوفية، في حكايةٍ من صفحات المجد...، أراد أن يسلّمَ الأمانةَ ولم يسلّم همّه على هذا الوطن وكلّ القضايا المصيرية، بقناعةٍ مفضّلةٍ فجاهر بوصيةٍ مفصّلةٍ: سر يا تيمور، فألقى على كتفيه كوفية دارة المختارة، كوفية فلسطين العربية...، فكان هذا "الشبلَ من ذاك الأسدِ"، فإنّ التاريخ يبنى على الأرض لا خلف الشاشات.
أنّها الكوفية رفيقة النصر، تتحكّمُ بالميدان، تحسمُ القتال، تحدّدُ العنوان، فُصّلت كالجسور كي لا تتصدّع بالإنفصالِ الجذور ، "هل من شيء أشرف من العبور فوق جسر الموت إلى الحياة"... بين الحياة والشهادة هناك كوفية... فغدت رمزاً وطنياً عروبياً... الشاهدة على كفاح كل بطلٍ، ولطالما تشهد أمتنا على المروءة والشجاعة... لن تغدو الشهيدة.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.






