مشروع خطير... جنوب لبنان على خطى "ريفييرا غزة"؟
27 آب 2025
17:12
Article Content
بعد إثارة ما سميّ بمنطقة ترامب الاقتصادية، أتت تصريحات المبعوث الأميركي توم برّاك أمس لتؤكدها، وتقطع الشك باليقين، ليُفتح النقاش على تداعيات مستقبل هذه المشروع، وخلفياته، التي بلا شك تصب في مصلحة العدو الإسرائيلي وأمنه القومي والإستراتيجي.
من حيث العنوان والشكل، فهو مشروع يهدف الى تحويل الجنوب من منطقة نزاع إلى منطقة اقتصادية واستثمارية، ولكن شكل الإعلان عنه من قبل برّاك بالتوقيت والإطار السياسي على كـ"المفاجئة"، وفق ما يقول الخبير العسكري العميد المتقاعد حسن جوني في حديث الى جريدة "الأنباء" الإلكترونية.
ويلفت جوني الى أن طرح مشروع المنطقة الاقتصادية أتى من خارج سياق الورقة الأميركية والقرار 1701، ومن خارج سياق المنطق، ومن هنا تتأكد عدم الثقة بإسرائيل لأنه ثمة خطوات مستجدة تظهر بين لحظة وأخرى وموقف وآخر، كما أنه سيعّقد الموقف مجددًا ويفجر الورقة الأميركية.
ويعتبر جوني أن فكرة إقامة منطقة اقتصادية على الحدود الجنوبية على ركام القرى المدمرة الأمامية يعكس وجودها في العقل الإسرائيلي والأميركي، بالتالي تتأتى خطورتها، مشيرًا الى احتمال أن تعرقّل كل المساعي والجهود، لأنها تدل على عدم قبول إعادة إعمار القرى الحدودية، وهي بلدات متاخمة وتاريخية وقدم أهلها تاريخيًا تضحيات كبيرة جدًا في مواجهة إسرائيل.
ويؤكد جوني أن هذا الأمر لن يكون مقبولًا بأي شكل من الأشكال، بإلغاء قرى بكاملها من أجل إقامة منطقة اقتصادية تطمئن إسرائيل أمنيًا.
تصلب إسرائيلي
ومشروع المنطقة الاقتصادية في الجنوب أو منطقة ترامب الاقتصادية تعيدنا بالذاكرة الى مشروع الريفيرا في غزة، لا سيما أنه طرح من أجل ربط نزع سلاح حزب الله بالاقتصاد وإعادة الإعمار والأموال التي ستأتي من الخليج، انطلاقا مما صرّح به برّاك من على منبر القصر الجمهوري، إذ حمل كلامه عدة رسائل لناحية سلاح حزب الله وما تطالب به الحكومة اللبنانية، وتكريس معادلة خطوة بخطوة واقعًا.
ويعتقد جوني أن ما حمله برّاك يعقّد الموقف أكثر وسيحرج الحكومة، ويدل على وجود تشدد وتصلّب إسرائيلي في المواقف، بما يتعلق بطلب الجانب اللبناني حصول خطوة إيجابية من الجانب الإسرائيلي كرد على قرار الحكومة اللبنانية.
ويلفت جوني الى أن إسرائيل لا تتجاوب في هذا الإطار، ومتمسكة بمسألة الخطوة مقابل الخطوة بمفهومها، على أن تبدأ الخطوات من لبنان وستقابل إسرائيل خطوة في الاتجاه عينه، أي خطة مقابل خطة وإجراء مقابل إجراء، وأيضًا بأن يحصل شيئًا تنفيذيًا، مشيرًا الى أن ما حمله برّاك يفضي بأنه عندما يرفع الجيش اللبناني خطته سترفع إسرائيل خطة الانسحاب، وعندما يبدأ التنفيذ تبدأ تنفيذ الانسحاب.
ويرى جوني أن "القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية اعتبرته إسرائيل، شفهيًا ونظريًا، خطوة إيجابية دون أن تعطي أي شيء يقابله، شارحًا أن ثمة أزمة ثقة مع إسرائيل، بحيث عندما يبادر لبنان بخطوات لا يوجد ثقة أن إسرائيل ستبادل إيجابيًا في نفس المبادرة، محذرًا من أن ذلك سيعّقد التطورات في لبنان أكثر وأكثر، خصوصًا أنه لا يوجد إجماعًا على قرار الحكومة، لا بل على العكس من ذلك، ثمة فئة تعتبر أن هذا القرار غير ميثاقي، ويوجد أزمة مع حزب الله في هذا الصدد.
ويعيد جوني تصلّب الرد الإسرائيلي الى تصلّب حزب الله بمواقفه، وربما للحضور الإيراني في لبنان، لافتًا الى أن هذه المواقف المتشددة حول الورقة الأميركية، كأنها في مواجهة مع إيران أكثر من الداخل اللبناني، وذلك لاعتبارها أن إيران دخلت على مسألة سلاح حزب الله في لبنان.
بالمحصلة، إن لبنان أمام مرحلة صعبة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وهذا ليس بشيء جديد على دولة اعتادت مواجهة التحديات. ولكن، هل تُكسر القاعدة هذه المرة من خلال خارطة طريق واضحة تمتص تداعيات الاتفاقيات السياسية والاقتصادية الكبرى؟
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.






