يترقّب الجميع في لبنان الخطة التي سيرفعها الجيش قبل نهاية الشهر الجاري إلى مجلس الوزراء لتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة، وسط شعور لدى البعض بأنّ المؤسسة العسكرية وُضعت أمام تحدٍّ صعب.

بدت لافتة زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لرئيس مجلس النواب نبيه بري قبل 18 يوماً من انتهاء المهلة المعطاة للجيش من أجل إنجاز خطة حصر السلاح، ما يؤشر إلى طبيعة النَفَس الذي يقارب من خلاله هيكل هذا الملف.

وهناك مَن يعتبر أنّ الحكومة بقرارها تكليف الجيش إعداد خطة لسحب سلاح «حزب الله»، إنما نقلت «كرة النار» من طاولة مجلس الوزراء إلى اليرزة، حيث وُضِعَت المؤسسة العسكرية في «بوز المدفع»، محمّلةً إياها أثقال مهمّة معقّدة، أبعد من التفاصيل العملانية والإجرائية، وتتطلّب بالدرجة الأولى توافقاً سياسياً غير موجود حتى الآن. وإذا كان الجيش ملزَماً في نهاية المطاف بتنفيذ قرار السلطة السياسية تبعاً لتراتبية الأدوار، إلّا أنّه يملك تحت هذا السقف هوامش ذاتية تسمح له بتقليص المخاطر التي قد تترتّب عليه أو على البلد جرّاء المهمّة التي أُنيطت به.

والأكيد أنّ قيادة الجيش ستحاول التوفيق بين تنفيذ قرار الحكومة بإنجاز خطة حصر السلاح وبين حساسية الواقع اللبناني الشديد التعقيد والسريع العطب، فلا يكون ثمن حصر السلاح تهديد تركيبة الجيش أو مواجهة داخلية تنسف السلم الأهلي والإستقرار الداخلي. وليس خافياً أنّ الهاجس الذي يؤرق البعض هو أنّ تتطوّر الأمور إلى مواجهة عسكرية بين الجيش و«حزب الله»، إذا أراد الأول تنفيذ خطة حصر السلاح بالقوة قبل نهاية السنة الحالية وفق المهلة التي حدّدتها الحكومة، خصوصاً أنّ الحزب ليس في وارد التسليم الطوعي للسلاح، فيما يؤكّد المطلعون على مناخات اليرزة أنّها مدركةً لطبيعة التحدّي الذي تواجهه وللمسؤوليات الملقاة على عاتقها.

وضمن هذا السياق، يؤكّد العارفون أنّ قائد الجيش ومدير المخابرات يعملان في هدوء للوصول إلى مقاربة حكيمة لقرار مجلس الوزراء، لا تأخذ البلد إلى المجهول.

ويرجّح المطّلعون أن يحدّد الجيش في خطته الاحتمالات والتحدّيات التي تنتظرها، ويعرض تصوّره التطبيقي لتنفيذها، ويشرح التعقيدات والمعوقات التي تحوط بها، ويعدّد خيارات معالجتها وصولاً إلى طرح كل السيناريوهات الممكنة، على أن يترك للسلطة السياسية أن تحدّد خيارها النهائي وتتحمّل مسؤوليّته السياسية.

وبهذا المعنى، فإنّ الجيش سيعيد، على طريقته، كرة النار إلى أحضان الحكومة، وسيتفادى قدر الإمكان أن يحرق أصابعه بها.

ويلفت العارفون إلى أن ليس من شأن الجيش أن يخوض حواراً مع «حزب الله» حول الاستراتيجية الدفاعية أو استراتيجية الأمن الوطني، مشيرين إلى أنّ هذا الأمر هو من اختصاص السلطة السياسية حصراً، وبالتالي فإنّ دوره لا يتجاوز الحدود التي رسمها له مجلس الوزراء.

ويشدّد هؤلاء على أهمية أن يبقى جمهور «الثنائي» عموماً، و»حزب الله» خصوصاً، على علاقة جيدة مع الجيش، وأن يظل أي اعتراض مصوّباً نحو السلطة، مؤكّدين أنّ مجريات الأيام الماضية أظهرت أنّ التحرّكات الاحتجاجية على الأرض كانت مضبوطة، خصوصاً أنّها لم تكن موجّهة سياسياً من «حزب الله» وحركة «أمل».