Advertise here

هل من خطوط حمراء جديدة بعد عملية "أفيفيم"؟

05 أيلول 2019 14:51:00 - آخر تحديث: 28 تشرين الثاني 2019 13:09:22

عادت الأوضاع إلى طبيعتها على الحدود الجنوبية بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد العملية العسكرية التي نفذها حزب الله على أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي في مستعمرة "أفيفيم" المقامة على أراضي قرية الصالحية المدمّرة والمهجّرة. استُخدمت في الهجوم قذائف الكورنيت المضادة للدروع، والتي أصابت آلية إسرائيلية، وأوقعت أربعة إصابات بين قتيل وجريح وفق إعلام المقاومة، فيما نفت إسرائيل على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وقوع إصابات في صفوف جنودها.

المهم أن حالة الاسترخاء التي حصلت على جانبي الحدود بعد ساعات معدودة من تنفيذ الضربة، نفّست الاحتقان الذي تصاعد تدريجياً، وكاد أن يصل إلى حد الانفجار الكبير، وذلك على وقع التصريحات عالية النبرة المتبادلة بين أمين عام حزب الله ورئيس وزراء العدو الإسرائيلي، والتي بدأت منذ الهجمات الإسرائيلية المتلاحقة على مواقع ومستودعات ميليشيات الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران، إلى الضربات الجوية على مواقع  الحرس الثوري في سوريا قرب دمشق، والتي سقط فيها عنصران لحزب الله، وتتهمهم إسرائيل بالتحضير لعملية عسكرية على أراضيها بالطائرات المسيرة، إلى الاختراق الأمني ليل الأحد الفائت في بيروت، والذي تمكنت من خلاله إسرائيل الوصول إلى عمق الضاحية الجنوبية عبر طائرتين مسيرتين عن بُعد، والتي لم تُعلن نتائج التحقيقات عنهما بعد. ولم يُجب أي من المسؤولين في حزب الله، ولا الأجهزة الأمنية على التساؤلات التقنية والاستخباراتية التي يفرضها مثل هذا الاختراق.

مصادر دبلوماسية متابعة لتطور الأحداث في المنطقة وضعت الحدث بكليته في إطار الحرب النفسية الانتخابية، أكثر منه في  الحرب الميدانية القابلة للتدحرج ككرة الثلج. "فالتصعيد الذي حصل من الجانبين الإسرائيلي واللبناني لا يؤدي إلى تغيير في المعادلات الرئيسية، والثابتة، أي استمرار الهجوم الإسرائيلي على مواقع إيران وحلفائها في سوريا والعراق، واستمرار امتصاص الدفاع الإيراني لتلك الضربات، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاستثمار الإعلامي والسياسي لتلك الضربات من قِبل طهران". وهذا ما يعطي السيّد حسن نصر الله فرصة التصعيد الكلامي اليومي، والذي قد يصل إلى ذروته في ذكرى العاشر من محرم الثلاثاء القادم، وذلك في مواجهة التصعيد الأميركي المتعدد الأوجه على الحزب في لبنان، والذي كان آخره فرض عقوبات مالية على جمّال ترست بنك وشركاته في لبنان والخارج، وذلك لنقله أموالاً مرتبطة بحزب الله ومؤسّساته.

تُدرج المصادر ما جرى "ضمن تقاطعات الستاتيكو السوري"، القائم بين أميركا وروسيا، والذي يقاس فيه الموقف الأميركي – الروسي على ميزان دقيق الحساسية، مرتبط بإيران من جهة، وبتركيا من جهة أخرى.

ويمكن القول أيضاً أن الأميركي يسعى إلى ضبط السلوك الإسرائيلي بما يلبي احتياجاته الداخلية دون أن يتجاوز ذلك حدود تغيير المعادلة التي رسمتها واشنطن، وقد ظهر ذلك في العراق".

وتقول المصادر "إن المساحة الواسعة الممنوحة للإسرائيلي في سوريا، لا تنسحب تدريجاً على العراق. فالمعادلة في العراق مختلفة من وجهة النظر الأميركية، ولا يُسمح للإسرائيلي العبث فيها بأكثر من ما يريده الأميركي". 

لذلك لا توجد تغييرات جوهرية في الستاتيكو القائم على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية والتي حدّدها القرار 1701، ولا على الحدود الإسرائيلية – السورية التي تتولى روسيا إدارتها. فالحرب الشاملة التي تحدّث عنها نصر الله ونتنياهو، ليست على الأجندتين الإيرانية والأميركية الآن. وما انتهت اليه "اللعبة" وفّرت لنتنياهو جواً من التوتر قد تخدمه في معركته الانتخابية المصيرية، ومكّنت حزب الله من تأكيد قوته الردعية، تحت سقف الدبلوماسية الدولية التي واكبت الحدث.

المصادر ترى أن المتغير الذي يحتاج الى متابعة ورصد، هي التوافقات الأميركية – التركية الأخيرة بأبعادها المؤثرة على التسوية السورية، والتوافقات الروسية – الأميركية  بأبعادها وانعكاسها على مسار التسوية السورية أيضا، حيث تتقدم اميركا نصف خطوة بالاتجاه التركي لإعادته الى المربع الأميركي، ونصف خطوة باتجاه الروسي من خلال تغطية العملية العسكرية التي أدت الى السيطرة على الطريق الدولية (حلب - دمشق) عبر خان شيخون شرق إدلب، فيما يبقى القرار العسكري بشأن إدلب، وكامل المحافظة بيد الإدارة الأميركية.

لذلك نحن أمام  رفع غطاء أميركي، استفاد منه الروسي لتحقيق إنجازات على حساب الدور الإيراني والدور التركي في سوريا، في الوقت الذي استفادت فيه تركيا من تحقيق تقدم في مسألة المنطقة الأمنة شرق الفرات على حساب الدور والموقف الروسي والإيراني، وبالتالي فإن الأمر لا يتجاوز التكتيكات والمناورات الموضعية لتحسين شروط كل طرف من الأطراف، واستحقاقات كل طرف، بأبعادها الأمنية والسياسية والإعلامية، وبالتالي لا توجد خطورة على لبنان ولا على جبهته الجنوبية، كما لا يوجد انفجار في الحالة السورية أبعد من النطاق الذي نشهده حالياً.