ترامب ونتنياهو: اتساع الهوة!
08 حزيران 2025
07:23
Article Content
مع تسارع التحولات في المنطقة، باتت العلاقة الشخصية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتسم بالهشاشة بعد تحالف متين عرفته هذه العلاقة في ولاية ترامب الأولى.
واليوم يقف كل منهما على طرفي نقيض، بعد المكالمة الهاتفية المتوترة بين الجانبين أواخر الشهر الماضي، التي أدت إلى طرح سؤال: "من يقود من؟" في العلاقة الأميركية الإسرائيلية، في ظل خيبة أمل إسرائيلية من ولاية ترامب الثانية (المفترضة أو المتوقعة)، بعدما كانت حكومة نتنياهو تعتقد أن الرئيس الأميركي سيتماهى كلياً مع المصالح الإسرائيلية، ليطفو على السطح تباينٌ في مصالحهما في المنطقة، وقرارات أميركية بدأت تبتعد أكثر عن رؤية الحكومة الإسرائيلية الحالية.
4 ملفات إقليمية
لم يلتفت ترامب إلى مصالح إسرائيل في أربعة ملفات إقليمية بارزة، بدءاً من توقيع إدارته اتفاقاً مع الحوثيين بشأن سفن البحر الأحمر، والانخراط في محادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، حيث طلب ترامب من نتنياهو، حسب موقع "والا" الإسرائيلي، "الامتناع عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى إفشال مسار التفاوض مع إيران"، وصولاً إلى إبلاغ نتنياهو خلال استقباله في البيت الأبيض بأن سوريا هي منطقة نفوذ تركية، وحديث يلوح في الأفق عن مشروع اتفاق أميركي سعودي بشأن برنامج نووي من دون تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
وأمام هذه المعطيات، يبدو أن ترامب، وعلى الرغم من أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب هي علاقة إستراتيجية، بدأ يتحرك خارج صندوق هذه المعادلة، ويُعطي الأولوية للمصالح الأميركية في المنطقة، على حساب كل المصالح الأخرى بما فيها الإسرائيلية.
ومع ذلك، فقد شدد المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ألون أفيتار، على العلاقات الإستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، مؤكداً أن "أي توتر أميركي إسرائيلي يبقى محدوداً وليس ذا طابع إستراتيجي"، لكنه استطرد قائلاً إن "أغلب الظن كان أن ترامب سيدعم نتنياهو في كل تصرفاته". ولكنه لفت إلى أن ما يهم إسرائيل هو استمرار التحالف الدفاعي الأمني الإستراتيجي بين الجانبين، وعدم التأثير على المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" قد لفتت إلى أن ترامب يشعر "بخيبة أمل" من نتنياهو، ويعتزم اتخاذ "خطوات" في الشرق الأوسط "من دون انتظاره"، مشيرة إلى أنه "ثمة تراجعاً في العلاقات الشخصية وخيبة أمل متبادلة بينهما".
في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، رسم أحد أبرز وجوه المؤسسة العسكرية والدبلوماسية الأميركية، مارك كيميت، خريطة دقيقة لتباين وجهات النظر بين ترامب ونتنياهو، معتبراً أن ما يحدث ليس خلافاً عابراً، بل صدام رؤى بين "رجل يؤمن بالصفقات" وآخر "يؤمن بالردع عبر القوة".
وقال كيميت: "نتنياهو رجل يصعب التعامل معه، ولديه قناعة بأنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر من أي جهة أخرى. في المقابل، ترامب على النقيض، لا يرى في الحروب حلاً بل كارثة، ويريد وقفها لا إشعالها". لكنه أضاف أن "نتنياهو أصبح أكثر قوة من ذي قبل، ويحظى بعلاقات متينة مع وكالات الأمن القومي الأميركية، لكن هذا لا يعني أنه في موقع يحسم قرارات ترامب".
أمام هذا الواقع، يبدو أن التوتر الحالي ليس حادثًا عارضًا، بل هو نتيجة تراكمات وخلافات عميقة في وجهات النظر حول القضايا الأساسية، وتحديدًا:
1 ـ اختلاف في كيفية فهم المشهد الإقليمي وتحدياته.
2 ـ تباين في الملفات التي يعتبرها كل طرف ذات أولوية قصوى.
3 ـ اختلاف في الوسائل والأساليب المفضلة للتعامل مع الملفات الإقليمية (دبلوماسية، عسكرية، اقتصادية).
هذه المعطيات تظهر أن الخلافات التي كانت تُدار سابقًا خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة، قد ظهرت الآن إلى العلن، متخذة شكل "صدام علني". وأن المكالمة الهاتفية بين ترامب ونتنياهو أواخر الشهر الماضي، هي مجرد بداية لهذا الصدام الذي، مع ذلك، لن يصل إلى حد الانهيار التام، ليصبح الوضع كما وُصف: "أقل من تحالف، وأكثر من خلاف".
وهذا قد يعني أن العلاقة المعقدة بين ترامب ونتنياهو ستحتفظ ببعض جوانب التعاون، لكنها مشوبة بفتور وعدم تطابق كبير في المواقف. ذلك أن ترامب يميل إلى التهدئة ومحاولة "ترتيب البيت الإقليمي"، ورغبة في التوصل إلى تسويات أوسع أو تجنب الصراعات المكلفة، على عكس نتنياهو الذي يرى أن الخيار العسكري هو أنجع وسيلة للوصول إلى الهدف.
وأمام هذا التضارب في الرؤى، يبقى السؤال مطروحًا: هل فقدت العلاقة بين الرجلين حرارتها دون أن تصل إلى حد العداء الصريح؟ ومما لا شك فيه أن دور كلٍّ من هاتين الشخصيتين، بأسلوبهما الحازم والمباشر، وأحيانًا المثير للجدل، والذي لا يمكن إغفاله، قد يُسهم في تحول الخلافات الكامنة إلى مواجهات علنية بشكل أسرع.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.






