السلاح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان: مسار معقّد ينتظر الحسم
23 أيار 2025
13:42
Article Content
أكدت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان على توافق الجانبين الرسميين، اللبناني والفلسطيني، بشأن ضرورة "ضبط السلاح" داخل المخيمات الفلسطينية، وإنهاء أي "مظاهر خارجة عن منطق الدولة".
وقد عبّر الطرفان عن هذا التوافق في بيانات مشتركة صدرت عقب اجتماعين رسميين، أحدهما في القصر الجمهوري والثاني في السراي الحكومي، شددا فيها على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، واحترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.
أعلن محمود عباس موقفًا، يطوي 56 عامًا من حرية العمل العسكري الفلسطيني في لبنان، منذ توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969، الذي منح منظمة التحرير الفلسطينية الحق بالعمل الفدائي ضد إسرائيل من جنوب لبنان.
عبّر الطرفان عن هذا التوافق في بيانات مشتركة صدرت عقب اجتماعين رسميين، أحدهما في القصر الجمهوري والثاني في السراي الحكومي، شددا فيها على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، واحترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه
وأكد بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون "التزام الجانب الفلسطيني بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية". في إشارة واضحة إلى حادثتي إطلاق الصواريخ الأخيرتين من جنوب لبنان بتاريخَي 22 و28 آذار/مارس 2025، والتي استدعت إصدار المجلس الأعلى للدفاع في 2 أيار/مايو 2025، تحذيرًا غير مسبوق لحركة حماس، دعا فيه إلى عدم استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمسّ بالأمن القومي.
وكانت لافتة الصراحة التي حضرت في لقاءات رئيس السلطة الفلسطينية، حيث سمع من رئيس الحكومة نواف سلام قوله أن "هذا السلاح الفلسطيني لم يعد سلاحًا يساهم في تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، بل الخطر أنه قد يتحوّل لسلاح فتنة فلسطينية فلسطينية وسلاح فتنة فلسطينية لبنانية".
اجتماع عملي
أفضت زيارة محمود عباس إلى إعلان موقف رسمي لبناني-فلسطيني يرفع الغطاء عن السلاح غير اللبناني، ويؤكد أن الأمرة الأمنية والعسكرية على كافة الأراضي اللبنانية، بما فيها المخيمات، تعود حصرًا للجيش اللبناني.
وفي هذا السياق، عُقد الاجتماع الأول للجنة اللبنانية-الفلسطينية، حيث جرى وضع جدول أعمال واضح لتنفيذ آلية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، بما في ذلك السلاح داخل المخيمات، إلى جانب مناقشة ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان.
كما أُطلق مسار لتسليم سلاح الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات وفق جدول زمني محدد، يبدأ منتصف حزيران/يونيو المقبل.
وكشفت المعلومات أن هذه اللجنة المشتركة هي لجنة تنفيذية ومهمتها البدء بالعمل على الأرض تطبيقًا لما اتُفق عليه في اجتماعات رئيس السلطة الفلسطينية مع رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب. لا سيما الاجتماع الأمني في السراي الحكومي، والذي حضره عن الجانب اللبناني رئيس لجنة الحوار اللبناني - فلسطيني السفير رامز دمشقية، المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير، مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي والمستشار علي قرانوح.
وعن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، مستشار الرئيس عباس للشؤون الدبلوماسية مجدي خالد، سفير فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، إلى جانب المستشارين ياسر عباس ووائل لافي.
ولفتت مصادر لـ "الترا صوت" إلى أن الاجتماعات الثنائية العملاتية سيتولاها عزام الأحمد ومسؤولين فلسطينيين مع كل من مدير المخابرات والأمن العام والسفير دمشقية من الجانب اللبناني.
تجربة 2007
لا تبدو الآلية واضحة حتى الآن، فالملف الفلسطيني معقّد جدًا وتتجاذبه قوى عدة، ولا تملك السلطة الفلسطينية الكلمة الفصل فيه. والمقصود هنا كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة حماس، وفصائل أخرى أقلّ قوة وانتشارًا لكنها موجودة على الأرض.
صحيح أن الخطوة الأولى التي قام بها الجيش اللبناني مرّت بهدوء، من خلال تفكيك كل المراكز الفلسطينية خارج المخيمات، في الناعمة في جبل لبنان وقوسايا والسطان يعقوب في البقاع، بعد اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب وبعد سقوط نظام بشار الأسد.
إلا ان الأمر يختلف عندما يصبح داخل مخيمات مكتظة سكانيًا، وتشهد فسيفساء مقلقة من القوى المسلّحة المرتبطة مع جهات عدة فلسطينية وغير فلسطينية. وفي ظل خشية دائمة من تكرار مشهد معارك مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومنظمة فتح الإسلام في العام 2007 والذي ذهب ضحيته مئات الشهداء.
الكرة بملعب حماس
تشكّل زيارة عباس ومضمونها الواضح بوضع حدّ للعمل العسكري في لبنان، إحراجًا كبيرًا لحركة حماس، التي أكدت أنها ملتزمة باستقرار لبنان وقوانينه، وكذلك بقرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
وفي حين تتحفظ في كل بياناتها عن الإعلان صراحة استعدادها لتسليم سلاحها إلى الدولة اللبنانية، تكتفي بسقف احترام الاستقرار اللبناني. وأما الجديد في تعليقها على زيارة عباس قولها أن "ما يجري الآن، هو حوار فلسطيني فلسطيني في لبنان، من أجل التحضير لبناء رؤية فلسطينية موحدة خاصة بهذا الموضوع وبكل المواضيع الأخرى كالحقوق الإنسانية والاجتماعية وأمن مخيماتنا واستقرارها وقضايا أخرى".
وعليه فإن المباحثات الثنائية بين لبنان والسلطة الفلسطينية، ستحتاج إلى جولات متزامنة فلسطينية فلسطينية.
بكل الاحوال، لا تُحسَد حماس على موقفها، فهي لا تملك رفاهية الوقت ولا الخيارات. فرفض تسليم السلاح قد يجعلها عرضة للحظر والترحيل من لبنان، لا سيما بعد الإنذار الأول الذي تبلّغته من المجلس الأعلى للدفاع.
البؤس الإجتماعي
يشكّل وجود "السلاح غير المنضبط" داخل المخيمات الفلسطينية مصدر قلق مشترك للفلسطينيين واللبنانيين على حدّ سواء، في ظل ما تشهده هذه المناطق من ظروف معيشية صعبة وتراجع في الخدمات الأساسية. وقد ساهم هذا الواقع في خلق بيئة هشّة قد تكون عرضة للاستغلال من بعض الجهات، ما يفرض ضرورة المعالجة الجدية للحفاظ على أمن السكان واستقرار المخيمات.
من هنا يبدأ العلاج، فلا حلّ للمخيمات بالامن فقط، إنما بتأمين حياة كريمة للاجئين إلى حين إنجاز حق العودة، فإقامتهم المؤقتة في المخيمات لا تعني أبدًا أن يعيشوا في مأساة يومية على مستوى أبسط مقومات الحياة.
يشار إلى أن البيان الصادر عن القمة المشتركة في قصر بعبدا، شدّد على "أهمية العمل المشترك على معالجة القضايا الحقوقية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، بما يضمن تحسين أوضاعهم الإنسانية من دون المساس بسيادة الدولة".
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.