قرار ترامب ينعش لبنان كما سوريا... خطوط نفط وكهرباء وترانزيت ومكاسب أخرى
19 أيار 2025
17:30
Article Content
انعكس قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا انفراجًا كبيرًا في لبنان أيضًا، الذي عانى بدوره اقتصاديًا طوال الحرب السورية، لا سيما على مستوى الاستيراد والتصدير بعد تعطّل حركة النقل البرّي "الترانزيت" إلى الخليج العربي، وغيرها من الآثار السلبية.
يستفيد لبنان من قرار ترامب على أكثر من صعيد، لكن الأمور مشروطة بقدرة لبنان على مواكبة المرحلة الجديدة واستكمال الإصلاحات المطلوبة منه دوليًا، إضافة الى بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
قانون قيصر
تتنوّع العقوبات الدولية المفروضة المفروضة على سوريا، بين أوروبية وأميركية، وكان أقساها قانون قيصر الصادر عن الكونغرس الأميركي، والذي كان بمثابة حصار سياسي واقتصادي على نظام الأسد، وتأثر به لبنان بشكل كبير.
وتكمن الإشكالية الكبيرة بعد قرار ترامب بهذه النقطة تحديدًا وكيفية إزالتها.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب السياسي جورج شاهين، في حديث لـ"الترا صوت"، أنه "لا بد من التنبيه إلى أمر مهمّ أنَّ بعض العقوبات المفروضة على سوريا لا يمكن فكّها بالسرعة التي يتوقعها البعض، فمعظم هذه العقوبات ولاسيما تلك التي تتعلّق بقانون قيصر الذي كبّل كل أشكال التعامل الخارجي مع سوريا في الاتجاهين، من الداخل إلى الخارج والعكس، هو قانون أقرّ في الكونغرس، وبذلك فإنَّ التراجع عن قانون يجب أن يكون عن طريق قانون جديد، وهو أمر يحتّم علينا انتظار المراحل التطبيقية التي يمكن أن يلجأ إليها الكونغرس الأميركي في هذا الشأن".
ويضيف أن "العقوبات التي فُرضت بمراسيم تنفيذية تندرج ضمن الصلاحيات الأساسية للرئيس الأميركي، الذي هو رئيس مطلق الصلاحيات، أيّ يمكنه تغيير أيّ أمر بقرار شخصي منه من دون العودة إلى المؤسسات، وبانتظار فك العقوبات التي أقرّت في الكونغرس، يقال إن هناك ترتيبات بوشر العمل عليها في وزارة الخزانة الأميركية وفي المراكز المعنية وهي عملية قد تطول بعض الوقت للتراجع عن مجمل العقوبات المفروضة على سوريا".
ملف النازحين
يشكل ملف النازحين السوريين العبء الأكبر على لبنان، بعدما فاق عددهم المليون لاجئ تقريبًا. وربما تكون الايجابية الأولى مرتقبة لبنانيًا لقرار رفع العقوبات، لا سيما وأنه سيكون بالإمكان إجراء التحويلات المالية عبر سوريا لدعم عودة النازحين.
ويقول شاهين: "العقدة تكمن في انحسار النزوح السوري في لبنان وعودة النازحين إلى بلدهم، وهو أمر يحتاج إلى أكثر من قرار سياسي، فضلًا عن أنَّ معظم المناطق التي دمرها النظام السوري تعود إلى الفئة الموجودة في لبنان، بالإضافة إلى المجموعات التي هاجرت من سوريا مع انتصار الثورة السورية، ووصول أحمد الشرع إلى دمشق، ارتفع عدد النازحين السوريين، وبالتالي انقسم هؤلاء إلى فئتين، منهم من فرّ من نظام الأسد، ومنهم من فرّ من نظام الشرع. ومن الصعب أن يعود هؤلاء إلى مناطقهم، خصوصًا أولئك الذين كانوا على يتعاملون بشكل علنيّ مع نظام الأسد وحزب الله والفصائل الإيرانية الأخرى، وهذا الأمر قد يطول إلى أجل غير مسمى ما لم تطرأ أي مفاجآت على الساحة".
خط الربط الخماسي
الأثر الإقتصادي سيكون بالغ الأهمية، لجهة ربط لبنان بالعراق عبر خط "الفيول" وخط "الفايبر أوبتيك"، كما أعلن وزير المالية ياسين جابر.
هذا إضافة إلى تسهيل مهمة جرّ الغاز الأردني والمصري، ويشير شاهين إلى أن "قد يستفيد لبنان بسرعة من خطط الربط الخماسي للكهرباء، لا سيما بعد قرابة ثلاث سنوات من المحاولات التي بذلها لبنان، إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله، لإقناع الولايات المتحدة برفع العقوبات المتعلقة بقطاع الكهرباء. ورغم أن هذه العقوبات قد تكون من النوع الذي يتطلب تشريعًا من الكونغرس، فإن رفعها سينعكس حتمًا بشكل إيجابي على لبنان".
وكان حدّد وزير الطاقة والمياه جو الصدّي النقاط الأساسي في هذا السياق، حول كيفية استفادة لبنان، مفنّداً إياها على الشكل الآتي:
- أولًا: استجرار الطاقة عبر سوريا من خلال خط الربط مع الأردن.
- ثانيًا: استجرار الغاز عبر سوريا مع الإشارة إلى أن من أولى أولوياتنا البدء بإنشاء معمل حديث على الغاز.
- ثالثاً: إجراء دارسة حول كيفية تشغيل خط أنابيب النفظ من العراق إلى لبنان وكذلك مصفاة البداوي، خصوصًا أن هذا الملف كان مدار بحث خلال لقاءاتي وزميلي وزير المال ياسين جابر في العراق الأسبوع الماضي.
لبنان وإعمار سوريا
من جهة أخر، يشير شاهين إلى أن "إعادة إعمار سوريا ستنعش حركة التجارة في لبنان وحركة الموانئ، فمرفأ بيروت الذي يوفر المعدات والمواد الولية لأي عملية بناء في دمشق يعد أقل كلفة من الموانئ الموجودة في اللاذقية وطرطوس وكذلك بالنسبة إلى مرفأ طرابلس وإن أنجز مطار القليعات في هذه المرحلة قد ينعش حركة الاقتصادية وانتقال البضائع والسوريين عبر هذا المطار".
آثار سلبية
إذًا، فإن ميزان الإيجابيات يفوق السلبيات بكثير، رغم وجود بعض السلبيات أيضًا، لا سيما من جهة الحركة السياحية، التي قد تتأثر سلبًا في حال انتعشت السياحة في سوريا بشكل كبير بعد استتباب الأمن. وكذلك الأمر بالنسبة لحركة مطار بيروت، الذي كان يستحوذ على كامل حركة المسافرين السوريين طوال السنوات الماضية. ومن الآثار السلبية أيضًا، احتمال خسارة لبنان جزءًا كبيرًا من حركة التحويلات المالية التي كانت تمرّ عبر مؤسساته المالية، والتي قد تنتقل إلى سوريا. وإن كان من الممكن للنظام المصرفي اللبناني أن يستفيد من خلال فروعه المصرفية الموجودة في سوريا.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.