ليبقى الأخضر محتلاً الأرض
24 نيسان 2025
11:07
Article Content
هو الذي يئنُّ علّةً وفيه الدواء، جفافاً وهو الغني بالماء، تلوثاً رغم نقاوة الهواء، أعراضاً قشرية ترابية جوفية لكنّها قد تصل إلى الغلاف الجوي محاطاً السماء، إنّه القطاع الزراعي، الذي تندرجُ ضمن نطاقِه "لعبة: الإنسان الحيوان الشيء طعام"، ومجموعُ نقاطِها تصبُّ لصالحِ البشرية جمعاء، يلزمُ العنايةَ المشدّدةِ لضمان صحتِهِ وسلامتهِ، ليبقى الأخضر محتلّاً الأرض.
ورغم أهمية القطاع الزراعي في بنية البيئة الإنسانية الحياتية الخدماتية، فيُنظر إلى الفلاح أو المزارع نظرةً "ثانوية"، أن لم نقل "دقة قديمة"، ذاك الآتي من "الجرد" أو الضيعة، وقد يخسر إنتباهاً مجتمعياً أمام الطب أو الهندسة أو المحاماة...، ولا يدرك البعض أن الزراعة مهنةٌ، وإلمام نطاقها الشامل يحتاج الى تخصصٍ ودراسةٍ وأبحاثٍ، وإنّ من يحرث ويحرسُ أرضَهُ، كمن يحرصُ على هويتِهِ وكرامتهِ وجذورهِ.
ونظراً لتلك الأهمية المطلقة، فلم يكن الحزب التقدمي أبداً بعيداً عن إستدراكها، بل كان متقدّمُ الخطى، ومنذ تأسيسه في الأول من أيار، وبالتزامنِ مع عيد العمال والفلاحين، لم يكن مجرد صدفةً عبثيةً، بقدر التلاقي مع الرمزية. بل أكثر من ذلك وما يؤكد ويُقرنُ النية بالفعلِ، كان الشعارُ "المعول رمز الفلاح". ولقد كان المعلم سبّاقاً في تلقّفِ هذه الأولويةِ، لا بل كان راعياً حذراً، واضعاً خططاً ورؤى لتحسين القطاع الزراعي.
وليس خفي على أحد، كيف كان المعلم المتنبّه والمنبّه لكل ما يترصّد الزراعة أو الطبيعة من مخاطرٍ، فإذ أعتبر أنّ "التلوث مأساة، الخطيئة المفجعة التي سترتدُّ على كلِّ إنسان ولن ترحم أحد"، آمن بالطب البديل، والمدواة بالأعشاب وحكمة القمح والعلاج به "كن طبيب نفسك"، وكتب "أدب الإنسان بالنسبة للطبيعة الخارجية"، ووضع "المشروع الأخضر"، وأعتبر أن الطبيعة مسؤولة عن توفير السعادة للإنسان.
لكن من غير المنصف والمجحف أن نلخّص جهود المعلم الكثيفة والحثيثة في هذا الإطار، ومدى وعيه وتأمله وإنتماءه وشكره لنعمة الخالق هذه. ولتقترن نية الحكومة الحالية بشعارها الإصلاح والإنقاذ بالفعل، عُيّن الرجل المناسب في الوزارة المناسبة، من محمية "أزر الشوف" إلى حامي زراعة كل لبنان، وجعله محمية خضراء منتجة وصحية.
لذلك عمد الوزير الحالي، وهو الخبير الممتهن، إلى وضع خطة "لنهضة" زراعية مستدامة، تهدف إلى ترشيد القطاع الزراعي، لزيادة الإنتاج وتحسينه، وسلامة الأمن الغذائي، وضمان الجودة، وحماية المزارع ودعمه، ودعم الإنتاج المحلي وتصريفه أمام "هجمة" إستيراد الموارد الخارجية...، وإستخدام المبيدات، وآليات والتقنيات الحديثة التي تسهم في رفع مستوى الإنتاج، وبالتالي حماية المستهلك.
وفي ظل ما تركه العدو في هذا العدوان الأخير من أرضٍ محروقةٍ "مغزوّةٍ" بالمواد الكيميائية والفوسفورية الخطيرة، والتي أتلفت التربة والمحاصيل، يطرح السؤال عن إمكانية إصلاح ما أفسده في وقتٍ قريبٓ، ليتمكّن اللبناني من العيشِ بسلامٍ غذائي يحصدُهُ من سلامةِ أرضهِ، وإلا "الويل لأمةً تأكلُ مما لا تزرع".
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.