يقدّم الحزب التقدمي الإشتراكي هذا العام مقاربة للإنتخابات البلدية تشدّد على الدور التنموي للبلدية، محاولاً توجيه قاعدته الحزبية والشعبية نحو رؤية أكثر عصرية، تشبه المرحلة الجديدة التي دخلها البلد، وتشبه العالم في القرن الواحد والعشرين.

يبدو الأمر طوباوياً بعض الشيء في ظل الواقع المعقد من مختلف جوانبه، وكيف الحال مع استحقاق على تماس مباشر مع الناس، ويحمل الكثير من الرواسب العائلية والمناطقية والحزبية.

تؤكد مصادر "الاشتراكي"، عبر موقع mtv، أنه ترك القرار للناس ووقف على مسافة واحدة من المرشحين، مشدداً على ضرورة مشاركة الشباب والمرأة. وبقدر ما يشجّع على التوافق والتفاهم داخل البلدات، سيكون حاضراً طبعاً لحفظ التوازنات وتمثيل الجميع خصوصاً في البلدات المختلطة.

فللإشتراكي تمثيله الوازن وكلمة الفصل في مدن أساسية، كالشويفات وعاليه وبحمدون وصوفر وبعقلين وراشيا وحاصبيا وسواها، وطبعاً في العاصمة بيروت، حيث تؤكد مصادره حرصه على المناصفة في مجلسها البلدي والقيام بما يلزم من الاتصالات لهذه الغاية.

تشدد مصادر "الإشتراكي" على أهمية إنجاز الاستحقاق البلدي، والتوافق الأهلي حوله، أما العناوين العريضة التي ينطلق منها فهي منح الفرصة لمشاركة الشباب والشابات وأصحاب الكفاءات. 

يحمل هذا التوجه لدى الإشتراكي بصمة رئيسه النائب تيمور جنبلاط، الذي رعى مؤتمراً لإطلاق خارطة طريق لتوجهات الحزب لمرحلة ما بعد الانتخابات البلدية مطلع الشهر الماضي، وأكد السعي لخلق مجالس بلدية متجانسة ومتكافئة، تساهم بالتقدّم والتطوير البلدي وتعطي الثقة.

توضح مسؤولة ملف البلديات في "الإشتراكي" رينا الحسنية، في حديث مع موقع mtv، أن "التقدمي قرّر إطلاق مقاربة جديدة للبلديات تركّز على الناحية التنموية"، مضيفة: "غالباً ما يقارب المواطنون الاستحقاق البلدي فقط بيوم الانتخابات، وما نحاول أن نوصله للناس أن البلديات ليست فقط انتخابات تنتهي في يوم واحد، إنما العمل يبدأ من بعدها".

وتضيف: "لا بد من إخراج البلدية من زواريب السياسة الى الإطار التنموي وإشراك الشباب والمرأة. بعيداً عن الغرائزية العائلية والحسابات الضيقة. والبدء بوضع حجر أساس يؤسس لعمل تراكمي في المستقبل لتغيير النظرة الى الاستحقاق البلدي".

فأي دور على الأحزاب أن تقوم به؟ 

تشدد الحسنية على ضرورة لعب الأحزاب الدور الإيجابي، منطلقة من النقاط الآتية التي يوليها "التقدمي" الأهمية القصوى:

-اللامركزية الإدارية التي تشكّل البلديات جزءا أساسياً منها، والتي يجب تطبيقها في أسرع وقت.

-الجانب التشريعي، لا سيما لجهة إقرار الكوتا النسائية، الكوتا الشبابية، شروط الاقتراع والترشح وخفض سن الاقتراع وغيرها من النقاط التي يجب تعديلها في قانون الانتخابات.

-الشق التنموي، والإضاءة على أهمية التنمية المستدامة وصلاحيات البلديات في هذا الموضوع.

-الشق التوعوي والتثقيفي، والذي يطال كل المراحل قبل وبعد الانتخابات. 

يواكب "الإشتراكي" هذه الورشة بجولات مناطقية مكوكية، مجتمعاً بكوادره الحزبية ومؤسساته الرافدة، لاعباً دوراً تثقيفياً وتوجيهياً بما يتناسب مع رؤيته المستقبلية. وتشير الحسنية إلى أن التركيز مع القواعد الشعبية يتمحور حول نقاط أساسية، أهمها:

-قانون البلديات لجهة شروط الترشح والانتخاب وصلاحية البلدية رئيساً وأعضاء.

-دور الأحزاب في البلديات، وكيف على الأحزاب أن تتعامل مع البلديات بشكل إيجابي، من خلال علاقاتها والحصول على مساعدات وتمويل للمشاريع التنموية عبر الجهات المانحة. إلى جانب دورها التشريعي في مجلس النواب ودعم خيار الحوكمة الرشيدة.

-دور الشباب الأساسي في البلديات، وما يتمتعون به من قدرة على التعامل مع التطور التكنولوجي. 

-البيئة والتنمية المستدامة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

-الأمن الغذائي المستقل، والاستفادة من الثغرات التي عاشها البلد على هذا المستوى خلال أزمة كورونا والازمة الاقتصادية والحروب، وكيف يمكن للبلدية ان تحقق هذا الاكتفاء الذاتي، خصوصاً خلال الأزمات.

لن تنتهي المهمة في شهر أيار، تؤكد الحسنية، لأن "ورشة الإشتراكي ستستمر ما بعد الإنتخابات مع المجالس البلدية الجديدة، ودعمها للإتجاه نحو المشاريع الإنمائية الكبيرة، بالتعاون مع الجهات المانحة. فكل بلدية قادرة على الأقل على إنجاز ٦ مشاريع كبرى خلال ولايتها. وسندرب البلديات بعد الانتخابات على كيفية كتابة مقترح مشروع للجهات المانحة، كيفية إجراء الموازنة وقطع الحساب، اعتماد المساواة الجندرية في العمل البلدية، المكننة، إدارة المخاطر، إجراء تقييم ذاتي للعمل البلدي، قانون الشراء العام، وإنجاز دليل للمختار لأن عمله أيضاً أساسي".

"البلدية مش جورة وزفت"، تقول الحسنية، إنما تتمتع بصلاحيات واسعة، فالبلدية فعلياً هي الدولة.