نتنياهو في "بيت الطاعة" الترامبية
18 نيسان 2025
09:11
Article Content
بين أوائل شباط وأوائل نيسان، لقاءان بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قلب خلالهما سيد البيت الابيض الأمور رأساً على عقب ورسمت على ملامح الضيف "الصدمة والارتباك".
كانت لهجة ترامب في "اجتماع الإثنين" في السابع من نيسان الجاري، مختلفة تماماً عن زيارة نتنياهو للبيت الأبيض في أوائل شباط الماضي، حيث ركزت نقاشات اللقاء الأول، على آمال إسرائيل بأن يدعم ترامب أي عمل عسكري محتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.
لكن اللقاء الثاني الذي وصفته صحيفة معاريف بـ"القنبلة" التي ألقاها ترامب في وجه نتيناهو والذي بدا فيه أنه المسيطر على ضيفه، لم يتردد سيد البيت الابيض خلاله بالإعلان عن نيته إجراء محادثات واسعة النطاق مع إيران، بل قال أيضاً عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يُعتبر ثاني أكبر مصدر قلق لإسرائيل في سوريا: "أنا معجب به، وأعلم أنه معجب بي"، مشيرة إلى أن نتنياهو بدا "مصدوماً ومرتبكاً" عقب "تصريحات ترامب "المفاجئة".
مراسل صحيفة "الإكونوميست" الصحافي الإسرائيلي أنشيل بفيفير، لم يتردد بالقول إن "ترامب لم يعامل نتنياهو كما عامل زيلينسكي في البيت الأبيض، لكن من نواحٍ كثيرة، هذا اللقاء أكثر إذلالًا". واضاف أن ترامب "لم يطالب إسرائيل بأن تتصرف كأنها دولة تابعة لأميركا، بل يفترض أنها كذلك بالفعل، وكان نتنياهو يكتفي بهز رأسه موافقًا.. إنها ذروة إذلال نتنياهو" على حد تعبير الكاتب.
ولفت إلى أن "ترامب أرغم نتنياهو على القبول علنًا بأي اتفاق يتوصل إليه مع إيران، وأن إسرائيل قد لا تحصل على أي تخفيض في الرسوم الجمركية، طالما لا حل لقضية الأسرى في غزة"، مشيراً إلى أن "الصديق العظيم لترامب، أردوغان، بات يسيطر الآن على سوريا، ولم يُتح لنتنياهو حتى أن يعترض أو يضيف ملاحظة واحدة".
وعلق أحد المسؤولين الإسرائيليين قائلاً: "نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يمنح أميركا السيطرة الكاملة على السياسة الخارجية لتل أبيب، السياسة الخارجية لإسرائيل أصبحت الآن ما يقوله ترامب إنها يجب أن تكون عليه".
ويأتي حديث ترامب على وقع تصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا بشأن سوريا، حيث تزعم تل أبيب أن أنقرة تعمل على تحويل سوريا إلى محمية تركية، وذلك على وقع تقارير تتحدث عن مساع تركية لإنشاء قاعدة عسكرية وسط سوريا.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي اغار فجر الخامس من نيسان الجاري على إلى ثلاث قواعد جوية في سوريا قد تنشر قواتها فيها كجزء من اتفاق دفاع مشترك من المقرر إبرامه بين أنقرة ودمشق، وذلك بعدما كانت فرق عسكرية تركية زارت في إطار التحضيرات، قاعدة "تي 4"، وقاعدة "تدمر" الجويتين في محافظة حمص السورية، والمطار الرئيسي في محافظة حماة، في لتقييم حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين، وذلك قبل أن تستهدفها إسرائيل هذه المواقع بضربات جوية.
لكن ما أن وصل نتنياهو إلى البيت الابيض، حتى طلب منه ترامب أن يتصرف بعقلانية، محاولاً كبح جماحه تجاه تركيا، وذلك بعدما طلب الضيف الإسرائيلي من الرئيس الأميركي التوسط لدى أردوغان كي لا يتمدد نفوذ تركيا في سوريا.
لكن ترامب رد قائلاً: "أعتقد أنني أستطيع حل أي مشكلة لديك مع تركيا، طالما أنك منطقي في طلباتك". وأضاف أنه "شخص قاس وذكي للغاية، أنجز شيئاً (في سوريا) لم يسبقه إليه أحد.. عليك التسليم له بالانتصار".
وفور عودة نتنياهو من واشنطن، عُقد أول اجتماع فني في التاسع من نيسان في أذربيجان بين الإسرائيليين والاتراك، لمناقشة وضع آلية لتفادي التضارب ومنع ما غير المرغوب بها في سوريا.
وأوضح مكتب نتنياهو أنه تم الاتفاق مع تركيا "على مواصلة الحوار من أجل حفظ الاستقرار الأمني". فيما نقل موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي عن مسؤول إسرائيلي قوله أن الطرفين ناقشا إنشاء آلية لفض الاشتباك بينهما وتجنب أي صدامات أو سوء فهم محتمل لعمليات الجانبين في المنطقة في سوريا.
ويسود الاعتقاد بأن استعداد ترامب للوساطة بين أردوغان ونتنياهو يتطلب من الأخير أن يكون أكثر عقلانية، ذلك أن ترامب يرى في تركيا حليفاً قوياً، وبالتالي فإن تهديدات نتنياهو لا تهمه كثيراً، لأن "ما يهم ترامب هو من يأتي بالمنفعة أو الضرر للولايات المتحدة".
ويشار إلى أن سياسة ترامب الداعية لسحب القوات الأميركية من سوريا، والتي يتبناها منذ ولايته الأولى، لا تتناسب مع السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا. إلا أن رغبة ترامب اصطدمت في ولايته الأولى، بمقاومة البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، واعتراضات من داخل الحزب الجمهوري نفسه، فلم تتحقق بالكامل.
ويبدو أن ترامب مصمم في ولايته الثانية على موقفه رغم معارضة كل الأطراف، بما فيهم نتنياهو الذي كان يأمل بدعم أميركي في تحركاته ضد تركيا في سوريا، فكان رد ترامب "بمثابة تحذير وتنبيه لنتنياهو ليأخذ حذره".
وأفأدت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس الخميس (17 نيسان) إن الجيش الأميركي بدأ بسحب مئات الجنود من شمال سوريا، ويستعد لإغلاق 3 من أصل 8 قواعد عسكرية في المنطقة، وذلك نقلاً عن يمسؤولين أيمركيين رفيعي المستوى، مشيرة إلى أن هذه الخطة ستؤدي إلى خفض عدد الجنود الأميركيين في سوريا من 2000 إلى 1400 جندي.
وأوضح الصحيفة أن القواعد التي سيتم إغلاقها هي: القرية الخضراء، والفرات، وقاعدة أخرى صغيرة، مشيرة إلى أن المسؤولين العسكريين الأميركيين سيقيّمون إمكانية إجراء تقليص إضافي للقوات بعد 60 يوما.
وكانت شبكة "إن بي سي" افادت في شباط الماضي، نقلاً عن مسؤولين في البنتاغون، بأن الوزارة بدأت بإعداد خطط للانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا خلال 30 أو 60 أو 90 يوماً، تماشيًا مع سياسات إدارة الرئيس ترامب.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.