بين التعريفات الجمركية والنبرة العالية، وبين الرسوم الانتقامية وصرخات السيادة، تستعر اليوم واحدة من أكثر الحروب الاقتصادية شراسة في التاريخ المعاصر. هي ليست فقط حرباً تجارية بين دولتين، بل مواجهة على زعامة العالم بين القوّتين الأكبر: الولايات المتحدة والصين.

انفجرت هذه الحرب فعليًّا مع قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى مستويات خانقة، بلغت في بعض الحالات 145 في المئة. لكن، وكما تقول بكين... الأمور لا تسير بهذه البساطة.

ففي المقابل، بدأت الصين أخيراً بـ"اللعب على المكشوف". وانتشرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لمورّدين صينيين يكشفون كيف تُصنَّع منتجات "فاخرة" من ماركات عالمية، داخل مصانعهم وبتكلفة زهيدة. فحقيبة تُباع عالمياً بـ34 ألف دولار يمكن الحصول عليها من المصنع بـ1400 دولار فقط، مع شحن مجاني!

هي ضربة "ناعمة" لكنها موجعة، تكشف حقيقة أن الإنتاج الحقيقي يحصل في الصين، حيث اليد العاملة. ولا يمكن اعتبار ما يحصل صدفة، بل رسالة سياسية واقتصادية مشفّرة للعالم. الصين تقول: "نحن من يصنّع... والبقية تبيع".

في هذا السياق، تبرز تصريحات للمفكر الاقتصادي العالمي جيفري ساكس بأن "المستقبل للصين، وليس للولايات المتحدة، وأن ترامب دمر قوة أميركا وزاد من عزلتها". وفي الأرقام، يكفي أن نعلم أن الاقتصاد الصيني تضاعف 15 مرة خلال 24 عاماً، مقابل مرتين فقط للاقتصاد الأميركي. الصين اليوم تملك 30 في المئة من القطاع الصناعي العالمي، بينما لا تتجاوز حصة أميركا 15 في المئة.

مصادر اقتصادية مطّلعة تعتبر، في حديثٍ لموقع mtv، أنّ الصراع الحاصل هو لكسر وجود الأحادية، مشيرة إلى أنّه صراع أقطاب بين فكرة وجود قوّة عظمى وحيدة في العالم، أي أميركا، وبين وجود قوّتين عظيمتين. وتشرح المصادر نفسها أنّه "لا شكّ أنّ الصين وأميركا قطبان كبيران، ومن خلال ما يحصل تُحاول الصين إثبات نفسها كمنافس للهيمنة الأميركية الاقتصادية العالمية، في وقت أنّ ما تقوم به أميركا هو محاولة لتثبيت موقف يقول إنّها القوّة العظمى في العالم لأنّ من يمتلك مطابع الدولار هو من تكون لديه القوّة".

برأي المصادر، الغلبة حتى الآن هي لأميركا وما يحصل لصالحها ويظهر أنّ الجزء السياسي في القوّة الاقتصادية الأميركية أقوى من الجزء التشغيلي في القوّة الاقتصادية الصينية.

السباق مستمرّ والعالم يُراقب، فلِمن ستكون الغلبة؟