"الحزب" يواكب حوار عُمان: تكيّف وحوار رئاسي
12 نيسان 2025
11:13
Article Content
بإمكان الدعاية الإيرانية أن تروّج لجمهور الممانعة بدءاً من اليوم بأنّ المقاومة “انتصرت” لأنّها “أفشلت” سعي بنيامين نتنياهو إلى إقناع واشنطن بالحرب ضدّ طهران. منذ عملية طوفان الأقصى في تشرين الأوّل 2024 تجنّبت القيادة الإيرانية الانزلاق إلى حرب مع الدولة العبرية. كانت الذريعة “قطع الطريق على هدف نتنياهو” إلى توريط إدارة الرئيس جو بايدن في هذا الخيار. وهذا ينطبق على عهد الرئيس دونالد ترامب.
بإمكان “الحزب” أن يعتبر أنّه “انتصر” على إسرائيل، لأنّه يتعاطى بمرونة مع إطلاق الرئيس جوزف عون الحوار مع “الحزب” في نزع سلاحه. هذا ما نُقل عن الرئيس اللبناني. بإقباله على الحوار في مصير سلاحه، “انتزع” الحزب المبادرة من الضغوط الأميركية -الإسرائيلية على الدولة اللبنانية وعليه. لكنّ الأمر يتوقّف على الإيقاع الذي سيسلكه حوار عُمان بعد اليوم.
يرى نائب رئيس مؤسّسة “كارنيغي” للدراسات الشرق الأوسطيّة، الوزير السابق الدكتور مروان المعشر، أنّ من المبكر توقّع نتائج سريعة من حوار عُمان بين أميركا وإيران. ومن السابق لأوانه أيضاً ترقّب انعكاسات هذا الحوار الإقليمية.
النّوويّ صار الأسهل؟
في رأي المعشر أنّ نتنياهو زار واشنطن لأخذ ضوء أخضر أميركي بضرب إيران، ولم يحصل عليه، وهذا من المتغيّرات. فترامب يريد، مهما كان متشدّداً ضدّ طهران، اتّفاقاً بدل المواجهة العسكرية، والرأي العامّ الأميركي غير متحمّس لمغامرات حربية. لكنّ الجديد أنّ تدخّلات طهران الإقليمية باتت على طاولة البحث، وكان الرئيس الأسبق باراك أوباما تجنّب طرحها. أسلوب ترامب هو وضع كلّ شيء على الطاولة. يعلن الحدّ الأقصى ثمّ يعدّل أثناء التفاوض. يقود ذلك إلى الآتي:
المفاوضات باتت أكثر صعوبة من السابق بإضافة الوضع الإقليمي على عنوان الملفّ النوويّ، علاوة على برنامج الصواريخ البالستيّة والمسيّرات.
بات الملفّ النوويّ أكثر سهولة من السابق. فطهران غير مستعجلة للحصول على سلاح نووي، بل يهمّها امتلاك قدرة نوويّة. بات السؤال هو كيفيّة التوفيق بين ذهاب إدارة ترامب إلى حدّ أقصى هو “تفكيك” برنامج طهران النووي على الطريقة الليبية، وبين الإبقاء على هذا البرنامج محدوداً ومراقَباً. وفي الحالة الأخيرة قد يكون لروسيا دورٌ كالذي لعبته في اتّفاق 2015 السابق الذي انسحب منه ترامب، بنقل جزء من اليورانيوم المخصّب في إيران إلى روسيا.
بإقبال طهران على المفاوضات المباشرة، تكون قبلت بالبحث في دورها الإقليمي، الأمر الذي رفضته سابقاً. لكنّها لم تعد في الموقع نفسه على الصعيد الإقليمي نتيجة المتغيّرات في سوريا والضربات التي تلقّاها “الحزب” في لبنان. وبإمكان المراقب أن يضيف ما يتعرّض له الحوثي ذراع طهران في اليمن من إضعاف لقدراته العسكرية، في ظلّ تسريبات مصادر في إيران عن أنّها سحبت ضبّاط “حرس الثورة” من اليمن.
لكنّ هذه المتغيّرات لا تعني بالضرورة أنّه ستنجم عن الحوار نتائج سريعة.
طهران تتسلّح بعنوان رفع العقوبات
بصرف النظر عن تقديرات المعشر، يعتقد متابعون لمقدّمات حوار عُمان، أنّه إذا سلكت المفاوضات بين وزير خارجية إيران عباس عراقتشي وممثّل “الشيطان الأكبر” ستيف ويتكوف، منحى الاستمرارية، يكون ذلك مؤشّراً إلى أنّ طهران تتأقلم. وهذا يحتاج إلى وقت، تحت مظلّة الكلام الدعائيّ لعراقتشي بأنّ هدف المفاوضات رفع العقوبات.
ما يتسرّب من توجّهات في الإعلام الموالي لحكّام طهران، أنّهم يأملون أن يفضي الحوار إلى الإفراج عن أرصدة إيرانية في العراق وقطر ودول آسيوية. تفيد التسريبات أنّ تحرير الأرصدة الكبرى التي تحتجزها واشنطن يأتي بعد ولوج مرحلة متقدّمة من التفاوض… وعنوان رفع العقوبات يبرّر لحكم الملالي إقبالهم على التنازلات أمام الرأي العامّ ويساعدهم في التغطية عليها. أمّا رفع عقوبات أوروبا فيوجب ترقّب الآتي: هل يكون لفرنسا وألمانيا وبريطانيا دور في التفاوض مع طهران، إضافة إلى روسيا والصين، كما في 2015 في إطار مجموعة 5+1؟
مرونة “الحزب” وتفهّم “القوّات”
شكّل حديث الرئيس عون عن مرونة “الحزب” عند إطلاقه الحوار معه في مسألة السلاح معطى جديداً يرصد المطالبون بتسريع بحثه كيفيّة ترجمة ذلك.
يدعو سياسيون لبنانيون إلى رصد جملة وقائع، منها:
دعوة حزب “القوات اللبنانية” ووزرائه إلى جدول زمني لنزع السلاح لم تمنع تفهّم رئيس الحزب سمير جعجع للحاجة إلى بعض الوقت، بعد تواصله مع الرئيس عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام. وعلى الرغم من اقتراح جعجع تحديد ستّة أشهر كي يعيد “الحزب” أسلحته إلى إيران، رأى أنّ الرئيس عون لديه الحقّ في قول “أعطونا الوقت”. كان ردّ عون على وزراء القوّات قبل 3 أسابيع: “طولوا بالكم …”.
الحزب غير المُمانع: المخيّمات والحدود الشرقية أولاً
المداولات في الوسط القياديّ الشيعيّ، ولا سيما الثنائي، أحدثت تقدّماً نحو تسليم السلاح، على الرغم من تصريحات “الحزب” بالتمسّك به. دعت شخصيات قيادية في الثنائي “أساس” إلى ملاحظة أهميّة إعلان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في 2 نيسان الجاري أنّه تقدّم بإخبار للنيابة العامّة التمييزية “ضدّ كلّ من يظهره التحقيق، فاعلاً أو شريكا أو متدخّلاً أو محرّضاً في إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر في الجنوب”. هي المرّة الأولى التي يصدر فيها موقف شيعي كهذا. وهو يرمز إلى أنّ الموقف الضمني للقيادة الشيعية هو انتهاء مرحلة، بعد الذي أصاب الطائفة من خسائر وأضرار غير مسبوقة. ويأتي بالتوازي مع اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري على الرئيس عون إطلاق حواره مع “الحزب” في شأن السلاح. فالأخير مصرٌّ على البدء في إعادة إعمار الجنوب والضاحية والبقاع، قبل الانتخابات النيابية بعد سنة. تمويل الإعمار دوليّاً وعربيّاً متعذّر إذا لم يتمّ نزع السلاح، وفق ما أكّدته مورغان أورتاغوس.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.