جنبلاط قلق من "الجرافة الإسرائيلية" وتقسيم سوريا
28 آذار 2025
05:57
Article Content
لا تميل رادارات وليد جنبلاط إلى الاستقرار في خضم التوتر والقلق من الدبابة الإسرائيلية. ورغم الأجواء القاتمة، لا يتراجع عن الاقتناعات التي يؤمن بها، وقد تشربها من مدرسة كمال جنبلاط.
بعد كلمته في الذكرى الـ48 لاستشهاد والده، يتجه جنبلاط إلى جلسات "التأمل السياسي" وسط أوضاع لبنان والمنطقة. يقلل الرجل من استقبالاته وينصرف إلى عالمه المفضل، كتب التاريخ والسياسة. ويترك شؤون الساعة وما تعيشه الحكومة على عاتق فريقه، وفي مقدمه نجله رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط.
في بداية الحديث معه، يتمنى إبعاده عن خلافات القوى السياسية ومناوشاتها وملف التعيينات، ولكن لا يمكن مغادرة دارته من دون الحصول منه على إشارات تحاكي حقيقة الأخطار التي تواجه لبنان والمنطقة، ويصوّب عليها ولو بلغته البرقية.
يبدأ من الأراضي الفلسطينية حيث يحذّر في كل لقاءاته واتصالاته من "الجرافة الإسرائيلية" التي لن تتوقف عن اقتلاع الفلسطينيين من غزة ولا تقبل حتى ببقاء أبناء الضفة الغربية في ديارهم، وسط كل هذا الكم من المضايقات والاعتداءات المفتوحة ضد أصحاب الأرض. ويمارس بنيامين نتنياهو كل "هواياته"، ولم يكن ينقصه إلا الدعم المفتوح من الرئيس دونالد ترامب والتراخي الديبلوماسي الغربي والعالمي أمام آلة الموت الإسرائيلية التي تعبث بغزة ولبنان وسوريا.
ويتوقف جنبلاط أمام الحواجز التي تمنع أبناء البلدات الحدودية الجنوبية من العودة، مع تأكيده التمسك بوقف النار وتطبيق القرار 1701. ولا يحتاج إلى سؤاله عن الدعوات الأميركية إلى التطبيع بين لبنان وإسرائيل. ويقول إن سقف العلاقة بين الطرفين يجب ألا يتعدى اتفاقية الهدنة عام 1949. وعندما يتناول إسرائيل، لا يفوته التذكير بتلاعبها بين المكونات الفلسطينية، مع اتهامه القديم - الجديد للشيخ موفق طريف "والخدمات التي يقدمها لجيش العدو".
وتبقى سوريا وتشعباتها الأخيرة بعد رحيل نظام بشار الأسد محل متابعة عند جنبلاط، فهو يخشى عليها من التقسيم، وسيبقى يدعو إلى وحدتها وبقاء الدروز في إطار النسيج الوطني مع كل أبناء الطوائف الأخرى. وهذا ما أبلغه إلى كل المعنيين في سوريا وإلى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وهو على استعداد لزيارة ثانية لدمشق التي يعبّر عن حبه لها، للقاء الرئيس أحمد الشرع.
وتكمن أسباب قلقه في دخول العامل الإسرائيلي على الخط واجتياحه مساحات كبيرة من سوريا، في وقت لا تبعث كل المعطيات الميدانية في الإقليم على الاطمئنان ولا تبشر بالخير.
وبعدما طوى صفحة تقليد إحياء ذكرى استشهاد والده إثر توقيف الأمن السوري اللواء إبرهيم حويجة المسؤول عن اغتياله ودخول لعبة القدر في هذا الملف، فهو يتركه للقضاء السوري، على أساس أن حويجة، من تاريخ تدرجه في سلم النظام السوري وصولا إلى رئاسته المخابرات الجوية يملك سجلا حافلا في ارتكاب الاغتيالات والجرائم في لبنان وسوريا. ولا يستبعد "أن تكون له بصمات في اغتيال رياض طه وسليم اللوزي، ومن الأفضل أن يحاكم في سوريا".
وتصله معلومات مفادها أنه يتم الكشف في باحات أكثر مراكز التحقيقات الأمنية الكبرى عن وجود مقابر جماعية لأبرياء ومظلومين كانت تتم تصفيتهم فور الانتهاء من التحقيقات معهم. وإذا كان جنبلاط لا يتقبل ما حدث ضد العلويين في الساحل السوري في الأيام الأخيرة، فإنه يدعو أيضا إلى التوقف عند الآثار التي خلفها في نفوس العدد الأكبر من العائلات السورية.
في اختصار، يتحسس جنبلاط جملة من الأخطار تهدد المنطقة التي تمر في مرحلة أصعب من اجتياح 1982، "على الأقل كان هناك الاتحاد السوفياتي" الذي ما زال يحن إلى أيامه.
وعلى هامش تقديم "النهار" باسم رئيسة تحريرها نايلة تويني لوحة في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط في 16 آذار/مارس، يشكر جنبلاط الصحيفة على هذه اللفتة وعلى التدريب في قاعات تحريرها بطلب من الأستاذ غسان تويني في أوائل السبعينيات، مع نخبة متميزة من الكتاب والسياسيين، بينهم كريم بقرادوني وأمين معلوف وكمال حمدان وغيرهم، وكانوا يصدرون يومها "الملحق الإنمائي".
رغم تعلقه بوسائل الإعلام الحديثة، يعتبر جنبلاط الصحافة المكتوبة ملاذه الأول، إذ تعلق مبكرا بقراءة "النهار"، وأكثر ما يلفته اليوم الرسوم الكاريكاتورية لأرمان حمصي.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.