من الدفاع عن لبنان إلى مواجهة المشاريع الإقليمية
15 آذار 2025
19:00
Article Content
تعد مسيرة وليد جنبلاط إحدى أكثر المسيرات السياسية اللبنانية تعقيدًا، فكانت مليئة بالمواقف الحاسمة والقرارات التاريخية التي شكلت جزءًا من هوية لبنان في العديد من المراحل المفصلية. بدأ جنبلاط مسيرته السياسية بعد استلامه الراية في عام 1977، بعد وفاة والده كمال جنبلاط، الزعيم اللبناني البارز. خلال هذه الحقبة، واجه العديد من التحديات الكبيرة على المستوى السياسي والإقليمي، لكنه أثبت أنه كان لاعبًا رئيسيًا في صناعة تاريخ لبنان الحديث.
1977: وقف المجازر ولقاء القاتل
في عام 1977، كان قرار وليد جنبلاط الأول، هو وقف المجازر التي كانت في منطقة الشوف ومن بعدها لقاء القاتل. كان لا بد من هذا اللقاء الصعب فوق الجراح للحفاظ على العمق العربي بوجه الاطماع الاسرائيلية.
1978-1982 : التصدي للاحتلال الإسرائيلي:
بين عامي 1978 و1982، كانت مواقف وليد جنبلاط حاسمة في التصدي للاحتلال الاسرائيلي؛ فكان من ابرز قادة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بوجه هذا الاحتلال ليكون مدماك تلك المقاومة الوطنية.
1984: إسقاط اتفاق 17 أيار وفتح طريق المقاومة
في عام 1984، كان وليد جنبلاط جزءًا أساسيًا في إسقاط اتفاق 17 أيار، الذي كان يهدد السيادة اللبنانية ويسمح للاحتلال الإسرائيلي بالتوغل داخل البلاد. جنبلاط، كان في طليعة رافضي هذا الاتفاق، فاسقطه وفتح الطريق أمام المقاومة والحفاظ على وجه لبنان العروبي.
1989: اتفاق الطائف وبداية بناء الدولة
في عام 1989، وبعد سنوات من الحرب الأهلية، كان اتفاق الطائف، الذي عبّدت طريقه معارك سوق الغرب، نقطة تحول هامة في تاريخ لبنان السياسي؛ فمع الطائف وحكمة وليد جنبلاط بدأت مرحلة الاستقرار. استطاع خلال الفترة وليد جنبلاط أن يبني تحالفات وتفاهمات محلية واقليمية تؤمن استقرار لبنان وتؤسس لمرحلة جديدة من النمو السياسي والاجتماعي.
1998: مواجهة النظام السوري ورفض انتخاب إميل لحود
في عام 1998، بدأت تظهر بوضوح الخلافات العميقة بين جنبلاط والنظام السوري في لبنان. عندما كان النظام السوري يهيمن على الحياة السياسية اللبنانية، رفض جنبلاط انتخاب إميل لحود لرئاسة الجمهورية، معتبرًا أن ذلك جزء من تعزيز الوصاية السورية على لبنان وانتهاك واضح لسيادة البلاد. كانت هذه بداية لمواجهة مفتوحة مع النظام السوري.
2000: المطالبة بانسحاب الجيش السوري من لبنان
مع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، أصبح وليد جنبلاط احد أبرز الداعين لانسحاب الجيش السوري من لبنان. في عام 2000، ومن على منبر المجلس النيابي طالب جنبلاط من الجيش السوري بالانسحاب كاملا من لبنان، بعدما سقطت ذريعة نظام الاسد بالتواجد في لبنان بعد التحرير، مدافعًا عن سيادة لبنان بوجه كل التدخلات.
2001: عقد المصالحة الوطنية
في عام 2001، بادر جنبلاط، مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير إلى عقد المصالحة الوطنية في المختارة، لطي صفحة الحرب الأهلية اللبنانية. كانت المصالحة خطوة نحو تعزيز الوحدة الوطنية، وشكلت صفعة للنظام السوري الذي كان يسعى لفرض التفرقة للابقاء على هيمنته على لبنان.
2005: قيادة ثورة الأرز
في عام 2005، قاد وليد جنبلاط ثورة الأرز بعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري. الثورة التي عرفت باسم "ثورة الأرز" كانت انتفاضة شعبية واسعة بوجه الوجود السوري في لبنان؛ والتي وضعت حدا للوجود السوري في لبنان واضطر آنذاك الى الانسحاب.
2008: محاولة بسط سيطرة الدولة على أراضيها
في عام 2008، سعى جنبلاط إلى بسط سيطرة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها ومرافقها. فكان الرد من المتحكمين بقوة السلاح بغزو بيروت ومحاولة دخول الجبل؛ فكان هو والاهالي بالمرصاد.
2009: الحوار الوطني والاستراتيجية الدفاعية
بعد اتفاق الدوحة ووقف شلال الدم، قدم جنبلاط رؤية للحل السياسي الشامل عبر تبني استراتيجية دفاعية تحمي لبنان من أي تهديدات خارجية اثر مشاركته بالحوار الوطني الذي دعا اليه رئيس الجمهورية المنتخب حديثا آنذاك.
بعد ذلك: مواجهة الهيمنة الإيرانية
وفي السنوات الأخيرة، كان جنبلاط من بين الأصوات البارزة التي رفضت الهيمنة الإيرانية على لبنان، دون زعزة الاستقرار الداخلي وبخطاب عقلاني؛ ترجمها مرة عبر رفض استقبال الموفدين الإيرانيين، مؤكدًا على ضرورة استعادة لبنان لسيادته الكاملة بعيدًا عن أي وصاية أجنبية.
اليوم: الوفاء للمعلم
بعد مسيرة طويلة مليئة بالتحديات، ينظر وليد جنبلاط اليوم إلى الماضي بفخر واعتزاز، وهو يتذكر شهداء الحركة الوطنية اللبنانية، وفي مقدمتهم والده كمال جنبلاط. في يوم الوفاء للمعلم، يبرز وليد جنبلاط مثالاً على الصمود والتضحية من أجل لبنان والعروبة، ويستمر في تصديه لكل محاولات الهيمنة على بلاده.
ختاماً لقد كانت مسيرة وليد جنبلاط مليئة بالتحديات والمواقف الصعبة، لكنه ظل على الدوام صوتاً للمقاومة، والدفاع عن استقلال لبنان. بفضل صبره وصموده، انتصر لبنان في معركة السيادة والكرامة. إن مسيرته تعد شهادة على قوة الإرادة والتصميم في مواجهة الظلم، ويبقى هو وفياً لنهج والده ومواقفه، ملتزماً بقضايا الشعب اللبناني والعروبة.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.