انتصر القلم على السيف
15 آذار 2025
20:53
Article Content
كتب داود الحكيم في ذكرى استشهاد المعلم كمال جنبلاط:
السادس عشر من آذار ، ذكرى استشهاد المعلم الشهيد كمال جنبلاط. هذه الذكرى التي تملؤنا ألمًا، وتملؤنا اعتزازًا والتي تعلمنا، ان قضايا الشعوب المحقة، لا تبنيها، ولا ترتفع فيها، ولا تخلدها، إلا دماء ابنائها البررة!؟ فالجرح عظيم، لانه غياب لرجل عظيم، اسمه كمال جنبلاط ان المنارات، أكثر ما تفتقد في الليالي الحالكة الظلمة. وكمال جنبلاط كان إحدى هذه المنارات العالية، إن لم يكن المنارة الأعلى، والأكثر إشراقا، في وطنه لبنان، وفي دنياه دنيا العرب، وعالمه، عالم الإنسانية الأرحب، تأتي هذه الذكرى من هذا العام، ولها طابع خاص، واطلالة مميزة، وحدث عظيم، إنها استثناء!؟ فهاكم السجن العربي الكبير، السجن السوري الكبير، الذي رفضت الدخول إليه، قد سقط! وسقط طاغيته، دكتاتور سوريا، من حافظ، إلى بشار، وما بينهما من ادوات إجرام! وسقط كل ما بنوه من سجون، وهياكل، وأصنام، وتماثيل، وأماكن تعذيب، والتي أقاموها عبر خمسة عقود ونيف، قد سقطت كلها، تحت أقدام جموع السوريين، وخرج ما تبقى من معذبين، من أقبية السجون، وزنزانات الموت. خرجوا إلى النور، إلى الحياة من جديد، أحرارًا طلقاء، ودفن تحت جدرانها، بالأسى، والالتياع، مئات الآلاف من السوريين واللبنانيين، والفلسطينيين!
وهاكم المجرم، ابراهيم الحويجة، الذي كلفه الجلاد حافظ الأسد، بالاعداد والاشراف، على جريمة اغتيال المعلم الشهيد! هاكم هو، في قبضة الأمن السوري، وبين القضبان، بعد طول انتظار!؟
الله أكبر، الله أكبر، لقد صحت نبوءتك أيها المعلم الشهيد، إن أنظمة القمع، الدكتاتورية منها، والأنظمة الشمولية العبثية، والبعثية؟ وحكم الحزب الواحد، كلها وان طال حكمها لن تدوم. انها ستسقط حتمًا، مهما طال الزمن، وتمادت في غيها واستبدادها ووحشيتها، ومهما بنت وشيدت من مئات سجون التعذيب، والتنكيل، والقهر، حتى الموت! وحده مشروعك الوطني لم يسقط، وحده مشروعك الاصلاحي، وحده برنامجك المرحلي الذي قدمته لانقاذ الوطن، لم ولن يسقط، لقد سقطوا هم، وبقيت أفكارك، وبقي برنامجك هو الحل، هو الطريق، للانتقال بلبنان، من دولة الطوائف المتقاتلة، المتناحرة، إلى دولة الوطن، الواحد الموحد، دولة العدالة والمساواة، دولة القانون والحريات، وصولًا إلى الدولة الديمقراطية، والعلمنة الشاملة.
عودوا ايها اللبنانيون، إلى برنامح كمال جنبلاط، عودوا إلى دفتر وكتاب كمال جنبلاط، تجدون هناك، الحل والعلاج لجراح الوطن المريض لبنان.
ها هو لبنان كطائر الفينيق ينهض، من تحت الرماد، واستبشر اللبنانيون خيرًا، بوصول جوزيف عون رئيسًا للبلاد ونواف سلام رئيسًا للحكومة. ولم يعد على حدود لبنان شرقًا وشمالًا، حاكم، قاتل، ظالم، وجائر يلبس ثياب الحملان؟ وهموا ذئاب خاطفة! وبقي للبنان عدو واحد جنوبا،هي إسرائيل. ولبنان قادر بعلاقاته الدولية، والعربية، ومرجعية القرارات الأممية، أي يستعيد ارضه، طبقًا لاتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام ١٩٤٩.
سلام عليك أيها المعلم الشهيد في دنياك، دنيا الخلود. وسلام لك من مئات آلاف الحناجر في لبنان الحبيب، التي تحج اليك، في السادس عشر من آذار ، وتنثر على ضريحك الورود، والرياحين. وتستنشق من عبق نسيماته، صلابة الايمان، وروح النضال، ان الحق منتصر لا محال، مهما طال الزمان، واحلولك الظلام، وحجبت الانوار. لقد أفلت وغربت أدوار الطغاة، وغابت إلى الأبد واشرقت شمس الأحرار من جديد، لتعلن انتصارها المجيد في السادس عشر من آذار، لقد انتصر القلم على السيف، وتهاوت سيوفكم وتحطمت، وبقي القلم مدادًا، أبد الدهر، لا ينضب ولا ينشف، أمثالك أيها المعلم الشهيد، مخلدون إلى الأبد، وقاتلوك، في قاع القبور، يكتون في نارين، نار جهنم، ونار أيدي السوريين الاحرار. ذوقوا، ما صنعت أيديكم، واشربوا من نفس الكأس التي صنعتموها!
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.