وهجُ قرصِ الشمس... "يصدِئ" بنادق زنزانتهم
15 آذار 2025
18:49
آخر تحديث:17 آذار 202510:24
Article Content
إذا للنسيانِ ذكرى، فللتاريخِ ذاكرةٌ لن يغفلها نسياناً، ولن يسقطها مرورَ الأعوام، ولن تمحيها عيون الأوفياء عن السجلِ العام، فالتجرّؤ على إغتيالِ كمال العروبة والجبلِ الأشم لن يُطمسَ بزمنٍ، ودون محاسبةِ مرتكبي الإجرام، وإنّ يا معلمي... ولادة كلّ نور حقٍ ستُطفىء كلّ ظلمٍ وظلام.
وأنت المؤمنُ بالتمردِ للحق، وأنّ الثورة ليست مجرد إنتفاضةٍ، بل عملية تاريخية تحتاج إلى الصمودِ والإصرار، إطمئن يا معلمي هذه مفاهيمك تُطبّق وتُطيحُ بالطاغيةِ على يدِ شعبه، كيف لا وأنت القائد وملهم الثوار، وإنهارت تلك الجدران التي حجبت النور، وبانَ وهج قرص الشمسِ، وانقشعت العدالة الإلهية، وقالت كلمتها، وبلسمت الجراح، ونحن يا معلمي... اللذين صبرنا وصمدنا وإنتصرنا.
ومنذ أن شهر ذاك الطاغية غدره، شهدت يا معلمي على شهادتك، وها هو وهج قرص الشمس يصدِئ بنادقهم ويكسر سكاكينهم في زنزانتهم، ويُنير قمرك الذي لا زال يدور فوق بيتك، ويفرش وشاح الحق المنشود، ففي ذكرى مولدك سقط السجن الكبير، وفي ذكرى إستشهادك سقط القاتل، وأنت المؤمن بالله الخالق... ضمير العالم العاقل، وهو القدير.
حينها سُئلَ الكمال عندما وقف في زنزانتهم عن إسمه وعنوانه ودربه، إنه المعلم وهم الطغاة اللذين تهاوت أسماؤهم وأصنامهم، عنوانه المختارة، مجتمعٌ عروبي نضالي قومي، وإلى سجن صغير مخفي منفي زوالهم، ودرب المعلم مبادىء إشتراكية تقدمية، ودربهم عبثي يبعث الحقد والقتل والتعذيب، ويبعثر الإنسانية والسيادة والإنتماء.
وفي دارةِ العزِ والتضحيات ومع تلك العباءة الملطخة بالدماء قال بالأمس الوليد "حبسنا الدمعة وكبتنا الحزن... إدفنوا موتاكم وانهضوا"، لكن ربيعنا ليس "كربيعك مولاي لا تغرب فيه شمس الأزل"، واسمح لنا يا معلمي بدمعةِ فرحٍ تروي تلك "الزهرة التي تفتقت من التراب".
وإنّ تلك الطلقات إرتدت على مطلقها، هم الأموات وأنت الخالد في عليائك، هم من النواقص وكنت للحياة الكمال، ظلوا ظلال ظلمة وبقت عيناك نور الأسرار، ومبادئك روحٌ تتقمص مراراً ومرار.
معلمي "طال إرتحالك ما عودتنا سفر"، وحين يدنو الشوق في عصف البعادِ، نراك يا معلمي في جنى الفلاحين، أبَ المساكين، بسماتِ الودود، كنسرٍ يشتفُّ من الغيمِ، نراك أملاً مع غيث المطر وأريجِ الورودِ، فارساً بنبض الوجودِ، نراك في الكتابِ تراثاً بلقاء الحروفِ، وطناً يعلّي بالقيمِ سياجَ الحدودِ، ترانا يا معلمي مواطناً وفياً على نهجك يكمل المسيرة، قسم بصدق الوعودِ.
"إخفض علياك يا علم" لن نردده مجدداً، إنما إشمخ عالياً يا علم، بهذا النصر الإلهي، وإن ظنّ ذاك الطاغية بإمكانه إنهاء رحلة المعلم، لم يدرك أنّ الكمال يولد مع كل عروبي أصيل المعيار، وأنه يرقد في المقلتينِ، يسطع مع كل إشراقةِ شمسٍ، ويجسد مع ضياء القمرِ، سجود الأخيار.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.