السوريون وليس الدروز أمام اختبار "حماية الوحدة" بعد تصريحات نتنياهو
24 شباط 2025
20:01
آخر تحديث:25 شباط 202506:30
Article Content
يبدو أن السوريين جميعاً، وليس الموحدين الدروز فقط، أمام اختبار جديد لحماية وحدتهم في مواجهة التحديات الخارجية لاسيما الإسرائيلية، وذلك بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي عرض يها خدماته "لحماية الدروز" وفصلهم عن ابناء وطنهم.
عندما احتلت فرنسا سوريا، حاولت استمالة المسيحيين، فأبلغ الجنرال غورو رئيس الحكومة ووزير الأوقاف آنذاك، فارس الخوري، بأن فرنسا جاءت إلى سوريا لحماية مسيحيي الشرق.
فقصد الخوري الجامع الأموي يوم الجمعة، وصعد المنبر، وقال مخاطباً المصلين: "إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله".
هذا الاقتباس شهره مواطنو السويداء في وجه نتنياهو رداً على تصريحاته التي تضمنت حماية الدروز الذين رافضوا أي دعوات للانفصال عن سوريا أو قيادتها الجديدة.
فقد أشعلت تصريحات نتنياهو غضباً في الشارع السوري، عندما دعا إلى نزع سلاح الدولة السورية في مناطق جنوب سوريا، مكرراً أنه لن ينسحب من المناطق العازلة، فيما هدد دمشق في حال تعرض الدروز في جنوب سوريا لأي خطر في المستقبل، ما أثار ردود فعل مستنكرة بين أبناء الطائفة.
وكان نتنياهو قال الأحد الماضي، خلال حفل تخريج دفعة من قوات المشاة، "لن نسمح لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالدخول إلى الأراضي جنوب دمشق، ونطالب بنزع السلاح في محافظات القنيطرة، درعا والسويداء، في جنوب سوريا"، مضيفاً: "كما أننا لن نحتمل أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا".
وفي رد مباشر على تصريحات نتنياهو أعلن قائد "تجمّع أحرار جبل العرب" في السويداء الشيخ سليمان عبد الباقي رفضه القاطع لتدخل أي جهة خارجية بالشأن السوري الداخلي. وقال في تصريح مقتضب "نحن سوريون وهويتنا سورية، نريد بناء الوطن والعيش بسلام، ومطالبنا كالسوريين جميعاً هي البناء والسلام"، مشدداً على أن "أبناء سوريا قادرون على تقرير مصيرهم دون تدخل خارجي".
كذلك، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وسارع أبناء الطائفة لاستنكار هذه التصريحات، معبرين عن غضبهم من تصريحات نتنياهو واعتبروها "استفزازاً وقحاً" يهدف إلى زعزعة أمن الجنوب السوري، واستغلال الأقليات لتحقيق أهداف سياسية.، ومطالبين الحكومة السورية المؤقتة باتخاذ موقف واضح وصريح يدين تهديدات إسرائيل للجنوب السوري.
كذلك انطلقت دعوات للتظاهر في محافظتي درعا والسويداء رفضاً واستنكاراً لهذه التصريحات. وأكد ناشطون ضرورة الحشد رفضاً لأي محاولات لفرض واقع جديد في المنطقة.
ويشار أنه مع نهاية الشهر الماضي، أعلن أكبر فصيلان درزيان حل نفسهما والانضواء تحت مظلة الجيش السوري "الموحد والوطني" بعد تجاذبات حيال رغبة الموحدين بتشكيل مجلس عسكري مستقل لحماية مناطقهم في ظل غموض كان وما زال يكتنف التشكيل الموحد للجيش السوري والتحديات التي تواجه الإدارة السورية لا سيما في حماية الاقليات التي تعج بها البلاد.
ويذكرأنها ليست المرة الأولى التي يلوح فيها نتنياهو بحماية طائفة الموحدين في جبل الدروز. فمنذ سقوط نظام بشار الأسد، لم يوفر نتنياهو الفرصة للكشف عن استعداده لتقديم كل مساعدة لدروز سوريا، وهو ما تم تدواله في وسائل إعلام عدة على اعتباره جزء من خطة إسرائيلية هدفها بسط المزيد من السيطرة على الجنوب السوري.
وتوغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ سقوط النظام في الثامن من كانون الأول الماضي، داخل المنطقة العازلة في أكثر من 10 مواقع في مرتفعات الجولان المحتل، التي تفصل بين المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وتلك التابعة لسوريا منذ عام 1974. وسرعان ما انتشرت القوات الإسرائيلية لاحقاً في مناطق عدة ونقاط في محيط تلك المنطقة.
كما سيطرت القوات الإسرائيلية على الجانب الشرقي من جبل الشيخ. فيما زعم نتنياهو، أن هذا الإجراء مؤقت وذو طبيعة دفاعية يهدف إلى كبح التهديدات المحتملة لبلاده من الجانب السوري. لكنه أشار في الوقت عينه إلى أن القوات باقية حتى تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية على الحدود.
محلل الشؤون السياسية في صحيفة "اسرائيل هيوم" أرييل كاهانا، وفي مقال يبرر فيه تصريحات رئيس الورزاء الإسرائيلي، سأل: "ماذا وراء مطالبة نتنياهو بإخلاء المنطقة الجنوب من دمشق من السلاح؟"، كاشفاً عن "قلقين" يخيم على القيادة السياسية في إسرائيل.
أجاب: "اعتدنا منذ عقود على حقيقة أن سوريا لديها حكومة مركزية عملت على ضمان هدوء الحدود منذ حرب "الغفران" (حرب تشرين الأول 1073)، أما الآن فمن المرجح أن تندلع توترات داخلية وتنافس بين الطوائف"، مشيراً إلى "الكراهية المتأصلة (في المجتمع السوري) لإسرائيل".
وأضاف: "من الممكن أن (الرئيس السوري أحمد الشرع) الجولاني، لا يعتزم فعلاً مهاجمة إسرائيل كما يقول.. لكن من غير المؤكد من أنه سيكون قادراً أو راغبًا في مواجهة تحركات معادية لإسرائيل على الحدود.. وهذا هو القلق الأول".
وتابع أرييل كاهانا، "أما القلق الثاني فهو تركيا التي أصبحت بحكم الأمر الواقع، دولة الوصاية على سوريا"، مشيراً إلى "عداء" الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "لليهود" والذي أعرب يوماً عن اعتقاده، خلال حرب غزة، إنه "سيأتي يوم وستواجه قواته إسرائيل"، على حد الكاتب.
ولفت أرييل كاهانا إلى أن "إسرائيل تطمح إلى تجريد المنطقة من السلاح تحسباً لإمكانية تشكيل تحالف من المجموعات التي ترعاها تركيا وتتحدى إسرائيل، كجزء من أوهام أردوغان المعادية للسامية"، معتبراً أن "نزع السلاح سيكون خطوة وقائية".
وتتجه الأنظار إلى القاهرة، حيث وجهت الأمانة العامة للجامعة العربية دعوة للرئيس الانتقالي السوري محمد الشرع لحضور القمة العربية الطارئة، حيث ينتظر مراقبون أن يفصح الشرع عن أولى مواقفه المتعلقة بسياسة سوريا الجديدة حول ملف المواجهة مع إسرائيل، والذي من الممكن أن يثيره سبب القمة حيال غزة ومواجهة المخططات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.