هل يعيد ترامب زيلينسكي إلى سيرته الأولى؟
17 شباط 2025
13:11
Article Content
في رده على سؤال الأسبوع الماضي، عمن يلقي اللوم في بدء الحرب، روسيا أم أوكرانيا؟ أجاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب: " لو كنت رئيساً، لما حدثت هذه الحرب أبداً".. الجواب الذي فسره كثيرون على أن ترامب لا يريد إلقاء اللوم على روسيا في غزوها لأوكرانيا قبل 3 سنوات.
في آيار من العام 2022، حض وزير الخارجية الأميركي الراحل هنري كيسنجر في منتدى دافوس، قادة الغرب على حمل أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا حتى وإن كانت شروط التفاوض أقل من الأهداف التي تريد الخروج بها من الحرب.
وقال كيسنجر "من الأفضل أن يكون الهدف هو العودة إلى الوضع السابق (قبل اندلاع الحرب)"، معرباً عن أمله في أن يتعامل الأوكرانيون مع الأزمة بحكمة. وأضاف أن الدور المناسب لأوكرانيا هو أن تكون دولة محايدة بدلاً من السعي لأن تكون جبهة أمامية أوروبية في الصراع مع روسيا.
وكان كيسنجر كتب في آذار عام 2014، مقالًا في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بعنوان: كيف تنتهي الأزمة الأوكرانية؟ قال فيه "ليس على أوكرانيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي"، داعياً كييف لأن تكون جسراً بين الشرق والغرب.
ويُشار إلى أن غرب أوكرانيا كاثوليكي بمعظمه حيث يتحدث السكان اللغة الأوكرانية. والشرق أرثوذكسي بغالبيته، حيث يتحدث السكان اللغة الروسية. وأي محاولة من أي جناح أوكراني للهيمنة على الآخر، ستقود إلى حرب أهلية أو الإنفصال.
وكان ترامب أجرى الخميس الماضي محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين استمرت نحو ساعة ونصف الساعة، وصفها بأنها كانت "رائعة"، وقال إن هناك "طريقاً طويلاً" لإنهاء الصراع في أوكرانيا، وأنهما قطعا "شوطاً طويلاً" نحو إنهاء الصراع.
كما أجرى في اليوم نفسه محادثات هاتفية مماثلة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معلنًا أن المفاوضات ستبدأ على الفور، وأن وقف إطلاق النار بات وشيكاً.
لكن سعي ترامب الآحادي لمفاتحة بوتين بخصوص مطالب أوكرانيا الرئيسية، أثار قلق كييف والحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي الذين قالوا إنهم يخشون أن يتوصل البيت الأبيض إلى اتفاق بدونهم.
وكانت إدارة ترامب قالت علناً للمرة الأولى أيضاً، إنه من غير الواقعي أن تتوقع أوكرانيا العودة إلى حدود ما قبل عام 2014، وذلك عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، أو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ضمن أي اتفاق، وإن القوات الأميركية لن تشارك في أي قوة أمنية في أوكرانيا قد يتم تشكيلها لضمان وقف إطلاق النار.
هذه الاجواء، أثارت مخاوف أوروبية من "صفقة قذرة"، فسارعت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، للمطالبة بإشراكهم في أي مفاوضات سلام، خشية من أن يتوصل البيت الأبيض والكرملين إلى اتفاق بدونهم.
وقال زيلينسكي: "نحن، باعتبارنا دولة مستقلة، لن نقبل أي اتفاقيات بدوننا"، لافتاً إلى أن بوتين يستهدف جعل مفاوضاته ثنائية مع واشنطن، وبجب عدم السماح بذلك، ومشيراً إلى أنه أبلغ ترامب خلال المحادثات الهاتفية معه، بأنه "من المستحيل الوصول إلى تسوية من دون ضمانات أمنية.. وإنني لا أثق ببوتين، وإذا كنت قادراً على إجباره على إنهاء الحرب، فسنرحب بذلك".
وشدد زيلينسكي على وجوب "الاتفاق على الضمانات الأمنية التي نحتاجها، ونريد أن نرى الناتو قي كييف مع أسلحة وجنود أميركيين وأوروبيين"، لافتاً إلى أن الأميركيين لا يريدون أن نصبح عضواً في حلف شمال الاطلسي.
وفي الوقت الذي أشاد الكرملين بالمحادثات المرتقبة بين بوتين وترامب، ووصفها بأنها "تاريخية"، بدّد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بعضاً من مخاوف زيلينسكي، قائلاً إن أوكرانيا ستشارك "بالطبع" في محادثات السلام "بطريقة ما"، لكن سيكون هناك أيضاً مسار تفاوضي ثنائي بين الولايات المتحدة وروسيا.
بدورهم، اتخذ المسؤولون الأوروبيون موقفاً صارماً تجاه مبادرة ترامب، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن "أي حل سريع هو صفقة قذرة"، منددة بما قُدم سلفاً من تنازلات واضحة. وأضافت: "لماذا نعطيهم (الروس) كل ما يريدونه حتى قبل بدء المفاوضات؟ ... إنه استرضاء. لا نجاح لهذا أبداً".
في غضون ذلك، أعلن ترامب أن مسؤولين أميركيين وروس وأوكرانيين سيعقدون لقاء لبحث سبل حل الأزمة الأوكرانية في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، تحضيراً للقاء القمة بين بينه وبين بوتين في المملكة.
لماذا المملكة العربية السعودية؟
تشاء الظروف أن تتلاقى مصالح واشنطن وموسكو في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين، في وقت تواجهه عقوبات أميركية، وأصبحت في مرمى نيران ترامب بعد استهدافها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ففي عام 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين، وذلك بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وبحسب بعض المتابعين، باستطاعة بوتين السفر إلى السعودية لإجراء محادثات دون المخاطرة بتوقيفه، وذلك لأن المملكة ليست عضواً في هذه المحكمة، كذلك نجحت في نسج علاقات ثقة ومصالح متبادلة مع بوتين.
كما استطاعت المملكة خلال العوام الماضية أن تثبت مكانتها كلاعب مهم في الديبلوماسية الدولية، ونجحت مؤخراً في التوسط لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، ما أكسبها ثقة الطرفين.
وأخيراً، توسّطت المملكة في صفقة تبادل للسجناء بين موسكو وواشنطن، حيث أفرجت روسيا بموجب وساطة الرياض، عن المدرّس الأميركي مارك فوغل، بعد سجنه لأكثر من ثلاث سنوات، و"كان لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الدور الفعال في إطلاقه"، على حد تعبير المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
إعلان