ماذا يحصل عند الحدود اللبنانيّة السوريّة؟
10 شباط 2025
18:11
آخر تحديث:10 شباط 202518:26
Article Content
تشهد الحدود اللبنانيّة - السوريّة تصاعداً في التوترات لليوم الرابع على التوالي، حيث اندلعت اشتباكات بين إدارة العمليات العسكرية ومجموعات لبنانية يُعتقد أنها تنشط في تجارة المخدرات والسلاح. هذه الاشتباكات، التي بدأت في ريف حمص الجنوبي الغربي بالقرب من منطقة القصير، تطوّرت إلى قصف عدة مناطق لبنانية، مما دفع الجيش اللبناني إلى الرد على مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية، بعد توجيهات من الرئيس جوزاف عون، الذي أجرى اتصالاً مع نظيره السوري أحمد الشرع للتنسيق حول ضبط الوضع وحماية المدنيين.
ولمعرفة تفاصيل الأحداث على الحدود اللبنانيّة - السوريّة، كان لجريدة الأنباء الالكترونية حديث مع الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد خالد حماده الذي اعتبر أنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه الاشتباكات والتوترات على الحدود لم تأت من فراغ، فالمنطقة التي تحصل فيها الاشتباكات "كانت وعلى مدى أكثر من عشر سنوات منطقة للتهريب يسيطر عليها حزب الله والفرقة الرابع بقيادة ماهر الأسد، وقد كانت منصة لكافة الأنشطة غير الشرعية التي كان يجني من خلفها النظام وحزب الله مجموعة كبيرة من الواردات المالية".
ويضيف حمادة مشيراً إلى أن "هذه المنطقة يسكن في جزء منها لبنانيون منذ مدة طويلة حتى قبل الحرب في سوريا. وهؤلاء اللبنانيون هم أبناء منطقة الهرمل وهم يعيشون منذ كما قلنا مدة طويلة في الداخل السوري، الذي حصل عندما بدأت الحرب في سوريا وذهب حزب الله لمؤازرة النظام السوري، تم طرد عدد كبير من سكان تلك المنطقة غير الموالين لحزب الله وللنظام السوري إلى خارج المنطقة، وكانوا من التبعيّة السورية واللبنانية، وقد استبيحت المنطقة للأنشطة غير المشروعة"، مشيرا إلى ان الأمر تطوّر مع وصول هيئة تحرير الشام وكافة الفصائل الموالية لها إلى حمص وتوجههم نحو الحدود اللبنانية، إذ بعد مغادرة مسلحي حزب الله تلك المنطقة ودخولهم إلى الأراضي اللبنانيّة، للعودة بين عشائرهم وأهلهم، شكلوا نوعاً من التهديد، وباتوا مكوّنا لا يمكن استيعابه، وبالرغم من محاولات العودة السلميّة إلى منازلهم، إلا أنه من المعلوم تماماً أن الموضوع ليس بتلك البساطة، "الأمر يرتقي ليكون خلافاً ذو عمق سياسي، لأن واقع الحال في سوريا اليوم والقوى المسيطرة على سوريا لا تقبل أن يعود هؤلاء الذين انتموا إلى حزب الله والحرس الثوري الإيراني وارتكبوا ما ارتكبوه في الداخل السوري من جرائم، أن يعودوا إلى قراهم بتلك البساطة، لذلك أدت محاولات العودة إلى كل هذه الاشتباكات التي تدور طبعا من قبل المسلحين السوريين من داخل سوريا ويتم الرد عليها من قبل مسلحي حزب الله مع بعض الأنصار من العشائر التي ينتمون إليها".
ما هو الحل المرتقب؟
اليوم دخل الجيش اللبناني إلى الحدود التي كانت تقع ضمن بقعة مسؤولية ما يسمى ب"أفواج حرس الحدود"، والتي طبعا لم تكن تستطيع أن تقوم بمهامها، ولم يكن للجيش اللبناني أي سلطة على تلك المنطقة، إذ يشير حمادة إلى أن "المسألة ليست خلاف عقاري، بل تتجاوز بكثير لحلها كل الإجراءات التي اتخذت حتى الآن، فإذا انتشر الجيش في تلك البقعة ذلك لن ينهي المسألة، بل من الضروري أن يكون هناك اجتماعات بين الحكومتين اللبنانية والسوريّة لمحاولة التوصل إلى اتفاق لفضّ هذا النزاع، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه طبعا لا يمكن أن يعود هؤلاء إلى سوريا بسلاحهم ولا يمكن أن يشكلوا قوى مسلحة حتى إذا كانت تقف خلف الجيش اللبناني، في ظل وجود قرار بوقف إطلاق النار وهذا القرار طبعا يلزم الدولة اللبنانية من مصادرة كل هذه الأسلحة الحربية، فنحن أمام تعقيدات الجيش سينتشر ربما ذلك سيؤمن حماية لهؤلاء المسلحين وحماية العشائر ولكن لن تكون العودة سهلة إلى الداخل السوري قبل التواصل إلى التوافقات مع الحكومة السورية".
هل يمكن أن تمتد هذه الاشتباكات إلى الداخل اللبناني؟
يؤكّد حمادة أن "امتداد هذه الاشتباكات إلى الداخل اللبناني، أمر غير وارد بتاتاً لأن المسألة هي مسألة حدود، ومنطقة تهريب ومصالح، إذ أنها مسألة مرتبطة بالحيز المكاني في تلك المنطقة، ولا مسببات لامتدادها أكثر من ذلك".
ختاما، لا شك أن التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانيّة - السوريّة تعكس تعقيدات سياسية وأمنية عميقة، إذ أن الجهود العسكرية، وإن كانت ضرورية، تبقى غير كافية دون حلول سياسية شاملة تعالج جذور الأزمة، بما في ذلك نزع السلاح غير الشرعي والتوافق بين الحكومتين اللبنانية والسورية الذي بات اليوم أكثر من ضرورة لوقف كل هذا التصعيد، فهل الحكومتين ستكونان قادرتان على تجاوز هذه الأزمة، أم أن التدخل الدولي مطلوب لاحتواء الاشتباكات؟