هل تكون كازاخستان الحديقة الخلفية لحرب ترامب على الصين؟
27 كانون الثاني 2025
04:50
Article Content
إذا كانت أوكرانيا هي الخاصرة الرخوة التي شرعت الولايات المتحدة ومعها بعض الدول الأوروبية، للتضييق من خلالها على روسيا، فقد تكون كازاخستان الحديقة الخلفية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في حربه الإقتصادية على الصين، لما تملك من "رواسب معدنية نادرة" وذلك مع تسارع وتيرة الإستثمارات الصناعات الإلكترونية، التي بات يشكل الذكاء الإصطناعي عامودها الفقري.
ففي تقرير عن موقع كازاخستان الجغرافي وغناها بالثروات الطبيعية، نشره موقع قناة "الجزيرة" القطرية، يفيد أن هذه الجمهورية الآسيوية ستشكل ملاذاً مستقبلياً للإستثمارات بالمعادن الأرضية النادرة، وهي قرابة 17 عنصراً كيميائياً، تتميز بخصائص فريدة هي: السيريوم، الديسبروسيوم، الإيربيوم، الأوروبيوم، الجادولينيوم، الهولميوم، اللانثانم، اللوتيتيوم، النيوديميوم، البراسيوديميوم، البروميثيوم، الساماريوم، السكانديوم، التيربيوم، الثوليوم، والإيتربيوم.
وفي ظل التقدم التكنولوجي السريع، باتت هذه المعادن محور استقطاب الصناعات الإلكترونية، والهواتف الذكية، وشاشات العرض، والمغناطيسات القوية، والبطاريات، ناهيك عن أهميتها في صناعة الطاقة المتجددة، كتوربينات الرياح والألواح الشمسية، والسيارات الكهربائية والمحركات، والقطاعات الهندسية والدفاعية والفضائية والطبية.
ويشار في هذا المجال إلى أن الصين صاحبة السيطرة على هذا القطاع، باعتبارها المنتج الأكبر في العالم. لكن الجديد في الأمر هو دخول كازاخستان على خط المنافسة، ذلك أنه وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن احتياط كازاخستان من الرواسب المعدنية النادرة غير المُكتشفة تُقدر بنحو 5 آلاف نوعاً، وتبلغ قيمتها الإجمالية ما يفوق 46 تريليون دولاراً أميركياً.
فبعد أقل من 48 ساعة على دخوله البيت الابيض لتسلّم مهام الرئاسة الأولى، أعلن ترامب الثلاثاء الماضي عن استثمار القطاع الخاص ما يصل إلى 500 مليار دولار لتمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، (المشروع المعروف باسم "ستارغيت")، وذلك بعدما تراجع سلفه الرئيس السابق جو بايدن عن الأمر التنفيذي الذي كان أصدره بشأن الذكاء الاصطناعي، بهدف تقليل المخاطر التي يفرضها على المستهلكين والعمال والأمن القومي.
وستقود المشروع المشترك، المعروف باسم "ستارغيت"، شركة "أوبن آي" مبتكرة "تشات جي بي تي"، وكذلك مجموعة "سوفت بنك" العالمية للاستثمار التكنولوجي، حيث يتولى "سوفت بنك" المسؤولية المالية و"أوبن آي" المسؤولية التشغيلية.
وقال ترامب إن مشروع "ستارغيت" سيقوم بإنشاء البنية التحتية المادية والإفتراضية لتشغيل الجيل القادم المتقدم من الذكاء الإصطناعي، بما في ذلك بناء "مراكز بيانات ضخمة".
وكان ترامب، أمر يوم تنصيبه، بإجراء تحقيق في التجارة بين الولايات المتحدة والصين التي تتوقع مضاعفة الضغط على حركة التصدير بشكل حاد إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي سيجعل في المقابل، من الصعب على الشركات الأميركية العثور على موردين بديلين منخفضي التكلفة خلال فترة قصيرة من الزمن، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضغوط التضخمية في السوق الأميركية.
وتعهد ترامب، خلال حملته الانتخابية، بفرض تعريفات جمركية بنسبة تراوح بين 10 و20 في المئة على كل المنتجات المستوردة، وتصل إلى 60 في المئة على واردات السلع الصينية.
ومع إزاحة الستارة عن الثروات المعدنية النادرة التي تختزنها أراضي كازاخستان، والتي يبدو أن إسرائيل ربما كانت أول المستفيدين من هذه الثروة في صناعاتها التكنولوجية التي نافست كبرى الشركات العالمية في هذا المجال، أضحت الجمهورية الآسيوية الخيار الأول لزعزعة هيمنة بكين في هذه السوق بشكل عام، حيث شرعت العديد من الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي في البحث عن مصادر بديلة عن الصين، لاستيراد المعادن النادرة.
وشهد العام الماضي توقيع اتفاقيات تجارية بشأن معالجة المعادن الأرضية النادرة بين كازاخستان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وكوريا الجنوبية، حيث تم التوقيع مع مذكرتي تعاون بشأن المواد الخام بالغة الأهمية في بروكسل، وذلك خلال "أسبوع المواد الخام السنوي"، بالإضافة إلى تنظيم كازاخستان منتدى التعاون مع الاتحاد الأوروبي في تطوير المعادن النادرة، شارك فيه ممثلون عن الوكالات الحكومية ومجتمعات الأعمال من بلجيكا، وألمانيا، ورومانيا، وفنلندا، وفرنسا، والسويد، وغيرها.
كما ناقش المنتدى آفاق توسيع التعاون التجاري والاقتصادي في مجال المواد الخام الحيوية، وإمكانية إقامة مشاريع مشتركة لاستخراج ومعالجة واستخدام الأتربة النادرة والمعادن الأرضية النادرة التي أصبحت بمثابة "النفط الجديد"، ذلك أن البلدان القادرة على تحقيق طموحاتها في هذا المجال، ستحدّد اتجاه التقدم التكنولوجي في جميع أنحاء العالم.