Advertise here

العريضي بمناسبة صدور كتاب جديد لمروّة: بعض الحكام لا يقرأون صحيفة!

26 آب 2019 11:30:00 - آخر تحديث: 26 آب 2019 11:48:31

بمناسبة صدور كتاب جديد للمفكر كريم مروة بعنوان "رحلة عمر"، أقامت المكتبة الوطنية في بعقلين، والدار العربية للعلوم ناشرون ندوة سياسية تحدث فيها الوزير السابق غازي العريضي، وحضرها مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي رامي الريس ممثلا رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، وكيل داخلية الشوف في الحزب الدكتور عمر غنام، ممثل الحزب الشيوعي اللبناني - حركة الإنقاذ محمود أبو شقرا، مدير المكتبة الوطنية غازي صعب، الأديب المهجري أسعد زيدان، الكاتب والباحث ناجي بيضون، الدكتور محمد علي مقلد،  الدكتور عماد أبو عجرم، مدير بنك بيروت والبلاد العربية-فرع بقعاتا الدكتور عماد الغصيني، معتمدون وممثلو مفوضيات في وكالة داخلية الشوف، مدراء فروع حزبية، شخصيات بلدية وإجتماعية، فعاليات ثقافية وجمع من المهتمين. 

صعب
البداية مع النشيد الوطني اللبناني، وتقديم من مدير المكتبة الوطنية- بعقلين غازي صعب الذي رحب بالحاضرين، مشيداً بالنضال السياسي للمفكر كريم مروة، وبمسيرته الفكرية والأدبية التي أنتجت اكثر من 35 مؤلفاً. 

العريضي

إستهل الوزير السابق غازي العريضي حديثه متمنيا لمن لم تسمح له ظروفه حضور الندوة، قراءة كتاب "رحلة عمر"، وغيرها من الكتب للمفكر كريم مروة، لما فيها من فائدة ومعرفة وغنى.

وأردف: "كتاب "رحلة عمر"، كتاب فريد، إذ يتخيل للمرء أنه سيرة ذاتية، أو رحلة حياة، لكن في الواقع هذا الكتاب هو يوميات عام واحد فقط، هو العام 1999. فواقع الحال في فرادة هذا الكتاب، أنه في كل يوم من عام 1999 كتب كريم مروة ما كان يفكر به ويتذكره". 

وتابع: "في مكان في الكتاب ينقل مروة عن الأديب والمفكر الكبير حسين مروة الذي تأثر به، أنه قال للشاعر والمثقف عباس بيضون في حوار صريح معه، بأنه "ولد شيخا ويموت طفلا" كلام بليغ ودقيق لشيخ الفكر، الأدب والمعرفة حسين مروة، وله معان كثيرة، ففي تجربة كريم مروة كما عرفناه في مواكبتنا له، وكما قرأنا له، عاش شابا في الفكر والأدب والثقافة والحركة الدينامية، والحيوية السياسية، واستمر شابا وهو يقارب التسعين من العمر، يكتب، يفكر، يقرأ، يبحث عن أمل ومستقبل للشباب، ولن يغادرنا إلا شابا. كريم مروة كلما تقدم في العمر، كلما راح يفكر في المستقبل ويغوص فيه. هو ولادة أسئلة عن الهموم والقضايا، ومركز أبحاث ودراسات للوصول إلى أجوبة". 

وأضاف العريضي: "يأخذنا الكاتب في كتابه "رحلة عمر" إلى رحلة جميلة مشوقة مفيدة في القرن العشرين، فيها من التجارب ما يكفي، إذا أردنا أن نتعلم... وهنا ينقل عن طه حسين "أن الشعوب لا تتعلم من تجاربها". ونحن في لبنان شعوبنا مميزة في هذا الأمر، والغالبية العظمى من قادتها إستثنائية في هذا المجال، بمعنى، لا تقرأ ولا تتعلم من التجارب".

وقال: "في الكتاب رحلة لا تتوقف عن التفكير والإهتمام وطرح الأسئلة حول قضايا عدة، منها السباق على التسلح في الفضاء الخارجي والبحار، الصواريخ الباليستية والنووية وأثرها على البيئة، والغذاء، والبشرية والصحة، التجربة الإشتراكية، العدالة، القهر، الظلم، الدين والإصلاح الديني، الرقص، الفن، الموسيقى، الإلحاد، الثقافة، الفكر، الشعر، الأدب، الرواية، الشباب، التربية، حقوق العاملات الأجنبيات بعيدا عن العنصرية، الهواتف الذكية، الضجر.. وللمفكر كريم مروة فلسفة خاصة حول الضجر الذي ربطه بأيام معينة، إذ يعتقد أنه ثمة علاقة إنسانية بينه وبين الضجر. هذه العناوين الأساسية التي شكلت هاجس وهموم هذا الرجل خرجت في هذا الكتاب الرؤيوي لرجل قدم قراءة شاملة لقضايا العالم ومشاكله. وإذا إستعرضنا المحطات، وأسماء المفكرين، والمثقفين، والفلاسفة، والشعراء والكتاب وعلماء الإجتماع والسياسيين والموسيقيين والإعلاميين، والباحثين، الذين إلتقى بهم كريم مروة، أو تفاعل معهم أو حاورهم، أو قرأ عنهم ووقف عند تجاربهم، لوجدنا أنفسنا أمام لوحة قرن بكامله وتاريخ شامل. وبرغم ما فيه من مآس ومصاعب وخيبات، تميز بوجود كبار ومفكرين ومبدعين، وحركة سياسية فكرية إستثنائية، في حين أننا اليوم نشعر بالقلق على حاضر ومستقبل بلد بعض حكامه لا يقرأ صحيفة، ولا يتعلم من تجارب. إننا نعيش بين حالتي العبثية والأمية، ويبقى لنا امل في تجربة كريم وأمثاله".

وأضاف: "في هذا الكتاب الغني جولة على القارات، لا سيما قارة أفريقيا المظلومة، وقصص شعوب ورموز قاومت وناضلت من أجل الإنسانية، ومحطات في تاريخ الحركة الشيوعية العربية التي قدمت قادتها شهداء في لبنان، وسوريا والعراق والسودان والجزائر، واعطت المنطقة خيرة الرجال والطاقات، ولها فضل كبير وأثر كبير في حياتنا الفكرية والثقافية والفنية والموسيقية والتاريخية يسجل لها. وإذا كان كريم مروة قد أشار إلى أن سيرة حياته غنية لكنها إنتهت إلى فراغ فإنني هنا أتوقف عند النقطة الأولى التي أختلف معه فيها، والدليل، لقد كتب هذا الكلام سنة 1999، نحن اليوم في العام 2019، أي بعد عشرين عاما، ها هو كريم مروة يملأ الشاشات والصحف والمنابر والمنتديات، ويأتي إلينا وهو على مشارف التسعين من العمر بمشاريع عنوانها "النهوض بالثقافة العربية"، مشاريع تهم الشباب العربي" متسائلا: "كيف يمكن أن نتفاعل معه؟ وقد قدم اكثر من برنامج متكامل وهو في سن التسعين من العمر"، مؤكدا "من يفعل ذلك لا ينتهي إلى فراغ، الذين يحكمون، يعيشون في فراغ، ويفرغون حياتنا السياسية من التفكير في القضايا الأساسية، ويدمرون مؤسساتنا ودولنا، جهلة، أميون، تحكمهم شهوات السلطة وعناصر الإستبداد، أما الذين يحلمون ويفكرون ويحملون القضايا والهموم الإنسانية فهم لا ينتهون إلى فراغ، بل يملأون حياتنا، وكريم مروة في طليعتهم، هذا المحاور في الحياة على كل الجبهات الفكرية والسياسية والأدبية...".

وتابع العريضي: "وفي جولة لأبرز ما توقفت عنده في الكتاب، كتب كريم مروة عن مرحلة الوصاية السورية على لبنان، وأشار إلى دمار العلاقات اللبنانية السورية بسبب إدارة تلك المرحلة من قبل سوريا التي كلفت بهذا الأمر، وإلى مرحلة الإغتيالات التي إستهدفت قادة الحزب الشيوعي اللبناني، والمفكرين والمثقفين، ويومها أطلقنا تسمية "الحالة الظلامية" على تلك المرحلة التي عاشها لبنان، وبالتحديد بيروت العاصمة في محاولة لتصفية العقول والطاقات الوطنية التي كانت تفكر بشكل وطني إنساني عقلاني واسع للوصول إلى دولة ديمقراطية حقيقية في لبنان".

وإذ توجه العريضي إلى المفكر كريم مروة قائلا "في مكان ما بالكتاب تحدثت عن ميلوسوفيتش، والحرب على يوغوسلافيا، وذكرت أن ميلوسوفيتش ليس مجرم حرب، والأطلسي هو الذي يتحمل المسؤولية، وعندما أشرت في كتابك إلى أن الحرب اللبنانية كانت جريمة شاركنا فيها جميعاً"، لفت العريضي، "أنا شخصيا لا أوافق على هذا الكلام، ألا يكون ميلوسوفيتش مجرما وأن نكون نحن مجرمين مفارقة كبرى، إذ ليست ثمة حرب نظيفة، غير أن الحرب في لبنان مع كل بشاعتها، قد فرضت علينا، ولكن وإن عدنا بالتاريخ، نستذكر كم حاولت انت والشهيد جورج حاوي من موقعكما، وكم حاول المعلم الشهيد كمال جنبلاط، فإلتقى حينها بشير الجميل في محاولة لوقف التدهور في البلد والوصول إلى تفاهم، وبالتحديد قبل دخول السوريين. وفي إعادة قراءة المرحلة لا بد أن نتعلم من الأخطاء التي إرتكبناها، وقد تعلمنا من المعلم الشهيد كمال جنبلاط بعد ثورة 1958، عندما أشار إلى الأخطاء التي إرتكبها هو شخصيا في تلك المرحلة، ومن أبلغ ما كتب في الممارسة السياسية، مشيرا إلى عدة أمور يجب أن يمتلكها القائد السياسي والمسؤول في قيادة مشروع، أو ثورة، أو حركة سياسية معينة".

وفي الحديث عن المقاومة الوطنية، وكيف تم تحويلها بقرار إلى مقاومة إسلامية، قال العريضي: "مع كل التحية إلى رجال المقاومة الإسلامية الذين ضحوا وأكملوا مشروع المقاومة الوطنية، وهو أمر مشرف في وجه الإحتلال الإسرائيلي، والعدد الكبير من الشهداء الذين قتلوا منذ العام 1948 إلى حين حصرت بالمقاومة الإسلامية، فقد كان ثمة قرار بألا تبقى المقاومة، مقاومة وطنية، فإلى جانب ما جرى من إغتيالات في المرحلة الظلامية، كان ثمة مؤشر إلى أين يريدون أن يأخذوا الصراع في لبنان"، مشدداً "مهم جدا أن يطلع كل مهتم على المعلومات الواردة في الكتاب، وعلى اللقاءات والمشاريع والأفكار التي ذهب بها مروة والشهيد جورج حاوي إلى المعنيين بموضوع المقاومة، وطرحوا أكثر من صيغة وفكرة مع أكثر من مسؤول في أكثر من مرحلة على أن تكون المقاومة شاملة وأن يكون الحزب الشيوعي جزء" منها، وقد كان الرفض العنوان الدائم، الأمر الذي يؤكد ما قلته سابقا بأن ثمة قرار بأخذ المقاومة إلى بيئة سياسية معينة، تكون الحاضنة والأقوى والمؤثرة والفاعلة في الحياة السياسية اللبنانية". 

وقال العريضي: "طرح كريم مروة في الكتاب، إستشراف الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان بعد تحرير أرنون، والإنسحاب من جزين، وقد كان هذا الإنسحاب الذي تم في العام 2000 بندا أساسيا من بنود مشروع ايهود باراك الإنتخابي والسياسي".


ولفت العريضي إلى مسألة مهمة في موضوع فلسطين تطرق لها كتاب كريم مروة، "كيف أن زعيم الحزب الشيوعي اللبناني، والقائد التاريخي الشهيد فرج الله الحلو قد تعرض إلى نوع من العتب من قبل القيادة السوفياتية آنذاك بسبب عدم موافقته على قرار تقسيم فلسطين، هذا بحد ذاته يعطي فكرة عن لعبة الدول والأمم والمصالح الكبرى، وقد واجهنا هذا الأمر مع المعلم كمال جنبلاط يوم دخول الجيش السوري إلى لبنان، وأكد الرفيق كريم في كتابه على أن المطلوب كان تطويع القيادة الفلسطينية وضرب الحركة الوطنية اللبنانية، وهذان الأمران هما العنوان الأساسيان لمشروع الحرب على لبنان من قبل النظام في لبنان، لأنه ولو إستمرت الأمور على ما كانت عليه، لكان المد الديمقراطي بقيادة كمال جنبلاط والأحزاب الوطنية التي تجاوزت كل المناطق والحواجز الطائفية والمذهبية والحسابات الضيفة، وطرحت مشروعاً وطنياً حقيقياً، إستطاع أن يحقق التغيير الديمقراطي في لبنان".

وأضاف: "اليوم في هذا الصراع وللأسف تستقوي إسرائيل بهذا الموقف العربي المراهن عليها وعلى أميركا والذي يعتبر أن إيران هي العدو، ثمة مشاكل كبرى مع إيران، هذا نقاش يطول، ولكن لا يمكن أن تكون إسرائيل هي الصديق أو الحليف أو الشريك الذي يؤمن امنا وإستقرارا في المنطقة، ويعمم الديمقراطية ويبني نظاما جديدا في الشرق الأوسط قائما على العدالة والأمن والمساواة والإستقرار والإزدهار، وكل ما يطرح في هذا الموضوع هو محاولة بيع فلسطين إلى إسرائيل وسيدفع الثمن العرب الذين يملكون إمكانات هائلة، وطاقات بشرية، علمية، فكرية، سياسية، إقتصادية ومالية إستثنائية لا تملكها دول أخرى، وبالمقابل ماذا يفعلون، يخضعون لتهديدات ترامب "عليكم أن تدفعوا" وهم يدفعون، الدول العربية تدمر وإسرائيل تستفيد من هذا الدفع من الناحيتين المادية والسياسية في إطار مشروعها".

وإذ تطرق العريضي إلى ما ذكر في كتاب كريم مروة عن عبقرية إبن الهيثم العلمية والهندسية، وعن التقدير الذي لقيه من الحاكم بأمر الله لدى زيارته إلى مصر، تساءل من يتطلع اليوم إلى العلماء؟ من يفتح الآفاق أمامهم؟ من يعطيهم الفرص؟ بل على العكس، هم يقتلون هؤلاء لأنهم يخافون عقولهم، ويتلاقون في هذا الأمر مع الأميركي والإسرائيلي، فالذي لم يقتل، يتم إستخدامه للإستفادة منه في أكبر الصناعات في الولايات المتحدة الأميركية.

وفي موضوع الحريات، والحركة الطلابية الشبابية التي أشار إليها المفكر مروة في كتابه، تمنى العريضي على كل من عاصر الحركة الطلابية "الإضاءة على تلك المرحلة المشرقة من تاريخ لبنان ليس فقط بسطور وكلمات وتعليقات بسيطة، فتجربة الحركة الشبابية الطلابية على مستوى الجامعة اللبنانية والتعليم الثانوي من أهم واجمل التجارب المشرقة في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية، وشكلت رافعة أساسية في النضال الوطني والعربي بقيادة المعلم كمال جنبلاط". 

وأردف: "وبالحديث عن الأغنية السياسية، وعنوانها الأبرز مارسيل خليفة إلى جانب عدد من الفنانين الذين قدموا الأغنية السياسية في لبنان، يشير الرفيق كريم في مرحلة ما إلى منع أغنية مارسيل خليفة "أحد عشر كوكبا" وكيف كان التصدي لها، اليوم كأن شيئا لم يتغير في لبنان، يغرقون في مشروع ليلهم خوفا من مشروع ليلى" مؤكدا أنه "أمر معيب أن يصل لبنان إلى هذا الحد، فبالأمس يتم إستدعاء مكرم ربح لأنه إنتقد وزيراً في لبنان، ويحاسب لأنه إستعمل تعبيرا وصفيا لحال ما، إنه إستنفار بالأحقاد والنكايات والعصبيات وكأننا أمام آلهة، لا، لم نكن ولن نكون أمام آلهة في لبنان. واجهنا رؤساء وحكومات وحكاما كثيرين أمعنوا في البلاد فسادا، وتوتيرا وحروبا، وكنا ضدهم يوم لم نكن نملك إمكانات كثيرة، لن نقبل بهذا الأمر اليوم، فبعد العقل أثمن وأغلى قيمة في الحياة هي الحرية، وتستحق منا كل تضحية". 

كما تحدث العريضي عن العنصرية التي تطرق لها كتاب "رحلة عمر"، مشيراً إلى الكلام العنصري الذي قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحق نائبتين منتخبتين من قبل الشعب الأميركي، إلهان عمر ورشيدة طليب، ويقول السبب الأساسي هو اللون. ومع ذلك، فإن هناك أصواتا كثيرة، داخل أميركا وخارجها تندد بالعنصرية، وهذا ما يجب أن يبنى عليه. ونحن ومن موقعنا المتواضع، ولكن من إلتزامنا بثوابتنا ومبادئنا وأخلاقياتنا وتربيتنا وثقافتنا وتاريخنا ونضالنا وشهداىنا نوجه التحية إلى هاتين النائبتين وإلى كل من يقف في وجه العنصرية أينما كانت من إسرائيل إلى أميركا".  

وفي مسألة التعليم الديني، شدد على ضرورة الذهاب إلى إصلاح تربوي حقيقي لمنع المتاجرة بالدين والوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم. 

وقال العريضي: "توقف مروة عند إتفاق الطائف وتحدث عن ضرورة الوصول إلى صيغة أكثر تقدما"، مشيراً "نحن في البداية، ومع إقرار إتفاق الطائف قلنا في وثيقة حزبية "هذا ليس حلا للأزمة اللبنانية، لكن علينا أن نخرج من هذه المهزلة المعيبة التي نعيشها الآن"، فإتفاق الطائف هو الدستور، فلنذهب إلى تطبيق الدستور، ومن حق اي طرف أن يطالب بتغييره وتعديله، لكن لا يجوز أن نتجاوز إتفاق الطائف، أو أن نفكك مؤسسات الدولة ونفرغها من مضمونها".

وأضاف: "إنطلاقا من الارشيف ومحتوى الكتاب ومخططاته وأسماء شخصياته، وغنى شخصيتك بالتعب والجد والمثابرة والبحث عن الحقيقة والشجاعة، أقول لك يا رفيق كريم، تعليقا على ما كتبته عن وقفتك أمام المرآة، انت مرآة رأينا فيها صورة مرحلة مشرقة من حياتنا، أصبنا وأخطأنا، وبعض منا عانى وظلم ولم يتغير، ونحن فخورون بما أنجزناه، ولك كل التحية والمحبة والتقدير"، شاكراً المفكر كريم مروة على الإشارة في الكتاب إلى رفقتهما في محطة صعبة من حياته محطة الإجتياح الإسرائيلي، وعلى أمانته في الكتابة عن تلك المحطة، قائلا "تلك التجربة كانت مفيدة وعلمتني الكثير .كنت اصغركم، ولا أزال أصغركم قدرا وتجربة وخبرة ومعرفة، وأتعلم معكم ومنكم ومن غيركم في هذه الحياة".

وختم: "حين كنت وزيراً للثقافة وقررت أن يكرم كريم مروة، كان القرار كبيراً وأخذ الكثير من النقاش، ليس بيني وبين نفسي، أنا كنت قد أخذت القرار، لكن في أوساط هذه الدولة اللبنانية، وبعدها أتى تكريم حبيب صادق، ومارسيل خليفة، وكان لذلك هدفا ومعنى ومغزى وهو، من حق هؤلاء، أصحاب هذا الفكر وهذه الرسالة والتجربة والمعرفة والغنى وهذا الإنتماء والتاريخ أن يكرموا، لا أن تبقى هذه التجربة حكرا على آخرين، وأن يكرم من لا يستحق التكريم. كان تكريم لليسار والنضج والمعرفة والثقافة. ولذلك يا أبا أحمد لم تنته إلى فراغ، ولن تنته إلى فراغ، ولن تنته سيرة حياتك إلى فراغ، فانت ولادة الأسئلة، ومركز الأبحاث والدراسات المفتوح".

مروة

بدوره، تحدث المفكر كريم مروة قائلا: "لا ادري من أين أبدأ، وإلى أين أنتهي، لقد كرمني صديقي ورفيقي العزيز جداً علي معالي الرفيق غازي، بقراءته الشاملة لهذا الكتاب، ولم يترك نقطة من النقاط التي وردت فيه إلا وتطرق لها". 

وأردف: "عندما قررت كتابة هذه اليوميات، جاء هذا الأمر بشكل عفوي جداً، وإحتفظت بها لفترة من الزمن في الأرشيف، وفيما بعد رأيت أن أنشرها، فأجريت عليها بعض التدقيقات، وإستحضرت أسماء"، وأحداثا وذكريات كثيرة أضفتها إليها، بحيث جعلت هذا الكتاب كما لو أنه قراءة للقرن العشرين، ولذلك أعطيته هذا العنوان، فرحلة عمر ليست بالضرورة رحلة عمري، بقدر ما هي رحلة عمرنا في القرن العشرين".

وتابع: "توقف الرفيق غازي عند عدد كبير من القضايا، واحب هنا أن أشير إلى نقطة أساسية، يستطيع القارئ أن يراها ببساطة وهو يقرأ الكتاب، هي أنني لم أيأس ولا لحظة من حياتي بالرغم من المرارات التي عايشتها، والتي مر بها حزبنا والقضية الوطنية والبلاد بشكل عام. فاليأس بالنسبة إلي ممنوع منعا باتا، والبديل من اليأس هو الأمل، ولكن يفترض بالامل أن يكون مقرونا بالعمل، ولذلك عندما تحدثت عن الأمل، أشرت إلى العمل كشرط أساسي لترتيب الأعباء". 

وأضاف: "في أكثر من مكان في الكتاب تحدثت بأنني أحلم، ولا يعيبني أن أكون من الحالمين وانا على أبواب التسعين من عمري، ففي الحلم قرار ثابت ودائم بأن الحياة لا تنتهي، وأنه علينا أن نعمل لكي نجعلها أكثر قربا مما نطمح إليه، وطموحنا كما عبرت عنه الإشتراكية هو الحرية، التقدم والعدالة الإجتماعية، لذلك فإن الحلم هو شرط من شروط النضال لجعل الحياة أفضل. غير أن المرء، وعندما يمر بظروف قاسية، أو يتعرض لخسارة ما، لا يستطيع إلا أن يتحدث عن مرارته، غير أن الوقوف عند هذه المرارة، خطأ كبير، إذ على الإنسان أن يكافح، لأن الكفاح شرط أساسي من شروط هذه الحياة". 

وشرح مروة أسباب إستخدام كلمة "جريمة" في التعبير عن الحرب بقوله "لقد إرتكبنا جميعنا في الحرب جريمة القتل، والقتل المضاد".

وقال: "فلسطين تعيش في وجداني، فقد ولدت في بلدة قريبة من الحدود مع فلسطين، وكان أهلنا يذهبون إلى المدن الفلسطينية للعمل أو لشراء حاجياتهم، وكان اخي موظفا في إحدى المؤسسات في مدينة حيفا. وكنت اعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضيتي تماما كالقضية الوطنية اللبنانية. وكان هدفي الأساسي كيف نحرر فلسطين، وكيف يتوصل الشعب الفلسطيني إلى قيادة نفسه بنفسه في إطار الدولة، وبشكل خاص بعد نيل الدول العربية إستقلالها وبقيت فلسطين دون إستقلال". 

وختم شاكراً الحاضرين، والوزير السابق غازي العريضي على مداخلته القيمة.