عن خلفيات الهجمة "السوسيو بوليتيكية" التي تستهدف جنبلاط
21 كانون الثاني 2025
16:21
آخر تحديث:13 شباط 202514:16
Article Content
صدرت مواقف سياسية وتسريبات إعلامية ووشوشات على السوشال ميديا في الفترة المُنصرمة، تهجَّمت على زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي السابق الرئيس وليد جنبلاط. وبعضهم تناوله بأمور شخصية خاصة، أخرجها كأرانب إخبارية واهية في لحظة سياسية مفصلية، وبدت التهجُمات كأنها حملة مطلوبة وممولة من جهات داخلية وخارجية أزعجتها مواقف جنبلاط، او خرَّبت عليها مقاصدها. وقاعدة بعض وكالات الأمن والاستطلاع واستشراف المستقبلات؛ ما زالت تعتمد على مقاربة "شيطنة" الخصم او تشويه سمعته إذا لم يوجد ما قد يُحسب عليه من أخطاء. ولا نتغافل هنا عن كون بعض المُنساقين بالحملة، ربما تكون قد إلتبست عليهم بعض المعلومات وبنوا عليها تحليلات غريبة عجيبة، والإنسان عدو ما يجهل بطبيعة الحال.
فئة من المتهجمين على جنبلاط تناولت دوره المفصلي في دعم وصول العماد جوزيف عون الى سدَّة الرئاسة وفي تكليف الدكتور نواف سلام بتشكيل الحكومة العتيدة، وهؤلاء اعتبروا أن جنبلاط تحلَّل من التزاماته التحالفية مع قوى يعمل معها بعض هؤلاء المتهجمين، وهو دفع بقوة الثنائي الرئاسي الى قمرة القيادة، بينما تأكد أن هذه القوى كانت تتمهَّل في تسوية الأزمات السياسية والدستورية الخانقة، لكي لا تُحدِث أي تغيير على المسارات التي كانت تعتمدها في سابق الأيام، او لأنها تريد تفويت الفرصة المؤاتية، لإجهاض التوجهات الشعبية العارمة التي تُنشِد انقاذ البلد من المأساة التي يعيشها، واحداث تغيير جوهري على المقاربات التعطيلية المُميتة. والحقيقة أكدت أن جنبلاط لم يُعطِ وعوداً او التزامات لإحد، وهو حليف ثابت لكل مَن يريد الاستقرار والانتظام والدولة ووحدة مكوناتها الشعبية، وعندما تتعارض أي التزامات مع هذه الثوابت؛ ترى جنبلاط "مكوعاً" او مُلتفاً باتجاه آخر، وهذه قاعدة أصيلة للذين يعملون بالسياسة، كون هدف السياسة خدمة الناس وحفظ الوطن.
وفئة أخرى من المُتهجمين عليه؛ لديها آجندة مُختلفة، وتتسلَّح بحرية التعبير عن الرأي او بالإختباء وراء تسميات وهمية تسمح بها بعض أنظمة التواصل الاجتماعي، ويبدو واضحاً أن هذه المجموعات التي تستحي بالإعلان جهاراً عن أسمائها الحقيقية، او أسماء الجهات التي تقف ورائها، تتلقى تمويلاً من جهات أغاضتها مواقف جنبلاط، او أنها ساهمت في تعطيل مآلاتها في لبنان وربما في سوريا وفلسطين أيضاً. ولا يمكن لأي عاقل أن يركُن الى اعتبار أن بعض المعلومات التي تبثُّها هذه المجموعات الافتراضية من بنات أفكار كاتبيها، ولا هي توليفة "سُباب" بما تيسر، وفقاً لما يلجأ الى اعتمادهِ عادةً بعض المُتضررين من الأفراد او المجموعات المسكونيين بهواجس نابعة من أحقاد شخصية. ولا بد من وجود مكاتب متخصصة وراء تجميع بعض المعلومات التاريخية والدينية والشخصية، لنشرها بتوليفه غالباً ما تتناقض مع مضمون المعلومات ووقائعها، ودائماً بأسلوب التهجُّم والتجريح الرخيص، وبإعتقادهم أن ذلك قد يُوصِل الى التأثير على مواقف جنبلاط، او دفعه نحو تغيير استراتيجيته الوطنية والعربية، ويبدو أن هؤلاء قصيري النظر الى الحدود الدنيا، او أنهم ينشرون ما يُطلب منهم من دون تكبُّد عناء قراءة المنشورات، ذلك أن جنبلاط وبيئته الدينية والوطنية الحاضنة؛ اعتادت على هذه الفبركات الممجوجة منذ أيام فروع الأمن والاستطلاع للنظام السوري البائد، وهؤلاء كانوا يستخدمون ذات الطريقة في تشويه الحقائق والتهديد، وربما يكون بعض بقاياهم مع مرجعيات إسرائيلية (على ما كشفت تتبُعات بعض مصادر الحسابات الوهمية) هي التي تقوم بالفعلة ذاتها اليوم.
لا يوجد في مواقف جنبلاط وعائلته من أكثر من 400 عام ما يمكن إخفاءه، او يحتاج للتستُّر عليه، لا في انتمائهم الديني الى الرسالة التوحيدية الإسلامية "الدرزية" منذ أيام الدعوة التي أقفلت عام 1018م، ولم تُفتح مُجدداُ، فالموحِّد؛ موحِّد منذ ذلك التاريخ، وعائلة جنبلاط حافظت مع غيرها، وعبر أجيال متعددة على العشيرة المعروفية، ودائماً على الطريق العروبي المُستقيم، واشتهرت الأسرة بالإنفتاح على المكونات المجتمعية الأخرى في لبنان وبلاد الشام، من غير الطوائف والملّل، وأولاها هؤلاء مكانةً متميزة لديهم في كل بلاد الشام. ووليد جنبلاط امتاز بكونه مدافعاً شرساً عن الوحدة الوطنية اللبنانية، وعن الاستقرار، وعن الإنتظام العام واحترام القانون، وعن التزامات لبنان اتجاه القضية الفلسطينية.
أما تناول بعض المواقع "المجهولة – المعلومة" لقضايا تتعلَّق بالأحوال الشخصية لجنبلاط وعائلته؛ فهي تراويج مُكرَّرة، وسبق أن تناولها بعض المُنافسين او المُنتفعين. فالتقاليد التوحيدية السمحاء ليست على حالة من الإنغلاق التي يصورها بعضهم، وعلى الدوام كان هناك اختلاط مع البيئة العربية والإسلامية الحاضنة. وهناك حالات واسعة عبر التاريخ تؤكد مثل هذا الإنفتاح، لا مجال لذكرها الآن، ولكن يمكن الإشارة الى زواج أمير الدروز فخر الدين المعني الثاني الكبير، وحفيد الأمراء التنوخيين من "علوة" إبنة شقيق أمير الشمال يوسف سيفا، كما في تزويج إبنة الأمير أحمد المعني لآل شهاب أمراء وادي التيم. وعلى عكس ما روَّجت له بعض قوى الاستعمار سابقاً، والأوساط الإسرائيلية حالياً؛ فإن الموحدين الدروز ليسوا أُمة مستقلَّة، بل هم عشيرة معروفية واسعة الإنتشار، تنتمي الى أُمة عربية واحدة، والرابط بينهم روحي وديني وعقائدي، وليس رابطاً قومياً مستقلاً على الإطلاق.