من الخدمة... جاء الوطن بعهْدٍ عَهَد خدمة الوطن
19 كانون الثاني 2025
19:36
Article Content
كانت مأذونيته الأخيرة... ألقى التحية العسكرية الوداعية ببذلته المرقطة لرفاق السلاح، "وإلى الأمام درّ"... ليلقي التحية المدنية لرفاق الوطن بلباس مدني يحاكي كل الوطنيين، لكن لم يختلف الأمر عليه بشيء، فمؤسسة الجيش وطن "مصغّر"، لإكتنازها على عسكريين من كل الطوائف والإنتماءات، ولا ولاء الا لها، وإنضباطهم من شعارها.
من قسم الشرف والتضحية والوفاء إلى قسم الرئاسة لا تباين بينيّ بينهما، جوهرهما الذود عن لبنان وسلامة شعبه ودستوره وأراضيه، من الخدمة... جاء العماد ليكون عماد الوطن، بإجماعٍ شعبي وسياسي معلّقين الآمال متعلقين بخطابٍ، معايد اللبنانيين، معاقد على بناء دولة صحية، معاهد على رؤية جذرية تطويرية.
وأُضيف وسام الفخامة إلى رتب العماد، من عقلية "بالقلب يا وطن" ويد على الزناد متأهبة لمقاتلة ومقارعة ومنازلة ومبارزة الأعداء حربياً، إلى ذات الروحية "المحاربة" والعقلية "بالقلب يا وطن" لكن يده على قلبه لكيفية مجابهة أزمات الدولة وإخفاقاتها سلمياً، لا ذات السلاح إنما سلاح "أبيض" لرمزية نقائه المسالم لا المستسلم، سلاح الوفاق والإتفاق.
وأصبح الجنرال رئيساً في جلسة إنتخاب حضرها كل النواب، وحيث كان بإمكانه الوصول للرئاسة من الدورة الأولى لكن هناك "معلومة مشفّرة" ينبغي إبلاغها من بعض الكتل: ما زالت لنا كلمة الفصل والحسم وبأصواتنا تنجز المعادلة، ولها الوزنة في موازين القوى، إيصال الرسالة الأولى لإيصال الرئيس الأول بعد مئوية الأولى لقيامة دولة لبنان الكبير، أول وصوله رسالة كيف الإجماع تمّ حصوله، فكان خطاب القسم، جَهَر بما مَهَر، فبَهَر بما ظهر من وطنية "مستدامة"، شَهَر "سلاحه" فسمي خطاب الحلم والأمل، وأملٌ أن يتحول الى علم وعمل.
خطابٌ شخّصَ التدهور المتنامي لحال وشؤون البلاد ومصالح العباد، ووصفات للعلاج وضمد الجراح، أقرّ بأزمة الحكم والحكام، وعهد بعهود عدة، إصلاح اقتصادي ومالي وسياسي واداري وقضائي، وإدارة الدين العام، واستثمار بالجيش والإنسان والعلم، لا للتصحّر البيئي ولا لتبييض وتهريب الأموال والمخدرات والمافيات والبؤر الأمنية والمحسوبيات والفساد، ونعم لإعادة أموال المودعين وحصر الدفاع والسلاح بيد الدولة... ومنع الإعتداءات الاسرائيلية والتوطين الفلسطيني والتدخّل السوري، ولا تُبنى دولة بإقصاء أو إنكسار أحد الفرقاء كان "دواء الحماية" لطمأنة وإراحة النفوس.
خطابٌ اقتضى قيادة سليمة من قائد شُهِد له بقدرة التوجيه، لسلامة المرور إلى القصر، وتجاوز مطبات أرضية وهوائية وبحرية، أُلقي على مسامع ومرأى اللبنانيين والعالم والسلك الدبلوماسي والبث المباشر، للوهلة الأولى تصارع انطباعي وانتباهي بين الخجل والفرح، شعرت بالخجل أمام "الغربيي"، خطابٌ استغرق وقتاً بتعداد إخلالات بلد ومساوئه، بلد سياسياً مأزوم، حربياً مهزوم، وشعب مسقوم مهموم، وبيئياً ملوّث مسموم، ونفط راكد في "البلوكات" وشرائه غير مدعوم، وأرضه محتلة من عدو مشؤوم، وحتى حدوده غير مرسّمة بالمفعول المفهوم.
خطابٌ شمل أقاليم لبنان براً وجواً وبحراً، ماذا بقي منه ليذكر بإيجابياته! مصير بين التوقعات صار فيه المجهول أكثر من المعلوم، وفجأة توارى هذا الخجل لصالح الأمل، أغمضت عيناي، ولم أعد أعرف إن "أخدتني الغفوية" كما غنت فيروز، وهَبَّ الخطاب وطاب الحلم على جسر رئاسي يوصل الوطن إلى بر الآمان، أو أنّ روحي انتقلت لجوار ربها في جنة وردية، لكنني صحوت حين نَدَه النبيه صدقت الجلسة، لتتقمص روحي إلى واقع لبناني "جهنمي" .
فخامته تقدّم بسلسلة من "عهدي" يشار إليها بسابقة، وغير معهود بما عهد، واستحسان محلي ودولي، وعهود أممية لعون الرئيس عون بالإنجازات وإعادة الإعمار، إلا أنّ بمقاطعة بعض النواب استشارات تأليف الحكومة كانت الرسالة الثانية، بين العرقلات والتسهيلات ماذا ينتظر هذا العهد الواعد، وكم رسالة يمكن أن تعصف بتلك الولاية!؟ هذا الوعد لذاك الموعد قريب الانتظار، هل ينجز الحلم بإحقاقه، وكم حقيقة ستفيقنا من هذا الحلم!.