حرب غزة في استراحة ... والخطوط الحكومية مفتوحة على تأليف سريع
19 كانون الثاني 2025
04:04
Article Content
تتجاوز غزة اليوم عاماً و4 أشهر من الحرب والعدوان الإسرائيلي الهمجي، الذي لم يشهد العصر الحديث مثيلاً له، في مجزرة حقيقية ذهب ضحيتها آلاف الفلسطينيين ودُمِّر القطاع بشكل كامل.
ورغم الاعلان عن إنجاز الاتفاق، برعاية أميركية واضحة عشية تنصيب الرئيس دونالد ترامب رسمياً غداً الاثنين، إلا أن الخطاب التهديدي استمر، حيث هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنَّ إسرائيل تحتفظ بحقها في استئناف الحرب في غزة بدعم أميركي إذا ثبت أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ستكون بلا جدوى، لافتاً إلى أنّه "إذا اضطررنا للعودة إلى القتال فسنفعل ذلك بطرق جديدة وقوية لتنفيذ كل أهداف الحرب".
الموقف نفسه صدر عن ترامب ليل أمس، معلناً أن "احترامنا يعني صمود وقف إطلاق النار وعكس ذلك يعني أن جحيماً سيندلع".
المهم في هذا اليوم، أن الشعب الفلسطيني سيرتاح قليلاً من مآسي الحرب والموت اليومي، علّه يلملم جراحه ويعيد البناء بانتظار يوم تعود له أبسط حقوقه بوطن ودولة.
العد العكسي لتنصيب ترامب
توازياً، ووسطَ التطوّرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، يستعد مبنى الكابيتول في واشنطن ليكون محط الأنظار، يوم غد الإثنين، حيث ستقام مراسم تنصيب دونالد ترامب الذي سيصبح رسمياً الرئيس الـ47 للولايات المتحدة. وكعادته، قرر ترامب، المثير للجدل، كسر التقاليد بدعوة شخصيات أجنبية يعتبرها مقربة منه سياسياً أو شخصياً لحضور الحفل، في الوقت الذي استثنى فيه آخرين، رغم تبوئهم لأعلى المناصب في دولهم.
ولاية ترامب أرخت بظلالها قبل أن تبدأ، وكثير من الأحداث التي شهدها العالم في الشهرين الماضيين لم تكن بمنأى عن الحدث الأميركي، والخريطة التي يرسمها الرئيس المنتخَب لعهده.
دعمٌ دولي للبنان
لبنانياً، دخلَ البلد حقبةً جديدة، عنوانُها الأساس استعادة مؤسسات الدولة والنهوض بالاقتصاد، بعد أن بدت مؤشرات عودة البلد إلى الحضن العربي والدولي تتظهّر وتجلّت بالزيارات المهنئة بالعهد الجديد. فبعد الرئيسين الفرنسي والقبرصي، وعدد من وزراء خارجية الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، جالَ الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش على المسؤولين، للبحث في الأوضاع في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية قبل أيام من انتهاء مهلة الستين يوماً الواردة في اتفاق وقف اطلاق النار.
"زيارة تضامن" انطلقت من بعبدا عقبَ لقاءٍ جمعَ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وغوتيريش، مروراً بقريطم، وصولاً إلى عين التينة، حيث أكّد غوتيريش على الدعم الكامل للرئيس وللحكومة المستقبلية، والاستعداد لتعبئة المجتمع الدولي بالكامل لتقديم كل أشكال الدعم للبنان، لافتاً إلى فرصة حيقيقة في تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية وتهيئة الظروف اللازمة لتمكين الدولة، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب ضمن المهلة المحددة وانتشار الجيش اللبناني.
بدوره، أكّد الرئيس عون تمسك لبنان بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيه المحتلة في الجنوب ضمن المهلة التي حددها الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 27 تشرين الثاني الماضي.
في الإطار، لفت العميد المتقاعد هشام جابر إلى أنَّ "العدو الإسرائيليّ يستغلّ الوقت في التوغلّ وتدمير البنى التحتية ونسف القرى الجنوبية إذ يعتبره إنجازاً عسكرياً يتباهى به أمام الرأي العام حينما يحين موعد انتهاء المهلة المحددة لاتفاق وقف النار.
جابر اعتبرَ في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية أنَّ العدو مستمرٌ بخروقاته واعتداءاته طالما أنَّ ما من رادع لهذه الممارسات، وهو يُطالب بتمديد المهلة المحددة، فيما أنَّ موقف غوتيريش لناحية رفض هذا المطلب يُعدّ أمراً جيّداً، إلّا أنَّ ما من قرارٍ رسميّ بهذا الشأن حتّى الساعة.
وعن النوايا الإسرائيلية بتوسيع العدوان، أكّد جابر أنَّ ما من عودة لنقطة الصفر، وإذا مددت مهلة بقاء العدو في الأراضي اللبنانية فإنَّ الخروقات قد تتحجّم، فلا عودة للحرب من جديد، إذ أنَّ "حزب الله" ليس مستعداً، بل في ظلّ الوجود الإسرائيلي من الممكن أن يردّ "الحزب" داخلياً، عبر اللجوء إلى سياسة التحرير والمقاومة ضمن الأراضي اللبنانية.
المشاورات الحكومية
تزامناً، تترقّب الأوساط ولادة الحكومة الجديدة، بعد انتهاء الاستشارات النيابية غير المُلزمة وسط أجواء إيجابية، حسب مصادر عين التينة، ما يشي بحلحلة قريبة على خط مشاركة "أمل" و"الحزب" في الحكومة خصوصاً بعد تسريبات إعلامية عن اجتماعٍ عُقد بين الرئيس المكلّف نواف سلام ونوّاب من "حزب الله" وصفه المراقبون بالجيّد.
على هذا الأساس، يمكن القول إن أجواء التأليف تسير بشكلٍ سلس وسريع، فيما مسارَ الحكومة سيكون سريعاً كما وعد سلام، على غرار الانتخابات الرئاسية وتكليف رئيس الحكومة، كما أفادت مصادر مطلعة عبر "الأنباء" الالكترونية.
جنبلاط: لا حكومة بدون شيعة
في السياق، أكّد الرئيس وليد جنبلاط أنَّ لبنان اليوم يدخل في مرحلة جديدة، ومن أبرز الملفات الرئيسية التي تنتظر تشكيل الحكومة هي مسألة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مشيراً إلى مكوّن أساسيّ في لبنان ألا وهي الطائفة الشيعية، ولا نستطيع أن نشكل حكومة بدون شيعة، فلا بد من تمثيل هذه الطائفة بالظروف الجديدة، مشدداً على أنه من الأفضل أن لا تكون حكومة سياسية أو حكومة برلمانية لأن الاختصاصات موجودة في خارج إطار المجلس النيابي.
جنبلاط اعتبرَ في حديث لإذاعة مونت كارلو الدولية أنَّ الأجواء مقبولة وإيجابية، لافتاً إلى ان على الرئيس المكلّف أن يأتي بخبرات تقنية اقتصادية من أجل الإصلاح، ومن أجل تنفيذ بعض التوصيات لصندوق النقد الدولي أيضاً، وهناك توصيات معينة لا بد من تنفيذها، وتنفيذ أيضاً ما تبقى من توصيات أو من بنود في اتفاق الطائف.
وذكّر جنبلاط بالعلاقة الخاصة بين لبنان وبين فرنسا ووصفها بالتاريخية، خاصة بعد أن كان الرئيس إيمانويل ماكرون أول من أتى بعد انفجار مرفأ بيروت، وطالب بالقيام بإصلاحات مطالبة بالعدالة في هذه المرحلة، الأمر الذي آن له أن يتحقق أي عن العدالة للذين فقدوا واستشهدوا في ذلك الانفجار الرهيب.
دعوة من النائب جنبلاط: لتشكيل حكومة منتجة
وفي إطار التأكيد على ضرورة الإسراع بإطلاق عجلة الإصلاح ووضع البلد على السكة الصحيحة، والمباشرة بعملية الإنقاذ، شدّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط على وجوب تشكيل حكومة جديدة منتجة سريعاً، للبدء باطلاق عمل إنقاذي دؤوب للدولة، ومعالجة الأزمات والملفات الشائكة، واستعادة الثقة العربية والدولية.
إلى ذلك، نوّه النائب جنبلاط بـ"المسار الايجابي الذي يحيط بالواقع الحكومي، وبالرغبة المشتركة من جميع المكونات، للتعاون والتفاهم المأمول التي تقتضيه المرحلة، كما بزيارة غوتيريش وجهود قوات اليونيفل وتضحياتها، لجهة المطالبة بتطبيق القرار 1701، الذي يحتاجه لبنان بمواكبة دولية، لوقف الأعمال العدائية التي ينفذها العدو الاسرائيلي".
وتطرّق النائب جنبلاط إلى زيارة ماكرون للبنان وتأكيد الدعم الفرنسي والسعي لتنفيذ الالتزامات بما يتوافق والنهوض الاقتصادي والاجتماعي، كما إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الأخيرة.