إنه الإرتقاء إلى رفعةِ الخلودِ سبيلاً
28 ديسمبر 2024
16:42
آخر تحديث:28 ديسمبر 202419:02
Article Content
كأنه ذاك المجابه المتحدي الذي قَبَض نبضاً ومضَ وجوداً في مسلك العيشِ، كأنه ذاك الرغم عن كل حياةٍ تحيا إرادةً، إنه ذاك الحق، لكنه لم يأتمن على الحياة، بل يأتمر بإرادة الله ومشيئته، كأنه ذاك المتغلغل إلى كل دقة قلب حين تدقُ ساعة الرحيل... وهْمٌ أم حقيقة! إنه الموت، نهاية كل مشوار دنيوي.
كأنه ذاك السلطان بجبروته... قاسي الآثار، موجعُ النفوسِ، لكنه ساوى بين الكبير والصغير، الغني والفقير، تعددت الأسبابُ وبقي الأوحد في رحلةِ الأقدارِ، هو نفسه وليس نفسه في كل مطافٍ، منهم من يتذوق مرارته، ومنهم من "كان له شرف العبور فوق جسر الموت إلى الحياة التي تهدف إلى إحياء الآخرين" إيمانٌ حيّ للكمال في النخوة الوجودية، نضال الحياة في سبيل الحق، وصراعها لأجل القضية، عندها يتمايز الموت عن الاستشهاد بسمو الأهداف ومنزلة الكرامات.
وإن كان ذاك المنتزع الخفي لكل روحٍ من ذاك الجسد، لتخلد في رحابِ الرحالِ، فهنيئاً لمن رقدت عيناه شهيداً، دفاعاً من أجل الحق والأرض وكل غاية سامية، تجاه كل عدو ومحتل ومستبد، وهل هناك مكرمة أسمى من التفاني حتى الرمقِ الأخير !؟" وإنّ الموت والتضحية بالنفس غبطة وانطلاق"، وإلى رفعة الخلود... إنّ الاستشهاد سبيل الإرتقاء.
وكأنه ذاك الموت الذي يفنى مع الموت، لكنّ الاستشهاد يحيا كلما نافسه صموداً لا يلغيه زمن، ومروءةً وديمومة بقاء، هي التحية في ذكرى شهداء عرمون، وتحيا الأبطال الأبرار في جنات المجد خالدين، صناديد أحرار أشداء، قواد أسياد النبل والشهامة والبطولات قاهري الأعداء، وسجّل يا أزل تضحيات خلّدها التاريخ لأبطال بواسل شرفاء، قالوا مرحباً بالشهادة ولن تستسلم عزائم الأقوياء، ويا فخر اعتلي منزلي إني من أسرة الشهيد بطل الشجاعة والعنفوان والإباء، ويا عزة تباهي بتلك الوجوه والأسماء.
وكأنه نبض الحزن لا ينضب مع كل فراق، مع كل زفة بطل، تتعانق دموع الفخر والألم، سأترك لمساتك على أغراضك، وثيابك في الخزانة كما هي، وغمراتك وسأشمّ رائحة قميصك كلما غفي نبضي على وسادتك، وعدته تلك الأم المتصبّرة في وداعه الأخير، قال لا تبكي يا أمي، قبّل يديها، لا تحزني لن يطول الرحيل، فإنّ الشهيد يحيا يوم مماته.