انتخاب الرئيس حاجة ماسّة في 9 كانون الثاني... المطران كفوري للأنباء: للخروج من الإنعزالية
21 كانون الأول 2024
15:12
آخر تحديث:21 كانون الأول 202415:30
Article Content
تتزاحم الأزمات والإستحقاقات في لبنان، من تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى عودة إنتظام عمل المؤسسات الدستورية من جديد وإنجاز الإستحقاق الرئاسي إلى التحديات الاقتصادية. ولا شك أن مختلف القضايا مترابطة بشكل أو بآخر، من إعادة الإعمار إلى انتشال لبنان من الأزمات الاقتصادية إلى إرساء قواعد مؤسساتية في بناء الدولة التي يتطلع إليها أبناء هذا الوطن.
القرى الجنوبية دفعت الثمن الأكبر في العدوان الإسرائيلي، الذي مارس أبشع أنواع التدمير، لا بل الإبادة. وقرى قضاءي مرجعيون وحاصبيا نالت قسطاً كبيراً من الإستهداف، والتي تشهد "عودة بطيئة وبوتيرة خفيفة"، بعد إعلان إتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يوضح راعي أبرشية صور وصيدا وتوابعهما للروم الأرثوذكس سيادة المطران الياس كفوري.
ويعيد كفوري في مقابلة مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية ذلك إلى سببين أساسيين أولهما أن الدمار كبير والخسائر كثيرة في القرى المستهدفة ولكن بنسب مختلفة، فيما السبب الأخر، يتمثل بالحذر الناجم عن الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، "فالهدوء والأمن غير مستتبين تماما كما نريد"، على حد تعبيره.
وحول إعادة الإعمار، يدعو كفوري إلى تظافر جهود الدولة والدول المانحة والجمعيات الأهلية كي يتمكنوا من القيام بهذا الحمل الكبير الذي خلفته الحرب، مضيفاً: "الحاجات كبيرة جداً".
وأما من حيث مسح الأضرار من قبل المراجع المختصة، يلفت كفوري إلى أن ثمة جهات رسمية ووزارات مختصة وجمعيات تتواصل مع الأهالي، لكن لم نرَ شيئاً عملياً على أرض الواقع.
ويوضح كفوري أن عددا كبيراً من أبناء البلدات من لم يستطع العودة لتأثر منزله، حيث لجأ عدداً إلى أقارب أو أصدقاء في المنطقة وخارجها. وتجدر الإشارة إلى أن 90 في المئة من أبناء القرى في مرجعيون وحاصبيا وتحديداً التي تنتمي إلى الطوائف المسيحية، كانوا يعيشيون فيها، فيما النسبة المتبقية كان لديهم إلتزماتهم وإرتباطات عمل خارجها، كما يفيد كفوري. ويلفت إلى أن ثمة من نزح منها جراء العدوان وبالمقابل آخرين آثروا البقاء في منازلهم ما أدى إلى سقوط شهداء ومشاكل إجتماعية.
وحول القرى الأكثر تضرراً وحاجةً إلى الدعم لتحقيق العودة، يوضح كفوري بأن معظم قرى وبلدات الجنوب تضررت، أما القرى في قضاءي مرجعيون وحاصبيا، القرى التي تقع على الحدود، فتضررت أضراراً كبيرة من بينها مرجعيون ودير ميماس وإبل السقي وراشيا الفخار وكفركلا ورميش وسواها، بالإضافة إلى دبين وبلاط وغيرها، حيث تراوح حجم الدمار بين الكليّ والجزئيّ وكانت الخسائر بنسب مختلفة.
تطبيق القرارات الدولية وإنتخاب رئيس
لا شك أن الحذر ما زال قائماً، في ظل الإعتداءات الإسرائيلية، لا سيما في أعقاب إتفاق وقف إطلاق النار، كما أن الجيش الإسرائيلي لم ينسحب بعد من بعض القرى، ما قد يعيق الحركة أو الإستجابة الكاملة لمسار إعادة الأعمار والعودة. فيما لبنان، ماضٍ في تنفيذ ما إلتزم به لناحية تطبيق القرار الدولي 1701 بكافة مندرجاته.
وفي سياق متصل، يشدد كفوري على أن "موقفنا الرسمي والمعلن هو تطبيق قرارات الأمم المتحدة والإتفاقيات الموجودة وإتفاقية الهدنة والقرار 1701 والقرارات الأخرى"، معتبراً أن لبنان دون حرب متعب ويكفيه ما لديه من مشاكل اجتماعية وإدارية وإقتصادية التي لا تعد ولا تحصى، ولهذا السبب نحن ضد الحروب ومع السلام.
كما يرى كفوري أن لبنان عليه أن يرتب بيته الداخلي كي تتمكن الدول الصديقة والشقيقة من مساعدته، إذ "لا يمكن الإستمرار على النحو الذي كنا فيه"، على حد تعبيره.
ومن هذا المنطلق، يؤكد كفوري أن إنتخاب رئيس للجمهورية حاجة ماسة وضرورة ملحة يجب أن تحصل في 9 كانون الثاني أو بعد إسبوع أو أسبوعين إذا ما حصلت في الجلسة المقررة.
كما يدعو كفوري مختلف الفرقاء إلى التواضع والتنازل عن الكثير من الأنانيات والمصالح الخاصة في خدمة البلد، وتغليب المصلحة العامة لإعادة بناء بلدنا الذي هدمته الحروب المتتالية والنزاعات والمصالح المتضاربة".
وتعقيباً على بعض الأصوات التي إعتبرت أنه لا يمكن لجهات سياسية من طائفة ترشيح أسماء لرئاسة الجمهورية، يحث كفوري على الخروج من التقوقع والإنعزالية والأنانية ومصالح أو حقوق الطوائف والمطالبة بحقوق المواطن بصورة عامة"، مشدداً على أنه "يجب أن تسود المواطنة"، مؤكداً أن الإنتماء إلى الطائفة من الناحية الروحية مهم مذكراً بقول الإمام موسى الصدر وجود الطوائف نعمة أما الطائفية فهي نقمة.
ويشجع كفوري على تخطي أي مصالح مناطقية وطائفية وخاصة، للوصول إلى تغليب المصلحة العامة والإجتماع على القواسم والثوابت الوطنية لإعادة بناء الدولة والبلد، ويضف: "والا سنبقى مناطق متناحرة وطوائف متنازعة ولا نصل إلى مكان".
ويؤكد كفوري ضرورة إنتظام عمل المؤسسات الدستورية، وليس فقط إنتخاب رئيس جمهورية، إذ يجب ترتيب الإدارة، وتشكيل حكومة مسؤولة وملء الشواغر، إذ أن الإدارة شبه مشلولة، ولا يجوز أن نستمر هكذا، لبنان لم يكن هكذا". ويضيف: "لبنان كان سويسرا الشرق وأنا أسميه منارة الشرق ويجب أن يعود كذلك. الشعب اللبناني شعب مثقف ويتمتع بالوعي والقدرات والإمكانات التي تؤهله بناء أفضل الدول".
الدولة المدنية .. تحفظ الحقوق !
ينطلق كفوري من الموقف الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية الذي يتجسد بالمطالبة بالدولة المدنية، والحفاظ على حقوق كل الناس والطوائف، مشدداً على أن لبنان بلد الحريات والتنوع وكل لبناني لديه الحرية في الإنتماء روحياً وطائفياً ولكن في النهاية الدولة يجب أن تكون دولة مدنية محايدة ترعى كل الناس بشكل متساوي ومتوازن وتفسح المجال لذوي الكفاءة أن يصل كل واحد للمنصب الذي يستحق أن يصل اليه بعض النظر عن طائفته.
وبمعزل عن الأعراف الموجودة حول الرئاسات، "هذا الموضوع على جنب"، كما يقول كفوري، لكن بصورة عامة يجب أن نتخطى الخصوصيات والحسابات الضيقة والمحلية والمحسوبيات، ولا يمكن بناء بلد بهذه الطريقة".