وفي وثائقِ القدر... ولادةُ نورٍ وغروبُ ظلامٍ
15 ديسمبر 2024
12:56
آخر تحديث:15 ديسمبر 202413:48
Article Content
تتوالى الأحداث وغرائبها وأضدادها في لعبة الحياة، ووزنتها في موازينها، لنتخبط برياحها بمصير في مرماها أهدافاً، لعبة تفرعت أجزاءً لا "ألاعيب"، وفي رحلتها عبور للعبة القدر، حيث في سجلاته وثائق متناقضة المسار: ولادة نور وغروب ظلام.
وفي البدء كانت الحياة، ونعمة تؤرخ السادس من كانون مولد الكمال، قائد الميادين الفكرية الفلسفية والروحانية والسياسية، قائد ثورة ليبقى الوطن حراً من طاغية ومستقلاً من إحتلال، وبعد "ربع قرن من النضال" كتب المعلم "هذه وصيتي"، صدّقت بطابعٍ دموي من قاضي الأحوال الإجرامية، فكان السادس عشر من آذار، شهادة وثِّقَت من مأمور نفوس الطغاة.
هو الكمال... لم يبخل بنفسه يوماً عن صراع الحياة، وإنما وجدنا أساساً لنحيا الحياة لا لكي نموت، هو المتجلي في كل كفاحٍ يرقى لأجل مواطن حرّ وشعب سعيد، هو المناضل الدائم في سبيل الحق لأنه انتصار سواء تجلّى في الاستشهاد المضيء أو النصر الساحق.
وفي لعبة الصمود أمام تحديات الموت والقمع والبطش، كان الكمال البطل الخالد له شرف العبور فوق جسر الموت إلى الحياة التي تهدف لإحياء الآخرين، حُذِّرَ المعلم من تهديدات ذاك الطاغية ذو النفس الضعيفة، فقال إن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء، وإنّه يخاطب بالقتل، قال أموت لا أموت فلا أبالي هو العمر من نسج الخيال، نكون او لا نكون، فكانت الرسالة لا تحمل التباس في السادس عشر من آذار بالتزامن مع تأسيس الأنباء لإسكات قلم الحق، بقي الكمال صوت صارخ حر في زمن القمع.
هو الرافض والمتمرد على السجن الكبير، فقال سألوني حين وقفت في زنزانتهم عن إسمي وعنواني ودربي... وهم يهزون بنادقهم وسكاكينهم أمام عيني وفي ظنهم أني سأموت وحدي دون احتضار.
وفي لعبة القضاء والقدر لا إنقسام بينيٌّ بينهما، عقود لرحلة القدر على شهادة الحق، ولعبة القضاء لم تحرك ساكناً فقُبع الملف في أدراج الصمت القانوني، لربما لم يجرأ على نطق العدل تحت قوس محكمة الحياة، ليأتي إنصاف السماء ويكرس عدالة الأرض، ويجعل ولادة النور والعدالة توأمان.
غازل الكمال جمال التسوية فإذ بها بخذلانه في لعبة الأمة، طوت وجوداً بين طيات العروبة بأمر ذاك الطاغية، الذي خشي من هذا الفكر المنير الذي يظلل ظلامه، وبعد سبع وأربعين عام، شرب ذاك المستبد من نفس الكأس في لعبة الأمم، سقط السجن الكبير ونُفي إلى سجنه الصغير، سقط الطاغية ونظام الظلم والظلام.
في لعبة الطبيعة هو الانسان يقيد الوحش في قفص محكم كي لا ينقض إيذاءً على البشر، لكن كانت المعادلة على سنوات معكوسة، قيّد ذاك الوحش كما يقيد في أصوله المتوارثة الناس في سجن الاضطهاد والاستبداد، ليأتي التحرر على يد شعبه الثائر وكأنه ينفذ ثورة الكمال من أجل الحياة والحرية، سيأتي يوماً تنهار فيه جدران التي تحجب النور، حررت أمته وكل الأمم من ظلمه، تجاوزات تجاوزت حدوده المحلية والإقليمية، كان دستور دولته نظام جمهوري السيادة للشعب، وفي دستوره نظام ديكتاتوري ارتبط اسم دولته باسمه وكانت السيادة على الشعب، ممارسات قمعية إجرامية وتعذيب حتى الموت الجسدي والنفسي.
وفي لعبة الوجود... واهم ذاك الطاغية إن ظنّ قد غدر بتلك القامة، كتب الكمال قبل رحيله هناك سنة لا أعرف تاريخ يحدّ أطرافها، ما أعرفه هو أني أمشي في جنازتي مرات كل اسبوع، مشى الكمال إلى مشيئة الله الخالق المنظم لكل شيء، مشى على ما يقدر الله، وكأنما جبل الباروك قد مشى...، ومشى في يومك الشجر.
توالت الأحداث في لعبة الحياة، وجالت في أقاليمها رحلة بدأت بوجود الكمال قيمة في تاريخ الأمم والتسليم بالقضاء عندما قال القدر الأمر لي، واليوم تتقدم المعايدة الإلهية بهدية إلى الكمال ليقول سقط الطاغية والعدالة لي.