كمـال جنبـلاط فـي حقيقتـه
06 ديسمبر 2024
08:43
آخر تحديث:18 ديسمبر 202414:14
Article Content
عندما وقف كمال جنبلاط إلى جانب أنطون سعادة، رجل العقيدة والفكر وباعث نهضة كبرى في أنحاء الشرق، والذي أُعدِمَ ظلماً وقهراً، أتهم بأنه قومي سوري.
وعندما ارتبط بعلاقة وثيقة بالاتحاد السوفياتي ونال "وسام لينين" وكان قريبا من محسن إبراهيم وجورج حاوي ونقولا الشاوي وغيرهم من القادة، أُتّهم بالشيوعية.
وعندما ارتبط بعلاقة وطيدة بالرئيس والزعيم العربي جمال عبد الناصر، الذي أبدى أعجابه بجنبلاط وبعمق فلسفته ومدى إطلاعهِ، وكان يُسْتَقْبل في مصر إستقبال رؤساء الجمهورية، أُتّهم بالناصرية.
وعندما كان يسافرُ إلى أرجاء الهند الفسيحة طلباً للمعرفة والحقيقة بعيداً عن التزمّتْ والتعصّب وتعرف إلى عدد من حكمائها المحققين، أتّهم بالهندوسية.
وعندما تتلمذَ بمدرسة عينطورة وتقرَّب من رجال الدين المسيحيين وكانَ يستشهدُ بالكثير ممّا جاءَ من أقوال السيّد المسيح في مقالاته ومؤلفاتهِ، ُتّهم بالمسيحية.
وعندما كان ينتقد مواقف بعض رجال الدين ويطالب بفصل الدين عن الدولةِ وإلغاء الطائفيّة السياسيّة ويدعو إلى العلمنةِ "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وتعدّى الحرف إلى الروح، أُتّهم بالكفر والإلحاد.
وعندما كان يدافعُ عن الكيان اللبناني وخصوصيتهِ حتّى في أوج المدّ الوحدوي وقيام الجمهورية العربية المتحدة، أُتّهم بالانعزالية والكيانيّة.
وعندما وقف إلى جانب الزعيم ياسر عرفات وأيّد القضية الفلسطينية لأنّها قضية قوميّة وإنسانية محقّة وعادلة، أُتّهِمَ بالوقوف إلى جانب الغريب الفلسطيني ضدَّ شريكهِ في الوطن والانخراط في مشروع التوطين.
كمال جنبلاط لم يكنْ قومياً سورياً ولا شيوعياً ولا ناصرياً ولا هندوسياً ولا مسيحياً ولا ملحداً كافراً ولا انعزالياً لبنانياً...
كمال جنبلاط كان باختصار شـديد تقدّمياً إشـتراكياً قلبـاً وقالبـاً منسجماً مع نفسهِ وقناعاتهِ حتّى الرمق الأخير من حياتهِ.