آن الأوان
05 ديسمبر 2024
15:07
Article Content
أثناء الحرب العالمية الثانية وفي خضم الدمار الذي كان يلف الكرة الأرضية، اجتمع زعماء العالم المنتصرين ليقتسموا الدول الخاسرة للحرب. ونحن في زمن الحرب على لبنان، إذ ندعو لبناء هوية وطنية جامعة ليس لترف فكري أو لأننا عاجزين عن حمل السلاح واقتسام العالم، إنما برأينا لأن اليوم هو الوقت المناسب لصياغة مشروع هوية وطنية تسمو فوق كل الفوارق والانقسامات الدينية والطائفية التي ما فتِئت دول العالم الكبرى، تستغلها ان انتداباً أو استعماراً مباشراً او لزرع دول غريبة بتركيبتها عن المنطقة ونعني اسرائيل؛ لتبقى المبرر الوحيد للتدخل المباشر او للاستعمار الاقتصادي أي التبعية الاقتصادية وجعل كل دول المنطقة سوقاً لبضائعها مدنية كانت او عسكرية.
بداية الكيان اللبناني كانت منذ اكثر من ثلاثماية عام، ولايزال التخبط وعدم الاستقرار هما السمتان البارزتان والمستمرتان؛ فمن الإمارة الدرزية الى المتصرفية ومنها الى الاستقلال الاسمي المنجز بتحالف البرجوازيتين المارونية - السنية في الجمهورية الاولى الى مركنتيلية الجمهورية الثانية وإرهاصات المحاولة الشيعية لجمهورية ضائعة.
اذاً نحن اليوم بأمس الحاجة إلى التفاف وطني جامع ليس فقط لاننا نتعرض لخطر داهم من عدو قد يسلخ اجزاءاً من الوطن فحسب، بل لان علينا العمل لبناء دولة قادرة بكل معنى الكلمة.
لقد آن الاوان للمثقفين اللبنانيين لإعلاء الصوت، لابتداع هوية وطنية وانسانية جامعة للبنان فالمساحات المشتركة فيما بين ابناء الشعب كثيرة جداً، ولنا في التجربة الحالية من التضامن والتآزر ما يشجع على خلق مثل تلك الهوية الانسانية السامية للبنان وتحويلها من عمل ظرفي الى هوية دائمة لابناء الوطن من اقصى عكار الى رأس الناقورة.
هوية يكون مرتكزها الواقعي إحصاء العام 1932 من تآلف للمكونات الطائفية بل ويتجاوزها لانسانية المقيمين ضمن حدود هذا الكيان. ويكون مرتكزها الاخلاقي بإعلاء شأن حقوق الانسان فوق كل اعتبار. وذلك بتربية اطفالنا على قبول الآخر المختلف، لبناء جيلٍ جديدٍ منصهرٍ حامل لهويةٍ لبنانية؛ هي أخلاقية أكثر منها جغرافية، ليعيش في كنف دولة قانون حيث التساوي في الحقوق والواجبات، ولا تمايز الا عبر الكفاءة. وعندئذ، وبالتوازي ننطلق لتكوين قوة سياسية عسكرية مستقلة غير متأثرة باي رياح تأتي من اي جهة كانت؛ تعامل الغير على اساس الندية.
نعم قالها سعيد عقل ان لبنان يستحق الف طائرة حربية تحمي اجواءه وجيش جرار لحماية القيم التي يمثلها وطن جبران خليل جبران كونه رسالة تعايش للعالم على حد قول قداسة البابا يوحنا بولس الثاني.
صرخة نطلقها عسانا نجد من يسمع من المثقفين على اختلاف درجاتهم من الاكاديميين والادباء والكوادر والفنانين ونقاباتهم وغيرهم الكثير، علها تكون حبل خلاص لوطن لم نستطع الحفاظ عليه وجعلناه يغرق مع هبوب اي ريح ... فهل من مجيب؟