Advertise here

إلى جميع المستثمرين بالفتنة في الجبل... الجواب في لقاء بيت الدين

19 آب 2019 10:13:19

أثبت لقاء بيت الدين يوم السبت الفائت، والذي جرى بين رئيس الجمهورية ميشال عون ووفدٍ من الحزب التقدمي الاشتراكي، ثوابت متعددة لا يمكن الخروج عنها، ولا القفز فوقها. أولاً، أثبت وليد جنبلاط نيّته الإيجابية الدائمة للتعاون مع مختلف القوى السياسية، وخصوصاً في إطار الحفاظ على التعايش المشترك والتنوّع في الجبل. وهذا ما تجلى في الخطوة الترحيبية التي قام بها وفدٌ اشتراكي نحو المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية. وهذه الخطوة بما تمثّله وتعنيه تدلّل على التزام جنبلاط بمواقفه وتطابقها مع أفعاله، وعلى أنه يرحّب بالجميع، والجبل مفتوحٌ أمام الجميع على قاعدة التعاون المشترك، وضد منطق حروب الإلغاء.

 

وثانياً، أثبت وليد جنبلاط أن الجبل ليس حكراً على طرف. وغير صحيحةٍ كل الأجواء التحريضية والشعبوية التي كان طرفٌ معينٌ يعمل على بثّها وضخّها بغية تعزيز الانقسام، أو تخويف المسيحيين المتجذرين بالجبل، كما الدروز. وهذا ما يؤكّد عليه جنبلاط دوماً، ويحرص على حمايته ورعايته، لأن الجميع مظلّتهم الدولة التي تتمثل برئيس الجمهورية، وليس بكل القوى المتسلقة التي تحاول إحراج الرئيس بالمواقف التي تطلقها، وتحاول استدراجه إلى خانة فئوية، أو تحسبه على طرف، بدلاً من الحرص على رعايته لجميع اللبنانيين.

 

يمثّل لقاء بيت الدين، رداً أساسياً على كل المصطادين بالماء العكر، وصداً لكل محاولي زرع الفتن، أو الرهان على الانقسامات. الجبل بأجنحته المختلفة والمتنوعة، يمثّل صورة عن لبنان، وبمناعته يقوى لبنان. أما في حالات إضعافه وتعزيز الخلافات والانقسامات فيه، فإن ذلك سينعكس على الدولة اللبنانية، والكيان بكليته. 
يعرف وليد جنبلاط كل الحساسيات بدقةٍ متناهية، ولذلك يبادر دوماً ويفتح يديه، متعالياً على الصغائر لصالح الحفاظ على الجبل، ومنه على لبنان. فهو المبادر دوماً إلى المصالحات، وإلى الحوار في لحظة الصراع، وذلك لأنه على يقينٍ واحدٍ لا يحيد عنه: لا أحد في لبنان قادرٌ على إلغاء أحد، ودوامة التصعيد لن تؤدي إلى غير الخراب على مختلف القوى المتصارعة.

 

وربما هذه القناعة توصّل إليها آخرون كانوا يحاولون شنّ حروب الإلغاء والتطويق والمحاصرة، لكنهم وجدوا أنفسهم بحلٍ من عزائمهم. ووجدوا أن لا بديل لديهم عن العودة إلى الحوار، واحترام المكوّنات وخصوصياتها، بعيداً عن مبدأ تصفية الحسابات.

 

لقاء بيت الدين قابلٌ لأن يكون انطلاقةً متجددة لعهد الرئيس ميشال عون على قاعدة التعاون بين مختلف القوى السياسية، وذلك بعد إجراء المصالحة على خلفية تجاوزات حصلت طوال المرحلة السابقة. وما بعد هذه المصالحة ومبادرة جنبلاط، فإن لبنان يقف على عتبة مرحلةٍ جديدة قابلةٍ لأن تكون تكاملية وتعاونية في سبيل تعزيز الوحدة الداخلية، والبحث عن حلولٍ للمشاكل الاقتصادية. وعلى المسؤولين انتهاز هذه الفرصة للمراكمة على الإيجابيات. وبالتأكيد ذلك سيكون أفضل من العودة إلى لعبة الانتقام، أو تسجيل النقاط والتي إذا ما تكرّرت ستُدخل لبنان في دوامةٍ لا تنتهي.