الخسائر تجاوزت حرب 2006... لبنان أمام كارثة اقتصادية

07 تشرين الثاني 2024 14:38:07

18 عاماً على حرب تموز 2006، شهدَ لبنان خلالها عدداً من الأزمات المتلاحقة التي تركت آثاراً كارثية على اقتصاده واستقراره الاجتماعي، فيما يتجدَّد المشهد اليوم بعدما ألقت الحرب الدائرة على لبنان بثقلها على القطاعات الإقتصادية كافة، فالعدوان الإسرائيليّ الهمجي لا يُفرّق بين بشر وحجر، مدمّراً كلّ ما تطاله آلة القتل والدمار في استمرار ممنهج لإلحاق الخراب وتقويض كلّ مقوّمات النهوض من تحت الركام.

أزمة اقتصادية غير مسبوقة
بعد موسم سياحيّ تغلّب على التحديات في محاولة لانعاش القطاع من جديد عقب سلسلة الانهيارات يشهدُ لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة نتيجة التصعيد العسكري، الذي أدّى إلى خسائر مباشرة في قطاعات السياحة والاستثمار الأجنبي والمحلي، ما انعكس سلباً على حياة اللبنانيين الذين يعانون بالفعل منذ سنوات.

خسائر بالمليارات 
ملياران دولار حجم الخسائر حتّى الآن، وفق ما يُشير الخبير الإقتصادي الدكتور أنيس أبو ذياب، إلّا أنَّ بعض الأرقام التي تصدر عن مؤسسات محلية ودولية ليست دقيقة إلى حدٍّ ما، إذ إنَّ عملية المسح الإقتصادي لا يُمكن أن تبدأ إلّا بعد وقف الحرب، فحينها فقط تُدرَك الخسائر الحتمية.

ويَلفت أبو ذياب في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أنَّ الاقتصاد الوطني دُمّر بفعل انهيار آلاف المباني بشكل كليّ، فضلاً عن مئات الآلاف التي تعرّضت إلى إنهيار جزئي في المناطق المستهدفة، مضيفاً أنَّ حجم الخسائر تجاوز حرب تموز 2006 بالإضافة إلى الدمار الشامل الذي لحق بالقطاعين السياحي والصناعي في المناطق التي تتعرّض للقصف المستمر من الجنوب إلى البقاع وبعلبك كما الضاحية الجنوبية، وهي التي تضمّ 50% من المصانع الغذائية وغير الغذائية، وآلاف الهكترات من الأراضي الزراعية غير المستغلة، وبالتالي هذا يحتاج إلى دراسة فعلية وبحث من وزارة الزراعة ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية حول مدى الأضرار التي تعرضت لها التربة جرّاء تعرضها للفوسفور، ومعرفة إمكانية استخدامها في الزراعة المستقبلية.


التجارة لم تسلم من الخسائر
ويرى أبو ذياب أن الخسائر كبيرة في القطاع التجاري، إذ إنَّ التجارة متراجعة بأكثر من 50%، بينما ثلث القطاع السياحي مدمّر كلياً والخطر الأكبر يكمُن في 70% من القطاع الخاص الذي يواجه مشكلة فعلية في تأمين رواتب العاملين فيه، خصوصاً وأن جزءًا كبيراً من هذه المؤسسات باتَ معطلاً ويحتاج إلى سيولة لدفع الرواتب في ظلّ عدم قدرة المصارف على تسهبيل وتأمين هذه السيولة للقطاعات المصرفية الأخرى بعد الأزمة المالية.

مقارنة بين حرب 2006 و2024
وإذ يذكّر أبو ذياب أنّه في اليوم الثاني من حرب 2006 أرسلت السعودية مليار دولار كوديعة، بالإضافة إلى مساهمة دولة خليجية بنصف مليار دولار كوديعة للقطاع المصرفي لحماية العملة الوطنية آنذاك، فضلاً عن حجم المساعدات الذي كان بنسبة أكبر من اليوم، كما وأنه من اليوم التالي لانتهاء حرب تموز تدفقت الأموال الخليجية والعربية بهدف إعادة إعمار ما تهدم في لبنان، أمّا اليوم فلا معين لنا، إذ على الرغم من أهمية مؤتمر باريس إلاّ أنه جمع مساعدات غذائية وصحية فقط بما يقارب 800 مليون دولار. 

كارثة إقتصادية
ويرى أبو ذياب أنَّ لبنان اليوم أمام كارثة إقتصادية حتمية، إذ بحسب تقرير الأمم المتحدة للأزمات فالاقتصاد اللبناني يحتاج إلى ثلاث سنوات لإعادة نموه، خصوصاً في ظلّ غياب الاحتضان العربي الخليجي تحديداً إلاّ إذا انتهت الحرب وانجلت بوادر إيجابية لإعادة انتظام الدولة، مضيفاً أن لبنان قادر على الصمود وإعاة النهوض، بفعل الحيوية الاقتصادية الداخلية وزيادة التحويلات من الاغتراب وهو أمر طبيعي خلال الأزمات، ممّا يُشكّل بادرة أمل يمكن استغلالها إذا ما انتظمت الدولة برئيس جديد ورئيس الحكومة وإعادة تفعيل دور الجيش والأجهزة الأمنية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي والعربي. 

خطر محدق
ويختم أبو ذياب مشيراً إلى خطر محدق على الاقتصاد بشكل عام، يتمثّل بالموارد البشرية أيّ خسارة الأرواح، بالإضافة إلى ما يتكبده القطاع التعليمي الذي يتخبط منذ نحو 5 سنوات. 

بالمحصلة، الحرب كارثية في جميع الأحوال، فكيف إذا أتت على دولة اقتصاها في القعر ومؤسساتها منهارة، إلّا أنه من الواضح أن تداعيات هذه الحرب على لبنان ستكون طويلة الأمد فيما الحلّ يبقى بانتخاب رئيس جديد وانتظام مؤسسات الدولة.