Advertise here

على خطى كمال جنبلاط... هكذا يواجه وليد جنبلاط أحكام الواقع

14 آب 2019 15:52:00

معروفٌ مدى تأثّر الدروز بالفلسفة اليونانية. والتأثّر بفلاسفة العقل والتعقل تعني الحاجة الدائمة للحكمة والصبر، وتغليب العقل على حساب القوة أو التلويح بها، وتركِها إلى لحظتها الضرورية. وهذا هو النهج الذي يعتمده وليد جنبلاط، واعتمده المعلّم الشهيد كمال جنبلاط. تحت هذا السقف تندرج تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالأمس، قائلاً: بكل هدوء نواجه المستقبل. لا نخاف من أحد. لكن لا داعي للتحدي والسجال بعد لقاء المصارحة والمصالحة. التحية لشهداء 13 آب، ولكل الشهداء الذين صنعوا الطائف".

 

موقف جنبلاط واضحٌ لجهة التعالي على كل الصغائر، والتركيز على الوحدة والاستقرار والهدوء. وهذا أيضاً ينسجم مع مبدأ الفلسفة العقلانية التي تغلّب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وهذا ما يمتاز به جنبلاط، والدور التاريخي الذي تضطّلع به المختارة.

 

ويقوم هذا المبدأ على تبنّي تلك الفلسفة، وخاصة أفلاطون بفلسفته المثالية التي تقول إن النفس جزئين: جزء في الأرض، وجزءٌ يدور بين النجوم. وكلّ ما هو في الحياة هو مثالٌ، أو انعكاسٌ، لشيءٍ آخر موجود في مكان آخر. والمُثُل بهذا المعنى خالدة. وهذا يبرّر لوحةً كبيرةٍ مرفوعة في صدر دار المختارة كُتبَ عليها اعرف نفسك. "اعرف نفسك" [عبارةٌ] تعود لسقراط، صاحب نظرية المعرفة التي يرتكز عليها الدروز، وهو الذي يقول "إعرف نفسك بنفسك". وتلك هي الطريقة التي تبنّاها كمال جنبلاط في حياته ومماته، وبنهجه، وفكره الذي ارتكز على نقض الواقع، والبحث في أفق تغييره وتحسينه وتطويره.

 

واجه كمال جنبلاط أحكام الواقع، كما واجه سقراط حكم الإعدام بحقه. وهذا المسار ينجم عن مسيرة العقل التي لا تخرج عنها المختارة في سبيل تحقيق الصالح العام على حساب الصالح الخاص. ولذلك يبقى وليد جنبلاط متعالياً على الصغائر، ومتفوقاً على الجراح والطعنات، تاركاً ردّها للتاريخ والصمود. وفي هذا السياق تتعاطى المختارة بانفتاحٍ مع مختلف القوى، وتطوي صفحات الاشتباك لصالح فتح صفحات التلاقي دفاعاً عن لبنان، وكما قال دفاعاً عن الطائف.

 

وبلا شك فإن الأساس يتوجّه إلى تدعيم المواجهة اللبنانية لسدّ المنافذ أمام العواصف الخارجية، سواء عبر العقوبات، أو عبر الإجراءات التي قد تُفرض، أو عبر حرمان لبنان من المساعدات الموعودة، وهو ما يحتاج إلى تضافر الجهود التي يحب أن تتعزّز بعد عودة رئيس الحكومة، سعد الحريري، من الولايات المتحدة الأميركية، وخاصةً في ظلّ الحديث عن فرض عقوبات على أفرقاء لبنانيين، وما يمكن أن ينعكس ذلك على الوضع اللبناني بشكل عام.