على الرغم من الترويج الإسرائيلي لاقتراب التوصل إلى تسوية، فإنّ تقديرات ديبلوماسية تفيد بأنّ الجهد الأميركي منصبّ على بلوغ هذه التسوية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية المقرّرة يومي الثلاثاء في الخامس من تشرين الثاني المقبل، أي بعد 5 ايام. وانّ الأساس في التسوية ارتكازها على القرار 1701 وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وتوسيع التفويض لقوات «اليونيفيل» بما يمنحها حرّية التحرّك والمداهمة والتفتيش في منطقة عملها». الّا أنّ مصادر مواكبة لحركة الاتصالات أبلغت إلى «الجمهورية» قولها «إنّها تستبعد ذلك، أولاً لضيق الوقت. وثانياً للهوّة العميقة التي حفرتها الشروط الاسرائيلية التي روّج لها في الايام الاخيرة في طريق اي تسوية، ما قد يستلزم مساحة زمنية واسعة وطويلة من النقاش والأخذ والردّ حولها. وثالثاً للمماطلة التي اعتاد عليها نتنياهو، ورابعاً للميدان الحربي الذي تتصاعد مجرياته بوتيرة كبيرة».
ورغم تلك الأسباب المؤخّرة للتسوية، فإنّ المصادر عينها ترى انّه في مطلق الأحوال تبقى كل الاحتمالات واردة، إنْ صحَّ ما قيل عن عزم الإدارة الاميركية على ممارسة ضغوط جدّية هذه المرّة على نتنياهو للتعجيل بالتسوية ووقف اطلاق النار».
يُشار في هذا السياق إلى معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» تفيد بأنّ مرجعاً سياسياً تلقّى من مسؤولين اميركيين ما يفيد بأنّ «واشنطن راغبة بشكل شديد الجدّية في إنهاء الحرب في غزة وكذلك في لبنان على وجه الخصوص، ليقين الإدارة الاميركية بأنّ الحرب باتت عبثية وبلا افق، وخصوصاً انّ اسرائيل لم تتمكن من تحقيق أي من الاهداف التي حدّدتها».
على أنّ قدوم هوكشتاين إلى اسرائيل يؤكّد أنّ مهّمته ستشمل لبنان تلقائياً في وقت لاحق هذا الاسبوع، ربما غداً الجمعة او السبت. وأكّدت مصادر سياسية على صلة وثيقة بحركة الاتصالات لـ«الجمهورية»، أنّ امر انتقاله من إسرائيل إلى لبنان يتحدّد بناءً على ما قد يحققه من إيجابيات في اسرائيل، خارج إطار الشروط المرفوضة التي روّجت لها إسرائيل في الايام الاخيرة حول مهلة الشهرين وتسوية تُخضع لبنان لإسرائيل وتمنح جيش الاحتلال حرّية المسّ بسيادة لبنان والاعتداء عليه ساعة يشاء».
في رأي المصادر عينها «أنّ الشروط الاسرائيلية التي رُوّجت ليست مرفوضة من قبل لبنان فحسب، بل لا يقبل بها الاميركيون والفرنسيون والمجتمع الدولي بأسره. واضحٌ أنّ اسرائيل تحاول ان تستثمر على الدمار الشامل الذي ألحقته بالمدن والقرى وتظهّره للداخل الاسرائيلي على أنّه إنجاز كبير تستغله لإملاء شروط إخضاعية للبنان. إسرائيل تفوقت في الجو على البنى المدنية وقتل المدنيين، إلاّ انّها تراوح مكانها في الميدان العسكري، حيث أنّ مجرياته، وكما يرى الجميع، مناقضة ومعاكسة حتى الآن لما تريده إسرائيل، فالعملية البرية لم تحقق لها عودة سريعة لسكان مستوطنات الشمال، وخسائرها باعترافها كبيرة جداً، وبالتالي فإنّ كلّ ذلك لم يعطها القدرة على فرض مثل هذه الشروط وإلزام لبنان بالسير بها».
وفي تقدير المصادر عينها «أنّ هوكشتاين، إن حضر إلى لبنان بتلك الشروط الاسرائيلية فهو يحكم مسبقاً على مهمّته بالفشل، مع أننا نستبعد ان يسوّق لتلك الشروط المرفوضة، ومن هنا فإنّ نجاح مهمّته مرتبط بإعطاء الأولوية لمشروع تسوية على أساس القرار 1701 ومندرجاته بلا زيادة او نقصان، وفق آلية تطبيق لهذا القرار يقبل بها لبنان، ولا تمسّ سيادته».
يُشار إلى انّ الموقف اللبناني ثابت لناحية التمسّك بالقرار 1701، وكرّره رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام زواره، «بأنّ لبنان قال ما عنده، بأننا مع تطبيق كامل للقرار 1701 ببنوده كلها، والشرط الأساس لذلك هو وقف شامل وكامل لوقف اطلاق النار، ودون وقف النار لا حل سياسياً». وأما في ما خصّ بلوغ حل سياسي قبل الانتخابات الاميركية، فهو في رأي بري «متاح في أي وقت، إلّا أنّه مستبعد لأنّ نتنياهو لم يرتوِ من الدم والدمار والقتل، وسيستمر في التصعيد، فيما المقاومة موجودة وقادرة على منعه من تحقيق اهدافه واحتلال الجنوب».