بين التصعيد والتفاوض... هل لبنان مهدِّد فعلاً بالحصار؟

29 تشرين الأول 2024 17:43:40 - آخر تحديث: 29 تشرين الأول 2024 17:56:30


تعيش منطقة الشرق الأوسط تعقيدات وصراعات متداخلة، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية وتسعى كل من قطر ومصر لفتح قنوات حوار جديدة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، بهدف الوصول إلى تفاهمات تضع حداً لأزمة احتجاز الرهائن وتعيد إحياء عملية التفاوض. إلا ان هذه المفاوضات تواجه تحديات مع استمرار تشدد حكومة نتنياهو، وسط ضغوط دولية ومطالب داخلية، وسط تسارع الأحداث في لبنان وسوريا، حيث يبدو أن التصعيد العسكري الإسرائيلي يُلقي بظلاله على التوازن الإقليمي، في الوقت الذي تُحاول فيه إسرائيل فرض سيطرتها على طرق الإمداد ومحاصرة الأطراف المختلفة. 

ماذا يحصل في قطر؟

في هذا السياق، قال المحلل السياسي خالد العزّي لجريدة الأنباء الإلكترونية أن "ما يحدث في قطر هو محاولة جديدة لاستئناف الحوار والتفاوض بين إسرائيل وحركة حماس عن طريق الراعي القطري والمصري للوصول إلى تفاهمات سريعة تقضي بانتهاء فترة اسمها احتجاز الرهائن وقد يكون مقتل السنوار دافعاً لاستكمال هذه المفاوضات وخاصة أن الإسرائيلي أرسل كبير المفاوضين في المخابرات الإسرائيلية لإعادة إحياء هذه العملية. لكن هذه العملية لا تزال مرتبطة بالعديد من الأمور، أولها داخلي في حركة حماس عن الاسم الذي سيفاوض وعلى ماذا سيتم التفاوض، أما النقطة الثانية فهي مرتبطة بالجانب الإسرائيلي حول كيفية إتمام هذه المفاوضات وعلى أي أساس خاصة عن اليوم التالي للحرب أو وقف إطلاق النار في حال تم التوصل إلى هذه النتيجة، اليوم التالي لما بعد غزة هو الهم الأساس لدى الجميع في كيفية إدارة شؤون غزة والنظر بالوضع الإجتماعي الإنساني لسكان غزة".


 وفي إطار المفاوضات أيضاً، يشير العزّي إلى أن الأمر يصطدم بموقف مصر إذ أن هناك نوع من "إعادة حركة الإدارة والربط مع مصر بكيفية التفاوض على محور فيلاديلفيا، خاصة وأن مصر تصر على أن خروج اسرائيل من المحور هو أساس لاستكمال أي تفاوض لاحق، وهذا الأمر يخلق تساؤلات حول جدّيّة رغبة اليمين الإسرائيلي باستئناف المفاوضات وإجراء عملية التبادل، أم أنه بمثابة تمرير للوقت قبيل الإنتخابات الرئاسية الأميركية كي لا يكون نتنياهو بموقف إعطاء دفعة لأحد من المرشحين خاصة وأنه يعتبر أنه حصل على انتصارات كبيرة بمعاقبة المسؤول عن طوفان الأقصى أي باغتيال يحيى السنوار، وهذا لا شك في أنه يظهر جلياً التعنّت الاسرائيلي وعدم حسم مصير غزة بعد هذه الحرب وهذا ما يجعل وضع غزة اليوم مسيطراً عليه إنسانيا خاصة من قبل جيش الاحتلال كي يبقى هو محاصِرا القطاع والقابض الفعلي على كافة المساعدات، وحتى لو جرت الهدنة فهي على الأرجح لن تكون طويلة وربما لن تنجح طالما أن نتنياهو لا يزال متعنتاً، حتى لو ذهب أكثر في عملية التفاوض ستكون من أجل استعادة الأسرى لأن هناك إصرار من قبل الداخل الإسرائيلي على تحرير الأسرى والحصول على رفات الذين قُتلوا في 7 أكتوبر الماضي".

ماذا عن لبنان؟

يوضح العزّي أن الوضع في لبنان ليس كما يتصوّر البعض وربما تم تفسير  تصريح المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هغاري بشكل خاطئ بأن انتهاء الحرب خلال أسبوع أو أسبوعين، هذه الترجمة كانت غير صحيحة، فقط كان يقصد انتهاء المناورات بأسبوع أو أسبوعين واليوم المجلس الحربي العسكري يؤكد على توسيع الحرب وتوسيع العملية البرية لأنه سيصل إلى الخط الثاني من القرى الذي يعتبرها مكان تواجد وتموضع حزب الله وخاصة بعدما وجد أسلحة ومتفجرات في هذه القرى ودمّر الكثير من الأنفاق، لذلك يعتبر مهمته لم تنته وبالتالي هو يستعد إلى حرب طويلة لأمد إذ أن الاسرائيلي غير مستعجل كما يظن البعض".

وبالسياق ذاته، يشير العزّي إلى أنه "إذا ما قرأنا الضربة التي شنتها إسرائيل ضد إيران، يمكن أن نتفق مع المرشد الإيراني علي خامنئي الذي قال "لا داعي لتضخيم أو تصغير تأثير هذه الضربة"، إذ إنها كانت ضربة فاعلة وهي رسالة قادمة إلا أن الإسرائيلي اليوم يريد ان يكون صب اهتمامه العسكري على لبنان وغزة وسوريا وما نشهده اليوم من الإطباق على سوريا من خلال قطع الطريق ومحاولة الاغتيالات للعناصر والقادة وتفجير المستودعات يدل على أن الإسرائيلي يحاول قطع الإمداد نهائياً ما بين لبنان وسوريا ما بين لبنان والبحر وما بين لبنان والجنوب ويعمل أيضا على فصل البقاع الغربي والبقاع الشرقي عن الجنوب بواسطة المسيّرات والقصف. إذاً هناك حصار اقتصادي بدأ يفرض نفسه، حصار غير واضح بدأ حصاراً عسكرياً - أمنياً على المعابر وهذا الأمر سيؤدّي لاحقاً إلى فرض حصار قادم لا محال، سيعمل الإسرائيلي على تطبيقه تدريجياً".

 إذ إن الاسرائيلي اليوم "يقضم العنب حبة حبة لأنه غير مستعجل"، بحسب العزّي الذي يؤكّد أن العدو "يناغي شعور الأميركي ويعطيه نوعاً من الحوافز الإعلامية والدبلوماسية مجبراً إياه على السير بخطى دعمه لأنه ينفذ ما يريده الأميركي، والأخير يعطي ضوء أخضر فعلي للإسرائيلي ويحميه بكل تصرفاته وبكل أعماله التي يمارسها في لبنان من قتل وضرب بالرغم من اعتراض الأمريكي على ضرب المدنيين وعلى الضرب الكثيف للضاحية الجنوبية لكن نتنياهو لا يسمع لأحد. فهو يرى في المرآة شخص نتنياهو، يسمع لنتنياهو ولتطرفه ولحكومته، حتى لجنرالاته الذين يعتبرون أن خوض الحرب في لبنان أولوية، هو يحاول المزايدة عليهم وبالتالي لا يعطي أحداً فسحة أمل لإنهاء الحرب قريبا".

ختاماً، يظل التساؤل قائماً حول مدى قدرة الأطراف المعنية على تجاوز هذه العقبات لتحقيق استقرار فعلي، إلا أن تطرّف نتنياهو يهدد بأن المنطقة مقبلة على تصعيد جديد يهدد استقرارها لأمد طويل خاصة وإن كانت نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية لصالحه كي يستمر بإنقاذ حياته السياسية.