ما مدى تأثير الحرب في الطفل؟

27 تشرين الأول 2024 08:49:56

هناك مبدأ سيكولوجي اصبح بديهياً، اذ ان السنين الأولى في حياة الطفل هي الاهم بالنسبة الى التطور النفسي، وبناء الشخصية السليمة، انها السنوات الخمس الاولى وبخاصة السنتان الاوليان، ولنوعية التربية المتمثلة في العلاقات العاطفية مع الطفل الاهمية القصوى ان في ايجابياتها او في سلبياتها، فكثير من الاطفال فقدوا أمهاتهم في الحرب، والخطر يكمن في ترك الولد عند غياب امه مع بديل غير مناسب، فقبل عمر 3 سنوات يحتاج الطفل الى رعاية مستمرة، واذا توفيت الأم فلا بد من بديلة تتمتع بصوت الامومة (الجدة، الخالة، العمة او المربية او الخادمة) الاهتمام بالطفل بصفات الامومة الحق، المحبة الصادقة، تأمين الشعور بالطمأنينة، مع تدريبه بشتى الوسائل للاعتماد على نفسه اي نظامه السيكولوجي بشكل تدريجي، فالتربية ككل تتمثل في هذه الفترة بمبدأين أساسيين:
اولا: اعطاء الطفل القدر الكافي من المحبة والحنان، حتى تكون ثقته بنفسه وبالعالم، ثقة متينة غير قابلة للانهيار امام كل عقبة تعترضه.

 

ثانياً: وفي الوقت عينه توفير المجالات للطفل كي يقوم باختبارات ويحقق خبرات شخصية تقوده الى الاعتماد التدريجي على النفس. فنفسيات الاطفال تغيرت في الزمن الحالي (أولاد عنيدون عصبيون) والولد اليوم لا يعامل بالقسوة بل باللين وبطرائق معينة مع مراقبة عاداته وتصرفاته، ومساعدته في الاقلاع عنها، يجب الا يتمسك الولد على هواه، المطلوب ان يراقب بدقة وعناية (في البيت والمدرسة والشارع) فيتم تدريبه وترويضه ثم تحضيره لدخول المجتمع، فلا ننسى انه رجل الغد.

أطفال اليوم ليسوا كأطفال الأمس، لانهم ابتعدوا في حياتهم عن الطفولة والبراءة. فالطفل اليوم يفكر كالشباب في واقعه، في مستقبله باهتمام كبير. ففي الوقت الذي منعت بعض البلدان تصنيع الالعاب الحربية وحظرت طرحها في يد الاطفال نلاحظ الاسلحة الحقيقية نسمعها ونرى القتل والتشرد والدمار والخراب فالطفل ما زال يعيش ويراها بأم العين، عوضاً ان يكون الطفل بين العابه وتأمين حدائق وساحات للعب الفردي او الجماعي وفي الهواء الطلق. وينبغي ادخال تغييرات اساسية في بنية التعليم واهدافه ومحتواه والاهتمام بالواقع النفسي للتلميذ. وذلك بايجاد موجه تربوي ملم بعلم النفس يقيم في المدرسة في اثناء الدوام ليساعد في حل مشاكل التلاميذ ولا سيما من هم في سن المراهقة.

وهناك اساليب عديدة يمكن ان تتبع في محو اليأس من نفسية الاطفال الابرياء كأن يقدم لهم الأهل الهدايا شرط الا تكون الالعاب التي تذكر بالحرب وعنفها. وعلى المربية في هذه المرحلة بالذات انتشال الاطفال من الجو القاتم. وان يعيدوا اليهم اكبر طاقة ممكنة من البراءة التي افتقدوها. عسى أن تمر هذه الايام الصعبة الى سلام