أشار الرئيس وليد جنبلاط الى أنه "طالما لا تُطبق القرارات الدولية، والأمم المتحدة تُستبعد من كل المشاورات، بل تُنتهك، يبدو بأن هذه الحرب طويلة."
وتابع جنبلاط في حديث مع "روسيا اليوم": "لقد مررنا تقريباً في مثيلاتها عام 1982، الغزو الإسرائيلي وصل إلى بيروت، وعام 2006 وصل الدمار إلى بيروت، وكان هجوماً كبيراً تدميرياً على قسمٍ من الجنوب، واليوم نعود الى دوامة العنف التي نشهدها."
وعن كيفية مواجهة مؤسسات الدولة هذه الحرب، قال جنبلاط: "المؤسسات التي تواجه، لا زالت صامدة وقوية ومتينة، وزارة الصحة والجيش وقوى الأمن الداخلي. وبالرغم من الفراغ الرئاسي وعدم إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية، هناك حضور سياسي ودبلوماسي، داخلي وخارجي، من قبل الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري"، مشدداً على أنه لا يُشارك هذه النّظرة التّشاؤمية المُطلقة، لكن في الوقت نفسه من الأفضل أن ننتخب رئيس لاستكمال السلطة التنفيذية ولمحاولة مواجهة الاستحقاقات السياسية والعسكرية وكي تكتمل هيكلية الدولة.
وتمنى جنبلاط أن لا يحدث سيناريو غزة في لبنان لكنه يبقى مجرد تمنٍّ. وقال: "وهذا يعود إلى تأثير الدول الكبرى على اسرائيل، حتى هذه اللحظة مع الأسف، لم تقم أي من هذه الدول الكبرى، الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، فكيف تقف الحرب إذا لم تشعر إسرائيل بشيء من الضغط".
وتابع "رغم قرارات الأمم المتحدة ومؤسسات دولية مثل المحكمة الدولية لا زالت تُنتهك ويُضرب بها عرض الحائط. لذلك يجب إعادة النظر وعودة الانتظام العالمي والسياسة العالمية الى قواعد اللعبة الكبرى. ألا وهي أن تكون الأمم المتحدة هي التي تقرر بدولها وتثبت بدولها القانون الدولي."
وعن ضغط أميركي تجاه اسرائيل لوقف عدوانها، قال جنبلاط: "تستطيع الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل. وشهدنا ذلك في العام 1982، آنذاك كانت إدارة الى حد ما عدوانية، إدارة ريغان، لكن وصلت الى قناعة أن الحرب لا يمكن أن تستمر والأمر نفسه في العام 2006. تستطيع الولايات المتحدة، لكن للأسف اللعبة الانتخابية الداخلية تطغى اليوم، وفي هذه اللحظة على السياسة الخارجية، ويبدو علينا ان ننتظر الى ما بعد 5 تشرين الثاني لكي يتبين الافق الى لين الولايات المتحدة في سياستها الخارجية وبالتحديد في الشرق الاوسط."
وأضاف جنبلاط "القرارات الدولية جزءٌ لا يتجزأ، لا نستطيع نحن في لبنان أو في غير لبنان ان نتلاعب بهذه القرارات الدولية. القرار 1701 يملي ببسط السيادة اللبنانية ونشر الجيش اللبناني في الجنوب. 1559 يُملي بتجريد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من السلاح. لكن هذا لا يجري من خلال ما يتمناه البعض في لبنان بالفصل السابع، هذا يجري من خلال الحوار الداخلي، وأيضاً يجري من خلال أن تتفهم الدول وبعض الدول الخارجية مثل الجمهورية الإسلامية بأنه آن الأوان بأن للبنان دولة ووحدها الدولة تملك حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم."
وأردف "هناك اتفاق مهم جداً وهو اتفاق الطائف، الذي جرى التوقيع عليه عام 1989 يملي اتفاق الهدنة مع إسرائيل أي "الحرب الموقوفة"، والتي تملي أيضاً شروطا على لبنان واسرائيل بالتوازن في السلاح من هنا وهناك. أعتقد هذا هو الحل والصيغة التي تستطيع أن تعيد النازحين الى جنوب لبنان والنازحين الإسرائيليين الى شمال اسرائيل".
ورداً على سؤال حول امكانية البحث في تسليم سلاح حزب الله الى الجيش اللبناني، وتعزيز المؤسسة العسكرية، قال جنبلاط: "نوقش هذا الموضوع أيام رئاسة ميشال سليمان ووضعنا وقتها الخطوط العريضة لما يسمّى الخطة الدفاعية، والتي مع الحوار والتفاهم بين جميع الفرقاء، يصبح الجيش اللبناني ومن ورائه الدولة هو القوة الوحيدة التي تمتلك السلاح، لكن اليوم حتى وقف إطلاق النار لا نستطيع ان نصل اليه. اجتمعنا مع الرئيس ميقاتي ووضعنا خطة أو بعض النقاط، وهي وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس وفاقي، التشاور والوحدة الوطنية، لكن وقف إطلاق النار يعود إلى من؟ يعود وقف النار الى الدول الكبرى، ولسنا هنا، وهذا رأيي لا أربط موقفي بما يجري اليوم في غزة، بالرغم من تأييديّ للقضية الفلسطينية لكن لا بد من التفكير، وإذا استطعنا فصل المسارات".
ورداً على سؤال عن الطروحات بتزويد الجيش بسلاح روسي، والضغوط الأميركية والغربية في هذا الإطار، قال جنبلاط: "للأسف هذه هي السياسة الواقعية، إذا اخترنا أن نتزوّد بالسلاح الروسي، ستُقطع العلاقات مع الجيش اللبناني، من قبل الولايات المتحدة الأميركية والتي هي المصدر الأساسي لتسليح الجيش وتمويله وتدريبه. هذه قصة طويلة وأتذكر الموضوع، حاول الرئيس الحريري وفشل، وحاول الياس المر وفَشِل".
وتابع جنبلاط "هناك دول مثل فرنسا وإيطاليا وحتى بريطانيا تقوم بتسليح وتدريب ومساعدة الجيش اللبناني، لكن طبعاً الأساس هي الولايات المتحدة. وهنا اذا صح التعبير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة في كل شيء يتعلق بتسليح الجيش اللبناني وتزويده بأي وسيلة دفاعية قد تكون قوية او مؤثرة يعترضون عليها."
واستطرد جنبلاط "وهنا أتمنى على بعض النواب من أصل لبناني في الكونغرس الأميركي اذا استطاعوا واذا تجرأوا ان يطرحوا البديل، أن يقولوا نريد سلاحاً قوياً للجيش اللبناني كي يستطيع هذا الجيش أن يدافع عن الارض. برغم ان هذا الجيش اليوم ذهب منه في العام 2006 عشرات الشهداء والجرحى، واليوم أيضاً يدفع ضريبة الدم برغم من كل المعوقات والضعف".
ورداً على سؤال ح ل كيف يمكن أن نتحدث عن هذا التوازن، اذا كان ممنوع الجيش أن يتسلّح، قال جنبلاط: "لم أتحدث عن التوازن. والجميع يعلم للوصول الى التوازن، لا بد من جهد مالي وعسكري جبار لا نملكه ولا أي دولة عربية محيطة، لكن على الاقل يُسلم هذا الجيش الحد الادنى من السلاح، مضاد للدروع ومضاد للطائرات، والجندي اللبناني مقاتل ومقاتل شرس يسطيع أن يصمد."
ورداً على سؤال حول إلى أين ستصل اسرائيل؟ وما هي أطماعها الجديدة في هذه الحرب؟ قال: "يقولون الذريعة حزب الله، وهذا كلامهم، والقضاء عليه، نسمع بخطط إستيطانية والوصول الى ما بعد الليطاني وبالعودة الى نظريات نعود فيها الى أيام التوراة، الى العهد القديم، الأفضل ان نعرف الحقيقة!"
وعن موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول القضية الفلسطينية في قمة قازان، وتقييمه للرؤية الروسية، قال جنبلاط: "الرئيس بوتين مُحق في طرحِه الدولة الفلسطينية كحل، وسمعت ايضا بيانا بعد زيارة بلينكن إلى المملكة العربية السعودية بالدولة الفلسطينية، ونفس الشعار نسمعه من هنا وهناك، فقط أتساءل مساحة فلسطين في محادثات أوسلو، قيل ان الضفة الغربية هي الدولة الفلسطينية المقبلة، اليوم في الضفة الغربية هناك أكثر من 500 الى 600 ألف مستوطن على أرض الدولة الفلسطينية المفترضة، هل يستطيع الرئيس بوتين والامير محمد بن سلمان وغيرهم من الدول والرؤساء ان يفرضوا على إسرائيل عودة هؤلاء الى فلسطين 48 واقامة هذه الدولة؟ سؤال مشروع."
وتابع "المملكة العربية السعودية تنادي بالدولة الفلسطينية كما تنادي بها إدارة محمود عباس، لكن عمليا هناك استيطان على كامل فلسطين التي احتلت عام 1967، السؤال هل ستسمح اسرائيل بإقامة الكيان الفلسطيني على ارض ترى فيها أرض الميعاد؟. هذا سؤال سياسي وثقافي وديني."
ورداً على سؤال اذا كان يمكن لمشروع "الشرق الاوسط الجديد" أن ينجح وكيفية التصدي له، قال جنبلاط: "أتمنى أن لا ينجح، أتمنى قيام الدولة الفلسطينية مع أن هناك نواقص كبرى، ورأيي ان محادثات أوسلو كانت حوار من أجل حوار ومشروع الدولة انتهى، ربما أكون مخطىء. لكن اليوم ما قاله نتنياهو بالتأكيد يعود الى فكرة رايس بأن هناك شرق أوسط جديد مبني على معطيات جديدة، معطيات الفوضى أو بالاعتراف المطلق بالحق الفلسطيني المسلوب منذ وعد بلفور الى اليوم".
وعن احتمال امتداد الحرب لتشمل الجبهة السورية، قال جنبلاط: "لست هنا من كبار المحللين والاستراتيجيين، يكفينا ما يجري في لبنان والهمّ اللبناني، وضرورة محاولة الخروج من الفراغ الرئاسي ومعالجة الفراغ بانتخاب رئيس وفاقي وأهمية وقف إطلاق النار".
وعن أهمية الاستحقاق الرئاسي، علّق جنبلاط: "جداً مهمة، ورأينا والحمدلله ان فرنسا موجودة وتفكر في لبنان وسيادة لبنان وضرورة الرئاسة، ولا شك أن الرئيس ماكرون متقدم عن سائر الرؤساء. بالأمس أتت وزيرة خارجية ألمانيا، مثل "طائر البوم"، يعني بشّرت بالخراب. ما هذه الوزيرة المحترفة بالسياسة والدبلوماسية؟!".
وتابع "لكن في لبنان وفي النقاش بين الفرقاء اللبنانيين، 1559 أو 1701، نبدأ بوقف اطلاق النار والقرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب، والجيش المعزز وهنا بأتي دور العرب والدول الكبرى، ثم الحوار في كيفية ضم سلاح المقاومة الى الجيش اللبناني وتجنيد هؤلاء العسكريين في المقاومة الى الجيش اللبناني، وهذه من الحلول التي طرحت من أيام رئاسة ميشال سليمان، ثم توقف الحوار للأسف."
وعن التحذير الغربي من سيناريو حرب أهلية وفتنة طائفية في لبنان، قال: "هي وزيرة خارجية لدولة كبرى، حضارية، كان من الممكن أن تستخدم تعابير مختلفة بديلة لكلمة الفوضى، لماذا سيكون هناك فوضى؟".
ولفت جنبلاط الى أن "هناك حرب فلا بد من تنظيم الحد الاقصى من المساعدات ومراكز الايواء للنازحين، مع التثمين العالي لمؤتمر باريس، والحوار الداخلي بما يتعلق بالقرارين 1701 و 1559 وبهدوء."
وانتقد جنبلاط بعض الاعلام، وقال: "كفى هؤلاء تحريض، وهذا التحريض والتحريض المضاد، الذي يوقظ الفتنة ويحرض على الحرب الأهلية ويحرك الغرائز وبدل أن يبنى على الواقع والهدوء".
وعن مدى الرهان على الحوار اللبناني- اللبناني؟ اعتبر جنبلاط ان "كل شيء ممكن. ما من أحد يستطيع أن يملي إرادته على الآخر". وختم: "بإرادة حسنة ووضع الغرائز والعواطف السياسية جانباً نستطيع أن نصل الى ما نريده بالحوار. وليس هناك أي وسيلة إلا الحوار".