شارك وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي في المؤتمر الدولي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون من أجل لبنان، وذلك كعضو في الوفد الرسمي اللبناني الذي ترأسه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
وبمبادرة من ميقاتي، كلّف الحلبي متابعة ما ورد في خطابه الافتتاحي عن أهمية عدم خسارة عام دراسي وخصوصًا في صفوف الشهادات. وقدم الحلبي للرئيس الفرنسي خطة وزارة التربية والتعليم العالي شارحًا شمولها لكل القطاع التربوي، وسلّمه إياها يدًا بيد.
وطلب ماكرون إلى مستشاره السفير إيمانويل بون المتابعة مع الحلبي، وقرّر إيفاد بعثة إلى بيروت لمناقشة كيفية مساعدة القطاع التربوي في هذه الظروف المعقدة.
وقد وردت مضامين ورقة الحلبي في الخطة ونصّت على الآتي:
"سيدي الرئيس،
اسمحوا لي بأن أعرض بإيجاز الوضع التعليمي في لبنان خلال هذه الفترة الحرجة. منذ أسابيع، يعيش لبنان حال طوارئ إنسانية غير مسبوقة نتيجة العدوان الإسرائيلي. فقد دمرت الضربات مناطق واسعة من الجنوب، البقاع، الضاحية الجنوبية، وحتى وسط بيروت. وقد أدت هذه الهجمات إلى دمار هائل، حيث تضرّر في شكل خاص قطاع التعليم الذي كان يعاني أصلاً.
الأرقام صادمة:
400,000 تلميذ لبناني، 110,000 تلميذ سوري، 35,000 تلميذ فلسطيني، و90,000 طالب في التعليم العالي نزحوا.
أكثر من 45,000 معلم لم يعودوا قادرين على القيام بمهامهم.
50% من طلاب الجامعة اللبنانية نزحوا، وأُغلقت العديد من الجامعات الخاصة التي تضررت بسبب القصف، ما أثر على 52,000 طالب.
600 مدرسة حكومية وخاصة، 60 مؤسسة تعليم تقني، و19 مبنى جامعي تُستخدم اليوم كملاجئ للعائلات النازحة، بدون توفر كافٍ للمياه الصالحة للشرب، الكهرباء، أو الرعاية الطبية.
ورغم حالة الطوارئ، تظل المساعدات الدولية غير كافية لمواجهة الاحتياجات الإنسانية والتعليمية الهائلة.
في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة، تستمر وزارة التربية مصممة على الحفاظ على حق الجميع في التعليم، سواء أكانوا في التعليم العام، التقني والمهني، أو التعليم العالي. تعتمد استجابتنا على أربعة أهداف استراتيجية رئيسية، والتي لا تهدف فقط إلى البقاء، بل إلى تعزيز الصمود والأمل بمستقبل لبنان.
الهدف الاستراتيجي الأوّل: ضمان الوصول إلى تعليم شامل وجيد للجميع نحن ملتزمون بضمان حصول كل تلميذ على التعليم، بغض النظر عن العوائق التي يواجهها. ويتضمن ذلك تبسيط إجراءات التسجيل، وتوفير الأدوات اللازمة للمعلمين والطلاب، وإنشاء بيئات تعليمية آمنة وقابلة للتكيف سواء في الفصول الدراسية، أو في المراكز المجتمعية، أو عبر المنصات الرقمية. يجب أن يستمر التعليم لأن التعلم هو أساس التعافي والأمل.
الهدف الاستراتيجي الثاني: تقديم الدعم النفسي والاجتماعي التعليم لا يقتصر على المحتويات الأكاديمية، بل هو أيضًا مسألة إنسانية وشفاء. في أوقات الأزمات، تصبح المدارس طوق نجاة، توفر الاستقرار والدعم العاطفي للأطفال والمعلمين الذين تغيرت حياتهم. يجب استعادة الأمل، ولهذا السبب نضع العناية النفسية والاجتماعية على رأس الأولويات.
الهدف الاستراتيجي الثالث: تعزيز دور المعلمين كدعائم أساسية للتعليم الجيد المعلمون هم العمود الفقري لنظامنا التعليمي والمفتاح لمستقبل لبنان. في هذه اللحظة الحرجة، نحن ملتزمون بضمان رفاهيتهم من خلال تقديم المساعدات المالية، والدعم النفسي، بالإضافة إلى تطويرهم المهني لضمان استمرارهم في تقديم التعليم الجيد. إن تمكين المعلمين سيضمن بناء مستقبل مستدام.
الهدف الاستراتيجي الرابع: بناء نظام تعليمي مرن وقادر على الاستجابة للأزمات يجب أن يكون نظامنا التعليمي مرنًا وقادرًا على التكيف مع الأزمات الحالية والمستقبلية. نحن نعمل على تطوير قدرات النظام لضمان استجابته السريعة والفعالة من التخطيط إلى التنفيذ. إن بناء المرونة ليس مجرد رد فعل، بل هو ضرورة لضمان مواجهة التحديات الحالية والتحضير لمستقبل أكثر قوة واستدامة.
يظل قطاع التعليم في لبنان، الذي كان على طريق التعافي المستقرّ والمواكب للتطورات العالمية، رمزًا للأمل والابتكار. ورغم الأزمة، تظل اللغة الفرنسية جزءًا أساسيًا من هويتنا التعليمية، حيث تربط لبنان بالعالم وتعزز دوره الفريد داخل المجتمع الدولي الناطق بالفرنسية.
من خلال هذه الأهداف، نحن لا نحمي التعليم فحسب، بل نضمن أن يكون محركًا للصمود والتعافي وتجديد دور لبنان على الساحة الدولية".