إبل السقي... عروسة البلدات

22 تشرين الأول 2024 14:30:10

لا يختلف إثنان في وادي التيم وبوابة جبل عاملة عن الرقي الذي يطبع أهلها وما فيه من تعالٍ في الأخلاق وصفاءٍ في الوطنية وسموٍ في التعاطي، فهي تضم في جنباتها تعدداً إيمانياً سهّل على أهلها توحداً في الولاء للأرض والتاريخ، وإذا كانت تتآخى مع كوكبا في الهرماس ويتهادى رعاتها مع زملائهم في بلاط ودبين في منجيرة الرعاة فلا تبتعد إلا قليلاً عن الجديدة جامعة العيون في الفرح ودموع البكاء ولا تطل على الخيام العربية إلا بمقام الداعي عمار (قدّس الله سره) وهناك تتشارك معها في عذوبة النبع المدرار...
في إبل السقي صباحك صباح للعرقوب كلّه ولما ورائه من الجولان الأبي وهكذا تعبر شارعها بادئاً بالكنيسة الإنجيلية وتتأنق بناديها الأرثوذكسي وصولاً إلى كنيسة مستقيميها ماراً بمبنى بلديتها الجامع مع موقف الموحدين الدروز وخلواتهم المباركة، تعرفت إليها في بداية السبعينيات قبل أن أتعرف لمثقفيها زملاءً وطلاباً في ثانوية مرجعيون الرسمية،
فرزتها مع المرحوم السائق فارس البحري مستطلعاً وضع حزبنا التقدمي الإشتراكي موفداً من مفوض الداخلية حينها الرفيق المناضل محسن دلول وبمتابعة من أمين سره الرفيق عاصم يوسف حسن...
وكان لقاؤنا الأول في منزل رجل الأنس والمودة سلمان الحكيم الذي رحب بنا بحضور أخويه خزاعي ونسيب وجاره جابر أبوجابر واكتمل عقد التلاقي مع رفاق المعلّم كمال جنبلاط بعدد لا يقل عن 15 رفيقاً من مستقيمي العقيدة ومستقيمي الإرادة ممن تجاوزوا الستين من العمر يجمعهم الوفاء للرسالة ومخاض الجهاد في تأديتها وضعف حاسة السمع التي جعلتني محاوراً ودوداً أكثر من اللزوم وممن لا يمكن لي أن أنساهم مع المعذرة من الرفاق والأحفاد ممن تغيب أسماؤهم من الذاكرة: المرحومون يوسف مقبل سعادة المدير الذي يؤتمن على محضر جلسات قديم يبدوعليه الإهتراء وعلم ٍ للحزب ملفوفاً بالقماش الأبيض ويظهر بأبهى صوره... وجاره أبوعساف جرجس الراسي وقاسم فندي غبار وحسين أبوحمدي منذر وأبوهايل علي غبار وأبوأكرم سلمان منذر وأبوزياد جميل منذر ويوسف وجميل نصار وأبويوسف حمد غازي – العمّار الذي بنى مدفن شهداء حاصبيا سنة 1959 وأبوفايز سلمان سعيد غبار ووهيب غبار وخزاعي سلوم. وفي نهاية اللقاء الأول كان العهد للمعلّم أن يعملوا أن تكون رسالته في القيم والوطن والعدالة والحرية والعروبة متلازمةً مع ميراث الحجر والجنائن والحقول من نبع الخير إلى مجرى الحاصباني إلى السهول الغنية وهكذا توارث الأبناء والأحفاد وما زالوا على العهد باقين...
ولا يمكن أن تحكي عن إبل السقي وإلا وأن تذكر محطات ثلاث لازمتها بهمة أهلها وفكرها السياسي الذي كانت له ميداناً نضالياً مع رفاق صادقين في الحركة الوطنية اللبنانية من شيوعيين مثقفين وقوميين أباة وهذه المحطات تكمن في ثلاث:
1- القلعة الوطنية للنضال السياسي والإجتماعي تكاد تكون طليعية وتتنافس أحياناً مع الجديدة والخيام.
2- البلدة النموذجية في ستينيات القرن الماضي بجهد من المغفور له رئيس بلديتها المرحوم رياض أبوسمرا وبدعم من أهلها الطيبين الرائعين.
3- المحطة الأممية لجنود الأمم المتحدة – اليونيفل منذ 1978.

فإلى أهلها كلهم وإلى شيوخها وشبابها وكهنتها ومستقيميها كل التحية والتقدير على أملٍ أن يعودوا إليها مرفوعي الرأس والكرامة رافعين شارات النصر مغدقين سلال الورد على أضرحة الشهداء عربون محبةٍ للوطن وسأسمح لنفسي أن أحيي رعيلها الأول ووارثي الكرامة والنضال من كنج وبهجت غبار إلى غسان الحكيم ومهنا منذر وإلى روح الشهيد فريد كايد حسون وإلى الرفيق كمال البقاعي وعميد الأدب الشعبي الأستاذ سلام الراسي وإلى الأعزاء الذين لا يمكن نسيانهم رفاقي في جيش التحرير الشعبي يوسف فرج وزياد منذر ومجيد منذر والكثيرين من أبنائها...
للأحياء منهم قبلات وللغائبين الرحمة والرضوان.