Advertise here

"معاريف": تهديدات إسرائيل بضرب لبنان تخدم "حزب الله"!

04 كانون الثاني 2019 09:49:00 - آخر تحديث: 02 أيار 2020 14:58:58

يتسحاق ليفانون - محاضر في المركز المتعدد المجالات، وسفير سابق في مصر وفي مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف

عدم الأخذ في الاعتبار التاريخ الطائفي الحسّاس في لبنان، وعدم الفهم الدقيق للطريقة التي تُدار فيها الحياة السياسية والاجتماعية في هذه الدولة طوال عقود، كانا في أساس الأخطاء التي ارتكبناها في حرب لبنان الأولى. وفي رأيي أننا على طريق ارتكاب الأخطاء عينها.

تتنافس القيادة الإسرائيلية بين بعضها البعض بشأن مَن يعبّر بحدّة أكثر إزاء الدولة المجاورة. المتحدثون هددوا بمهاجمة البنى التحتية، أو كما قال سفيرنا في الأمم المتحدة في مناقشة خاصة في مجلس الأمن لموضوع الأنفاق: "إذا تجرأ حزب الله على مهاجمة إسرائيل - سندفنه تحت الخراب الذي سيحيق بلبنان". 

هذه التهديدات ليست فقط غير قابلة للتنفيذ، هي أيضاً مؤذية.

من المشروع القول إن لبنان كدولة ذات سيادة مسؤولة عمّا يجري داخل أراضيها. ومن المشروع أيضاً مطالبتها بالعمل وفقاً لذلك. لكن تهديدها بالدمار لأن حزب الله يستغل ضعفها ليس مفيداً لنا. الرأي العام الدولي لن يتحمل ذلك، وأصدقاؤنا في العالم لن يقفوا إلى جانبنا عندما يروا الدمار ومعاناة السكان.

حزب الله هو تنظيم إرهابي وهو عدو لنا. ويجب أن نتعامل معه بهذه الطريقة من جانبنا، وأن نضربه أيضاً عند الضرورة. العالم سيفهم ذلك، لأن دولاً كثيرة اعتبرته تنظيماً إرهابياً وليست راضية عمّا يجري في لبنان.

أيضاً أغلبية الطوائف في لبنان التي تشكل نسيجاً اجتماعياً حسّاساً للغاية، تعتبر الأنفاق خطراً حقيقياً على وجود الدولة. المعسكر الدرزي بزعامة وليد جنبلاط، القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، الكتائب برئاسة سامي الجميل، ومعسكر المستقبل التابع للحريري - جميعهم يعتبرون حزب الله عاملاً سلبياً، وهم قلقون على مصير بلدهم. كلما قوّينا هذه الطوائف كلما قلّصنا تأثير حزب الله. إذا نفّذنا تهديدنا بتدمير البنية التحتية في لبنان، سندفع بأيدينا هذه الطوائف إلى أحضان حزب الله، وهي ستضطر إلى التعبير عن تأييدها له و"لبطولته" في الدفاع عن الوطن.

يتعين على إسرائيل أن تفهم هذه الحقائق، وأن تعمل بما يتلاءم معها لتعزيز الاتجاه المعادي لحزب الله الموجود داخل لبنان. والحزب، كما هو معروف، هو تنظيم ذو أهداف معادية لنا. المواجهة معه ستُستقبل بتفهُّم من الأطراف الداخلية اللبنانية وأيضاً من المجتمع الدولي. 

والتهديد بردّ قاصم ضده هو شرعي. لكن ليس شرعياً الرد القاسي الذي سنوجهه إلى الحكم المركزي في لبنان.
الفهم الدقيق معناه فهم الصعوبات الداخلية - اللبنانية القائمة. والفهم الدقيق معناه تجنيد المعارضين لحزب الله لإضعافه وللسماح لنا بضربه بقوة - إذا فعلاً نفّذ تهديداته ضدنا.