فيما الحرب الإسرائيلية تستعرّ على لبنان، بدأ دور سعودي إنساني على غرار ما كان يحصل في الماضي لإغاثة الشعب اللبناني بمعزل عمّا يشكله الخلاف السياسي بين المملكة العربية السعودية وحزب الله. عن هذا الدور وماذا يمكن للسعودية أن تقوم به؟ وكيف يمكن للسعودية التخفيف من وطأة الأزمة والمساعدة للوصول إلى إنتخاب رئيس للجمهورية؟
كل هذه الأسئلة والهواجس يُجيب عنها السفير السعودي السابق في لبنان، علي عواض عسيري، في مقابلة مع جريدة الأنباء الإلكترونية.
وإليكم نص المقابلة:
-لا ينسى اللبنانيون الدعم الدائم لبلدهم من المملكة العربية السعودية، واليوم يتجلى ذلك من جديد بالدعم الإنساني والمساعدات التي تأتي عبر جسر جوي. ماذا عن تفاصيل هذا الدعم؟
لبنان يُعاني اليوم، والمملكة كانت ولا تزال حريصة على دعم لبنان في كل مراحله، هناك جسر جوي من مركز الملك سلمان حفظه الله لدعم جميع النازحين اللبنانيين دون أي تمييز كما أن المملكة لم تُميّز يوماً بين اللبنانيين بناءً على طائفتهم أو إنتماءاتهم السياسية. وهي لا تنظر إلى لبنان من منظور طائفي، بل تراه وطناً وشعباً عربياً واحداً.
-من يتحمّل المسؤولية فيما وصلت إليه الأمور اليوم في المنطقة؟
المسؤولية مزدوجة فهي تقع على عاتق كافة السلطات السياسيّة التي تعاقبت على الحكم على مدى سنوات والتي لم تنفذ اتفاق الطائف وتنازلت عن القرارات الدولية، وعلى حزب الله الذي هيمن على القرار الوطني، وعلى إسرائيل طبعاً ولكن لم يكن على لبنان أن يُعطيها ذريعة لتنال بهذه الحرب الوحشية من لبنان وشعبه
-هل لا يزال هناك مجالاً للحلّ بشأن الحرب؟ وأيّ حل تتصوّره؟
أرى أن الحل هو بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي يقضي بوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله. ولكنني أشك أن إسرائيل لن تقتنع بالـ1701 ولا الـ1559 ونتنياهو يقول بكل وضوح إنّه لن يُفاوض إلّا تحت النار وهذا يعكس سوء نيته.
-وماذا عن الدور الإيراني من غزة إلى لبنان؟ وكيف ترى الواقع في ظل ما يتعرض له حزب الله من اغتيالات، وكذلك حماس؟ هل هذه التطورات تؤسس لتسوية من أجل وقف الحرب في غزة؟ أم العكس؟
لقد خسر حزب الله الكثير من قياداته، ومعاناة اللبنانيين اليوم طاولت آلاف الأبرياء الذين هجروا ونزحوا وشردوا من ديارهم بسبب هذه الحرب. وبالتالي حزب الله لم يعد قوة رئيسية في الساحة اللبنانية، بل هو اليوم بحاجة إلى إعادة تقييم موقفه في ظل الخسائر التي تكبدها. لقد حان الوقت أن يعيد الحزب النظر في سياساته السابقة، وأن يجعل مصلحة لبنان واللبنانيين أولاً وأخيراً كفى إعطاء المجرم نتنياهو ذريعة ليستمر في وحشيته في قتل النساء والأطفال وتدمير المباني. ومطلوب من الحزب التصالح مع جميع الأطياف اللبنانية وقد أثبتت الأزمة الأخيرة روح التضامن الوطني بين الطوائف المختلفة. وما شاهدناه خلال الأزمة من إحتضان الطوائف اللبنانية لأبناء الجنوب النازحين وإيوائهم في منازلهم، هو رسالة واضحة للحزب ومؤيديه بأن اللحمة الوطنية لا تزال قوية. وأن الوقت قد حان لإعادة بناء جسور الثقة بين كل الطوائف اللبنانية.
بالنسبة لإيران، للأسف انها بدعمها وهيمنتها على قرار حزب الله ودفعه لإسناد حماس أعطى ذريعه لحكومة اسرائيل المتطرفة لترتكب بوحشية هذه الجرائم. وللأسف إن ما يجري تناقله مؤخراً ان هناك ضباطا إيرانيّين يُشرفون على المعارك في لبنان فاذا ثبت ذلك فهو يعني أن إيران تُقاتل خارج أراضيها وبغير شعبها. ويبدو أنها ليست جادّة في مواجهتها مع إسرائيل والشعب الإيراني سئم من الحروب.
أما إغتيال السنوار فلا أعتقد أن إغتياله سيكون حلاً لإنهاء الحرب على غزة لانه سيخلفه قائد آخر وسيستمر في نهجه.
-الملف الداخلي اللبناني متأزم كذلك، أين أصبحت مساعي الحل في هذا الملف؟
ما هي المعطيات عن الحركة التي أجرتها الرياض للمساعدة في إنتخاب رئيس؟ وهل هناك من تحرك سياسي سعودي إستكمالاً لدور المملكة المستمرّ؟
يجب الدفع بإتجاه إنتخاب رئيس يحظى بتأييد داخلي وخارجي، فلبنان بحاجة إلى رئيس يتميز بالحنكة السياسية وبعد النظر والكاريزما ويستطيع التواصل مع جميع القوى السياسية ومع رؤساء الدول لدعم لبنان اضافة الى إدارة البلد في هذه المرحلة الصعبة، وبخاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان. والمملكة لن تتدخل في الشأن اللبناني ولن تسمي رئيساً للبنان وموقفها هو حث القوى السياسية لانتخاب رئيس بأسرع وقت وسياسة المملكة هو عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد.
كما يجب الاسراع في تشكيل حكومة ثقة مؤهلة ومتجانسة لانقاذ لبنان سياسياً واقتصادياً
كما انه مطلوب رعاية حوار وطني يدعو له الرئيس المنتخب لايجاد الحلول اللازمة وتقريب وجهات النظر في القضايا الخلافية ومن المهم تعزيز دور الجيش اللبناني ونشره على كافة الاراضي اللبنانية وان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وابعاد لبنان عن سياسة المحاور.
-هل من خيارات أمام لبنان لإيقاف الحرب؟
أرى أن الخيار الوحيد لايقاف الحرب ولاستعادة لبنان سيادته الكامله هو العمل على تنفيذ القرارات الدولية والعمل الجاد لتنفيذ اتفاق الطائف والتوقف عن التطبيق الإنتقائي لبنوده.
-كيف تسعى المملكة للعمل على المساعدة في بلورة حل عطفاً على موقف سمو وزير الخارجية أمام الجمعية العمومية؟
أكد سموه على ضرورة الحفاظ على الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة وتنظم المملكة الى الجهود الدولية الهادفة الى ترسيخ اتفاق وقف فوري لإطلاق النار ليتيح المجال الى التوصل الى تسوية دبلوماسية مستدامة كما تدعو المملكة جميع الأطراف الى التحلي بالحكمة وضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب ومأسيها.
-ماذا عن الاوضاع في اليمن؟
المملكة حريصة على عودة السلام الى اليمن الشقيق ورفع معاناة شعبه والدفع حول الحلول السياسية ليعود الاستقرار في اليمن.