والكلمة ذخيرة سلام
18 أكتوبر 2024
17:05
آخر تحديث:18 أكتوبر 202417:22
Article Content
تتراصف الحروف تتشابك تتشارك الإتحاد لتقول أنا الكلمة، هي ليست حروف تلاقت صدفة، بل زخرت بها المعاجم معانٍ معَلِّمة، رصيد البشرية منذ أن نطق الحرف كلاماً، ذخيرة سلاح للسلام بوجه ذخائر الحرب، فهي كالرصاصة إن أطلقتها لن تستردها، لكن هل تقوى على الرصاصة؟
تتراصف الكلمات فتُشيِّد سطوراً، فتنشىء تأثيرات إيجابية أو سلبية في شتى الميادين، فما تأثيرها وأثرها في الحروب المستشرية والمستشرسة قتلاً ودماراً؟ كتلك التي يشهدها وطننا حيث يستخدم العدو الأسلحة المحرمة دولياً، يستهدف الأبنية السكنية المأهولة بالأبرياء المدنيين، يقصف الهيئات الصحية والمستشفيات الدفاع المدني الجيش وحتى اليونيفيل وهي قوات أممية مهمتها أصلاً حفظ السلام ولهذه المهمة استحضرت إلى الجنوب، والتي تشكل جرائم حرب جرائم ضد الإنسانية التي أدرجت تجريماً وعقاباً في القوانين والاتفاقات الدولية، ولم يكترث لها العدو، فكيف للكلمة أن تردع هذه الوحشية والإجرام؟
هو التساؤل المنطقي كيف لمنطوق الكلمة كلمة الفصل بواقع النزاعات المسلحة، لتحلّ حلاً لإنهائها؟ هي نطق كلمة الحق وإجهارها على المنابر الدولية، لنجد أنها حُكم الحَكم، هي نطق مطرقة العدالة والإنصاف وتطبيق القانون بإدانة العدو على جرائمه تحت قوس محكمة العدل الدولية، أين هي من تسميتها وشعارها ومهامها؟ الكلمة تتجسد بقرارات الأمم المتحدة التي تلزم بوقف إطلاق النار، هي مواقف الهيئات الدولية والأهلية ولتكن بمثابة ورقة ضغط على العدو لإيقاف عدوانه المجازر والإبادة التي يرتكبها تحت أنظار العالم غير آبه للشرعية الدولية للأخلاقيات المبدئية بالحرب وللإنسانية، وأن لا تكون توصيات او تمنيات أو مجرد تسجيل موقف، ما المطلوب من المجتمع الدولي لفرض إنهاء الحرب، ألا يكفي آلاف الشهداء والجرحى في وطن تطاير رماداً وأشلاء، يراد منه غزة أخرى؟
هنا الكلمة للبنان، لبنان وطن الصمود التحديات والتضحيات، كلمة لبنان الرسمي بالشكاوى لمجلس الأمن عن جرائم العدو، والحراك الحكومي والسياسي ولجنة الطوارىء والوقفة التضامنية الشعبية لإحتواء الأزمة واستيعاب النزوح، من هنا الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية يمثل الدولة اللبنانية وحامل قضاياها في المحافل الدولية، في هذه المرحلة الخطيرة هي الكلمة للدعاء والصلاة والتلاقي العابر للمناطق والطوائف، هي نداء القمة الروحية يندد بالحرب وتداعياتها وينادي بالوحدة والسلام.
لساحات القتال والعمليات العسكرية رفيق يسهم في استقوائها وقد ينافسها حديّة يتجلى بالحرب النفسية، حيث تلعب الكلمة على "الوتر الحساس"، منها ما يَرِد من إنذارات وتهديدات مفبركة وغير صحيحة التي تتسبب بالذعر والهلع والإرباك، وأيضاً للشعراء كلمة يستلهمون القصائد لإستنهاض وإحياء الروحية الثائرة، على سبيل المثال "غابت شمس الحق" و"الله معانا أقوى وأكبر من بني صهيون ..."، من أعظم ما يقال في هذه المرحلة.
كلمة الميدان تنطفىء بمسارين، إما بمنتصرٍ وإما بالقرارات الدولية والجهود الديبلوماسية، الأول مسار استنزاف طويل، والثاني ينهي حرباً إقرار بقرار، ليتمحور السؤال كيف لبعض أركان المجتمع الدولي حليف العدو يؤيد ضرباته ان ينهي الحرب، في معادلة الخصم والحكم، لن يطلق "صفارة" إنهاء المعركة ولن يعطِ العدو البطاقة الحمراء. فبمَ يوصف مَن يخالف القانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب ليعيد سكان الشمال بحدود "آمنة"؟ معادلة الكيل بمكيالين، ما جعله يقصف مواقع اليونيفيل لإبعادها كيلومترات إضافية.
الكلمة تستطيع إسكات المدفع وبإمكانها فتح باب جهنم، فهي القيمة المباشرة لإنهاء الحرب عبر القنوات الديبلوماسية والقرارات الأممية لإنقاذ هذا الوطن، والا ستسود "شريعة الغاب"، الغلبة للقوي ومن يصمد أكثر، النار بالنار، في ظل التوجه لخلق شرق أوسط جديد، وتحويل لبنان لأرض محروقة... لتبقى الكلمة ذخيرة سلام.