فيما يواصل لبنان الرسمي تكثيف الاتصالات بهدف توفير ضغط دولي حقيقي يوقف العدوان الإسرائيلي عليه، فإنّ التطور العسكري الأبرز أمس كان استهداف اسرائيل لثلاثة مواقع للقوات الدولية في الجنوب، خاصة في رأس الناقورة حيث أصيب جنديان دوليان بجروح، الأمر الذي لاقى موجة استنكار وشجب لاسيما من الأمم المتحدة بطبيعة الحال، ومن الدول المشاركة في قوات حفظ السلام، وهو استهداف مباشر ومقصود بالدرجة الأولى محاولة من تل أبيب لترهيب القوات الدولية ومنعها من القيام بعملها، وربما لإفراغ المواقع المستهدفة.
ومع تكرار محاولات قوات الإحتلال الدخول الى الاراضي اللبنانية عبر الخط الأزرق سُجلت أمس مواجهات عنيفة بين المقاومة والقوات الإسرائيلية في رأس الناقورة، حيث تمكنت المقاومة من تدمير دبابة ميركافا وإيقاع العديد من عناصر القوة المتقدمة بين قتيل وجريح. فيما تصدت المقاومة لمحاولة أخرى بين بلدتي ميس الجبل ومحيبيب، وقرب جبانة يارون.
أما على صعيد الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين فقد واصلت طائرات الإحتلال قصفها لمبان سكنية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وصولاً إلى العاصمة بيروت حيث استهدفت غارة اسرائيلية مبنى سكنياً في النويري نتج عنها استشهاد 22 شخصا وإصابة 117 آخرين وفق حصيلة لوزارة الصحة. ويعد هذا الاستهداف الثالث في العاصمة بيروت بعد غارتي الكولا والباشورة قبل أيام. وفي حين قالت وسائل إعلام عبرية أن الغارة على بيروت استهدفت مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، أكدت مصادر الحزب أن صفا نجا من الاستهداف.
سياسيا تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري حركته المكثفة، فالتقى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في عين التينة وكذلك السفير القطري الشيخ سعود بن عبد آلرحمن آل ثاني، بدوره أجرى الرئيس ميقاتي مروحة اتصالات شملت عدداً من المسؤولين في الدول الشقيقة والصديقة، كما أجرى اتصالاً مع الجانب الفرنسي من أجل الضغط لتحقيق وقف لإطلاق النار.
كما دعا ميقاتي لعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم لمعالجة الأمور الطارئة الخاصة بموضوع النازحين الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون ومئتي ألف نازح. وأشارت مصادر حكومية لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن مأساة النزوح من المناطق المستهدفة بالغارات الإسرائيلية تجاوزت قدرات الدولة الاستيعابية. وتحدثت المصادر نفسها عن تأمين أكثر من 1000 مركز إيواء، وان الاتصالات تركزت على توسيع هذه المراكز وتأمين المستلزمات من فرش وبطانيات إضافة إلى المستلزمات الصحية والغذائية.
من جهة ثانية تحدثت المصادر عن إشارات إيجابية بشأن اللقاء الثلاثي في عين التينة الأسبوع الماضي وما صدر عنه من توصيات، وأن هذه الإشارات بدأت تصدر من قبل بعض الكتل النيابية التي تعي مخاطر هذه الأزمة وما قد ينجم عنها من تداعيات على الواقع اللبناني، واعتبرت أنه "قد يكون لبعض الأفرقاء وجهات نظر مختلفة، فهذا أمر متوقع في بلد مثل لبنان. لكن المهم في مثل هذه الظروف المصيرية التي يمر بها وطننا أن نكون حاضرين على المستوى الوطني من أجل العمل على انتخاب رئيس جمهورية وانتظام عمل المؤسسات قبل فوات الآوان".
الى ذلك تلقى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى اتصالا هاتفيا من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، للبحث في التطورات وتقييمها والتنسيق المشترك لآفاق المرحلة والتشاور حول فكرة انعقاد قمة روحية تجمع القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، لمناقشة تداعيات الحرب العدوانية على لبنان واتخاذ المواقف المناسبة لإنقاذ البلاد وصون الوحدة الوطنية وقد أجرى الشيخ أبي المنى اتصالين للغاية عينها بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب.
وإذ ينتظر اللبنانيون من جميع الفعاليات والقيادات السياسية كما الروحية التلاقي على كلمة سواء لإنقاذ لبنان، فإن الرهان الحقيقي يبقى على تحويل كل هذه الإشارات إلى أفعال تضع الدولة على سكة الخلاص، قبل أن تأكلنا دوامة العنف على حد تعبير رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط.