Advertise here

أردناك أبًا لا شيخا..

09 آب 2019 08:36:00 - آخر تحديث: 09 آب 2019 08:37:12

أردناك أملا لمستقبلنا، فقصفت عائدا بنا الى الوراء، مُخيِّبا ظنّنا في مصالحة أسميناها بالتاريخية عن فرح وعن قناعة، مصالحة تطوي ليس خمسة عشر عاما فقط من النزاعات الداخلية، بل مئة وخمسين عاما من الحماقة الإستراتيجية التي فتكت بقوة المسيحيين والموحدين الدروز مؤسّسي فكرة لبنان النّزَّاع الى الحرية، فحجّمها وخانها وطعنها أمس وزير الخارجية ليعتبرها "غطاء روحيا" من غبطة البطريرك صفير للجهاز الأمني الحاكم وقتها كي يعتدي على الشباب في الساحات، في أسخف سيناريو يبرئ أعداء الأمس بعد أن أصبحوا أولياء نعمة اليوم. 

أردناك أملا لمستقبل اقتصادنا، فأوصلتنا الى الأيام العجاف، دون أن تعطينا ساعات نجمع فيها خبزا كفاف يومنا. 

أردناك  سلّما لمستقبل ننتقل فيه من التعايش المشترك الى العيش الواحد، فلعقتنا الأفاعي الرُّقَّط ونفخت من سمومها فوق ندوب الجراح، واعتلت منابرا من عظام الشهداء والضحايا طلبا لبضعٍ من فضّة المقاعد النيابية أو نشوة في الحصول عليها، ولم ينتبهوا لحقدهم أن اللاعبين حول الرقعة قد استبدلوا النرد بذرات اليورانيوم.

أردناك غير الزعماء الذين انتقدتهم من الخارج لاستقوائهم بقوى الأمر الواقع وتفصيل القوانين الانتخابية وفبركة الملفات القضائية، ففعلت ما فعلوه وأزود، استقويت بقوى الأمر الواقع وفصّلتَ قانونا مسخًا وغلّة أقربائك في سنينٍ زادت عن ثرواتهم، أما القضاء فصار في السماء. 

تمنّينا أن تكون مخلّصا للمسيحيين بعد عقود من المطالبة بالشراكة الحقيقية المحقّة، وتأملنا أن يعيدنا هذا التوازن الى حلم سويسرا الشرق، فأبدلت رسالتهم لنشر الرقي والعلم والحرية في هذا الشرق الى غطاء لحلف الأقليات ومخطّطاته. 

كتبت ما كتبت ليس حبا في المجادلات السياسية، بل وضعا لإصبعي على الجرح كما أراه -وعساني مُخطئ- كناشط في الحوار الاسلامي المسيحي ومؤمن به، وكمساهم في بناء السلم الأهلي وتعزيزه من عشر سنوات، وكعاشق للبنان جمهورية حرّة قائمة على المواطنة المتوازنة.

كتبت ما أدقُّ به ناقوس الخطر على زملائي ومعارفي في مجال الحوار، لضرورة إعلاء الصوت في رفض خطاب السياسة التي لا سقف أخلاقيا لها، يقتل فيه السياسي خصمه بكلام الاستفزاز والفتنة بما يفوق احتمال العامة. مطالبا إياهم حمل المسؤولية المعنوية في صيانة المصالحة، فالدور دورنا والمسؤولية علينا كي نتحرك في مثل هذه الظروف لا أن نعتلي المنابر ونتصدر الشاشات في أوقات الهدوء فقط، فهل يُعقل أن ندعها في أيدي من لم يتورع عن تحقير دور عظيم في تاريخ لبنان الحديث كالبطريرك  صفير الى عميل يُغطي روحيا اعتداء الجهاز الأمني السابق على المسيحيين؟