من الجنوب إلى الشمال: رحلة النازحين اللبنانيين في ظلّ الحرب

10 تشرين الأول 2024 08:00:00 - آخر تحديث: 10 تشرين الأول 2024 11:23:30

تواجه مناطق الجنوب اللبناني أوضاعاً أمنيّة متدهورة نتيجة الأعمال العدائيّة المستمرّة للعدوّ الإسرائيلي، التي تهدف إلى استملاك بعض الأراضي اللّبنانية. أسفرت هذه النزاعات عن تهجير الآلاف من السّكان، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للبحث عن مناطق آمنة بعد تعرّضهم لغارات وهجمات متعدّدة، مما ترك آثاراً عميقة على المجتمع اللبناني.
انقسم النازحون بين مناطق بيروت والشمال وعكار، بالإضافة إلى عدد من العائلات التي لجأت إلى سوريا، بعدما أدّى النزوح إلى اكتظاظ في المدن والقرى اللبنانية. جاءت هذه التّحركات لتجنّب تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الضغوط على البنية التّحتيّة والموارد المحدودة. تعاني العائلات النازحة من نقص حادّ في الخدمات الأساسيّة، حيث أُجبر كثيرون على مغادرة منازلهم سريعاً، تاركين وراءهم لوازمهم الشّخصية. وتواجه هذه العائلات تحدّيات يوميّة في تأمين الغذاء والماء والرعاية الصحية، ما يجعلها عرضةً للأزمات الإنسانيّة المتزايدة.
في ظلّ هذه الظروف الصعبة، قام عدد من المجتمعات بمبادرات فرديّة لدعم النازحين. وقد ساهمت منظمات إنسانيّة في تقديم مساعدات عاجلة لتوفير الحماية والرعاية اللاّزمة لهم. تضافرت جهود الشعب اللبناني في جميع المناطق، حيث قُسّمت الأدوار بين من أَمّن المساكن ومن وفّر الطعام، فيما عمل آخرون على جمع الملابس وتوزيعها لضمان حصول الجميع على الحدّ الأدنى من متطلّبات العيش.
 
ومع ذلك، يواجه الأطفال تحدّيات كبيرة في الحصول على التعليم، ما يؤثر سلباً على مستقبلهم. وتسعى جمعيات مختصة إلى التخفيف من معاناتهم من خلال تقديم الدّعم والتّرفيه، ما يساعدهم في تجاوز المشاهد المؤلمة التي عاشوها، خصوصاً أولئك الذين فقدوا عائلاتهم. فالتّعليم حق أساسي، ولكنّ واقع النازحين يجعل من الصعب تحقيقه لهم كما لسكان الشمال، إذ أصبحت المدارس الرسميّة ملاجئ، مما يُهدّد مستقبل جيل كامل.
للتعامل مع هذه الأزمة، تحتاج الحلول المستدامة إلى استراتيجيات شاملة تشمل تعاون الحكومة اللبنانية مع المنظمات الدوليّة والمحليّة. يجب أن تركّز هذه الاستراتيجيات على إعادة تأهيل المناطق المتضرّرة ودعم النازحين للعودة الطوعية إلى منازلهم، مع ضمان الحماية اللازمة خلال هذه العملية. إنّ التكامل بين كافة الأطراف أمر ضروري لضمان استدامة هذه الجهود.
 
في الختام، تظلّ قضيّة النازحين من الجنوب اللبناني واحدة من أكبر التحدّيات التي تتطلّب اهتماماً مستمراً على المستويين الدّولي والمحلّي. يجب تكاتف الجهود للتّخفيف من معاناتهم وضمان حياة كريمة وآمنة لهم، حيث إنّ استقرار لبنان وازدهاره يرتبطان بفعاليّة التعامل مع هذه الأزمة الإنسانيّة. إنّ التحرّك السريع والفاعل هو ما يحتاجه لبنان اليوم لضمان مستقبل أفضل لشعبه.